من عنوان المقال أبدأ، ومن وسط الغموض أكتب، ما الذي يحدث وماذا يدور في الأفق، هل نحن نسير وفق خطة واضحة أم هي اجتهادات تصيب أحياناً وتخطئ أحياناً أخرى؟

من الواضح أن هناك حلقة مفقودة، حلقة تاهت وتهنا معها كمواطنين، همزة وصل غائبة كان دورها إيضاح الفكرة للمواطن، المواطن الذي يقرأ في الصحف كم أن الوطن وصل لمرحلة متقدمة من التطور والرقي، ليعود ذات المواطن ويقرأ في ذات الصحيفة أن استعدادات الشتاء القادم بدأت عبر عدد من الصهاريج المختصة بسحب المياه.

الوطن وصل لمرحلة متقدمة من الجذب السياحي لدرجة أننا نرى سواحلنا مهملة دون تطوير، وحدائقنا ومنتزهاتنا تترنح بين سوء صيانة وبطء في التطوير.

الوطن وصل لمرحلة متقدمة في الاقتصاد ودعم القطاع التجاري وجذب الاستثمارات وتشجيع المشاريع الصغيرة، بينما عشرات المحال التجارية لم تتمكن من الاستمرار وأقفلت أبوابها وتحول أصحابها إلى متعسري الدفع.

الوطن وصل لمرحلة متقدمة حتى إن عدادات الكهرباء باتت متقدمة في سرعتها أكثر من الوطن ذاته.

الذي يجعل أو بالأحرى جعل المواطن في حالة من الزهايمر المبكر هو هل نحن متقدمون فعلاً أم أنها تصريحات صحفية، هل الحل الوحيد لمياه الأمطار هي الصهاريج، هل السواحل يجب أن تبقى هكذا دون مساس وما فعلته الدول السياحية بشواطئها كان خطأ فادحاً؟

هل من الواجب أن نشجع أصحاب المشاريع على بدء مشاريعهم الخاصة أم الأجدر أن نتركهم يواجهون مصيرهم المحتوم؟ هل كان مشروع العدادات الذكية مشروعاً سابقاً لأوانه وعصره، أم أننا بالفعل وقعنا ضحية خطأ فادح كلف الملايين من ميزانية الدولة؟

بالفعل نحن بحاجة إلى من يوضح ويشرح لنا الأسباب، أسباب عدم محاسبة المسؤول الذي خرج لنا بفكرة الصهاريج دون إيجاد حل دائم، المسؤول الذي أهمل السواحل التي من الممكن أن تدر الملايين على خزينة الدولة وتكون بمثابة المتنفس والجذب السياحي، المسؤول الذي ترك رواد الأعمال يواجهون مصيرهم المحتوم بالإفلاس والإغلاق والديون، وأخيراً وليس آخراً المسؤول الذي وقع على صفقة عدادات الكهرباء واستنزف جيوب المواطنين لولا تدخل سمو ولي العهد والذي أثلجت أوامره وتوجيهاته قلوب الجميع.

المحاسبة أمر مهم، بل أمر واجب، ولا بد من تفعيله، وهو جزء لا يتجزأ من مشوار بناء الأوطان، المحاسبة من جانب والشفافية من جانب آخر، فالشفافية تزرع الثقة بالمواطن، وتعمل على تعميق مبدأ المواطنة، لذا فالواجب إشراك المواطن في فهم خارطة الطريق والمستقبل الذي نسير إليه ونسعى له.

دعوني أكرر ما بدأت به، أشركوا المواطن في خطط مستقبل وطنه، أعلموه إلى أين تسير السفينة، وما هي الموانئ التي ستمر بها، وما هو الهدف الذي يجب أن نتعاون لكي نصل إليه؟ لربما هناك من أوصل كل تلك المعلومات للنواب، ولكن مع الأسف الشديد بعضهم ليس لديه هو الآخر آلية للتواصل مع المواطنين.

العنوان ليس بحاجة إلى شرح، أقولها بالعامية، «فهمونا لنفهم، فهمونا لكي نهدأ ونرتاح ونريحكم، فهمونا وتأكدوا أن إحنا راح نفهم...».