زيارة السفير الأمريكي في العراق ماثيو تويلر لسفارة مملكة البحرين هناك، زيارة مقدرة جداً ولها دلالاتها لقياس المصالح المشتركة ودرجة التعاون التي تطورت كثيراً مع قدوم إدارة ترامب الحالية، والتي نأمل أن نحافظ عليها ونبني عليها ما يهمنا سوياً كدولتين.

وهذا ما يقودنا إلى التفكير في كيفية تقوية تلك الأواصر الأمريكية البحرينية والحفاظ عليها واستمراريتها بما يخدم البلدين معاً وما يحافظ بالدرجة الأولى على مصالحنا المشتركة، إذ إن هذا هو المبدأ الذي علينا أن نتفق عليه جميعاً، أي مبدأ الشراكة والندية بمعناها الإيجابي، لا علاقة دولة صغيرة بدولة كبيرة، أو علاقة دولة تطلب الحماية بثمن كما يكرر الرئيس!

الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من الدول لديها في البحرين مصالح ومكاسب يوفرها موقع البحرين المتميز وتوفرها أنظمة دولة عريقة وتدعمها علاقات تاريخية مع حكم شرعي ومجتمع مدني منفتح على العالم قامت تلك العلاقات دوماً على الاحترام المتبادل، ولم تتعرض للاهتزاز إلا في عهد الإدارة السابقة التي نسفت علاقاتها التاريخية بحلفائها نسفاً كاد أن يكون قطعياً لولا أن استعادت إدارة ترامب الأمور من جديد.

وعلى الرغم من أسلوب الرئيس دونالد ترامب الفظ والغليظ والخالي من الدبلوماسية وعلى الرغم من حساباته المادية الصرفة التي تقيس العلاقات بسعر الدولار، والتي لا يخفف حدتها وثقلها على النفس إلا معرفة أنه يطبقها مع الجميع «ألمانيا وتركيا وبريطانيا وفرنسا.. إلخ» دون أي اعتبار دبلوماسي، فهذه هي شخصيته حتى مع زوجته!!

نقول على الرغم من ذلك كله إلا أن الدوائر الأمريكية السياسة الأخرى تعيد ضبط الأمور مع المتضررين دوماً وتصلح ما يفسده الرئيس لاحقاً، الأهم من ذلك كله أن المصالح المشتركة لا يجب أن تظل مرهونة مع هذه الإدارة أو تلك إن كانت جمهورية أو ديمقراطية بل هي بحاجة دوماً إلى مزيد من الخيوط والروابط التي لا تعتمد على الدوائر السياسية فحسب في كل إدارة جديدة، بالتحرك تعتمد على ديمومة العلاقة مع روافد القرار السياسي هناك.

نحن بحاجة إلى تعزيز العلاقات بين المؤسسات الأهلية المدنية الأمريكية البحرينية، كغرفة التجارة التي يجب أن تتحرك، التبادل الثقافي الأهلي لا بد أن يتحرك، الجامعات عليها أن تتحرك، وغيرهم من المؤسسات المدنية، وتخيلوا لو أن تلك القطاعات الأهلية «غرفة التجارة والمسارح والأدباء والجامعات وووو» نسقت العمل بينها وبين مثيلاتها في دول التحالف الرباعي وتحركت في الولايات المتحدة الأمريكية كمجموعة لها مصالح مشتركة فيما بينها فما هو الانطباع والرؤية لدى الأمريكان حول هذه الكتلة؟

ناهيك أن التحرك المشترك سيقلل الكلفة بين بعضها البعض حتى وإن كان ذلك بدعم لوجستي من الدولة، أي وفرت لها تذاكر السفر والإقامة وقامت سفارات الرباعي في الولايات المتحدة الأمريكية هناك بالتنسيق فيما بينها بترتيب تلك اللقاءات الرباعية مجتمعة.

نحن بحاجة للتفكير خارج الصندوق وبحاجة لديناميكية تعيد شكل العلاقات الخارجية بين الرباعي وبين الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الحفاظ على مصالحنا وديمومة ربطها بمصالح الآخرين، وأعتقد أن السفارتين الأمريكية عندنا والبحرينية في أمريكا ستدفعان بتبني مثل تلك الأفكار.