لا يمكننا قبول أن يكون الشاب البحريني يا معالي وزير العمل «مطية» للشركات والمسؤولين الأجانب، وجسراً لعبور مصالحها عندنا في البحرين. ولا يمكن أن تُكمِل الشركة الأجنبية عقدها من توظيف ما تشاء من الأجانب عبر توظيف شبابنا البحريني بطريقة تحايلية، ثم بعد حصولها على مرادها تقوم بطردهم بطريقة مذلة.

ليس «تفنيش» شبابنا البحريني من عملهم دون أسباب أو لأسباب غير حقيقية من طرف الشركات الأجنبية هو كل مشاكل الباحثين عن العمل -وما أكثر مشاكلهم-، وإنما المصيبة العظمى هي عدم استطاعة وزارة العمل المعنية بحفظ حقوق الباحثين عن العمل من البحرينيين، من إنصاف الشاب البحريني في حال تم فصله لأسباب كاذبة!

فاطمة، فتاة بحرينية جامعية مميزة تم فصلها قبل مدَّة من إحدى الشركات بطريقة تعسفية. بعدها رشحت لها وزارة العمل وظيفة في شركة مشبوهة مقرها الدوحة. هذه الشركة لا تملك سوى المكتب، وبعض العمالة الأجانب. لدى الشركة حساب بنكي عند أحد المصارف غير الوطنية التي لا تقبل الإيداعات النقدية، كما رفضت بقية البنوك المحلية فتح حساب بنكي للشركة، ولا يوجد لدى الشركة سوى كومبيوترين فقط، كما لا يوجد لديها نظام إلكتروني «سيستم»، إضافة إلى أنها لا تمتلك أي أرشيف أو معلومات أو قسم بيانات، بل لا توجد بها أي أقسام أخرى، أمَّا الرواتب فإنها تأتي بطريقة غامضة من العاصمة القطرية وذلك عبر إدخال مبالغها في حساب أحد المسؤولين بالشركة المريبة.

ولأن فاطمة لم ترضَ بقبول عمل شركة أجنبية في البحرين بهذه الطريقة، ذهبت لوزارة العمل لأجل أن تقوم الأخيرة بالتفتيش على الشركة بشكل عاجل ولكن الوزارة حتى هذه اللحظة لم تحرك ساكناً، وما هي إلا يومان وإذا بالمدير الأجنبي وبعد 12 يوماً من عمل فاطمة لدى الشركة، قام بفصلها بطريقة مباشرة، حتى دون أي خطأ ارتكبته أو مخالفة أو حتى قبل أن تعطى إنذاراً شفهياً، وحين ذهبت فاطمة للوزارة لتبث شكواها، أخبروها بأن الوزارة لن تستطيع في حالها هذا أن تتخذ أي إجراء ضد الشركة، لأنها لم تكمل ثلاثة أشهر من العمل. بل سألوها، لماذا أصلاً قبلتِ العمل في هذه الشركة، وكأنها هي التي رشحت لنفسها الشركة وليس الوزارة!

تسرب لمسامع فاطمة من داخل الشركة المشبوهة بعد فصلها، بأن المسؤول الأجنبي الذي تسبب في الفصل، قابل خمس موظفات آسيويات كي يختار من بينهن محاسبة للشركة عوضاً عن فاطمة، وأخبر المسؤول الأجنبي، الموظف البحريني بأنه لن يرغب من الآن وصاعداً في التعامل مع البحرينيين!

هكذا تتم بهدلة شبابنا البحريني الجامعي في مسيرتهم للحصول على وظيفة تناسب مؤهلاتهم وكرامتهم ومكانتهم يا معالي وزير العمل، وفي حال تم فصلهم من أعمالهم فإن الوزارة ترفع يدها وتخلي مسؤوليتها بعدم الدفاع عنهم، مما يعني تسبب حالات من الفوضى والتهام الحقوق وتكسُّب الشركات الأجنبية من هذه العمليات غير الأخلاقية، وفوق كل هذا يظل سجل الشركة نظيفاً ونزيهاً لأنها فقط قامت بتوظيف شبابنا بطريقة شكلية لأجل أن تقوم بتوظيف الأجانب محلهم بعد اكتمال حصتها من الموظفين البحرينيين في سجلات الوزارة.

سؤال بريء لمعالي وزير العمل، لو كانت فاطمة التي أوردنا قصتها قبل قليل هي ابنتك، فهل ترضاها لابنتك؟ هل ترضى أن تتبهدل كل هذه البهدلة؟ ولعلمك يا معالي الوزير، هناك مئات من فاطمة وغيرها يعانون الأمرين، فالرجاء حل مشاكلهم بطريقة لا يهانون عبرها، فهناك تفاصيل معيبة حدثت أثناء بحث فاطمة عن العمل لا يمكن ذكرها هنا أبداً.