* كحالنا في كل عام نعيد كتابة بعض السطور التي اعتدنا كتابتها عند رحيل العام، واستقبالنا لعام جديد من أعمارنا. اعتدنا أن نذكر أنفسنا ونذكر من حولنا ونكتب بعض المعاني المعروفة عادة عند الناس.. ولكن غابت عن الأذهان تعمداً أو غفلة مع سرعة انقضاء الأيام التي لم نعد نفقه فيها الكثير! وها هو عام 2019 قد انقضى بذكرياته ومواقفه وأحواله، وانقضت تلك اللحظات التي كتبنا عنها وعشنا بمشاعرنا فيها كلمح البصر. نرصد هنا بعض السطور التي مررنا بها خلال 2019 بمواقف من هنا وهناك.

* في 2019 مرت العديد من المواقف التي علمتنا الكثير، فهي ليست المواقف المحصورة لهذا العام فقط، ولكن لربما مرت في أعوام أخرى عديدة من حياتنا.. ولكن اختصها الله سبحانه وتعالى وبأسلوب مغاير لحياتنا في مثل هذه الفترة من العمر.. بعض هذه المواقف جعلتنا نتغير.. وبعضها الأخير جعلتنا نغير أسلوب الحياة بصورة عامة. فشكرًا لعام 2019.

* من الملاحظ خلال فترات العام المنصرم أن البعض أضحى يغوص في تفاصيل حياته الصغيرة، ويرسمها كما هي أمام الملأ وبخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي التي أضحت كما هي وبصورة أكبر مما سبق «الحدث المباشر لأحداث حياتنا». فإن أردت تفاصيل حياة فلان فلا تتعب نفسك في البحث عنها هنا أو هناك.. فقط تابع حسابه لتعرف من هو وماذا يفعل وكيف يعيش وما هي أدق تفاصيل حياته حتى مع أقرب المقربين إلى قلبه!

* وسائل التواصل الاجتماعي أفقدتنا اللحظات الجميلة التي نعيشها مع أحبابنا، وأفقدتنا جمالية الحياة، فيوم بعد الآخر يغوص الجيل في هذه الوسائل التي يفترض أن تستثمر في أمور أخرى كثيرة في الحياة لها التأثير الأكبر على المجتمع. فلا تكاد تنقضي دقيقة واحدة من لقاءاتنا الحميمية إلا وترى الأصابع تلعب على أزرة الهاتف الصغير تعيش في أجواء العالم الافتراضي.. الممل في أحيان كثيرة.

* ومع تلك السلبيات التي يتضاعف أثرها يوما تلك الآخر لوسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها قربت لنا العالم وبتنا نستفيد من تلك المقاطع المسجلة التي كنا في يوم من الأيام نتمنى أن تكون بين أيدينا. فبات هذا الأسلوب هو أحد وسائل التربية التي يجب أن يستثمر جيدا في تربية الأجيال التي لم تعد تتأثر وتستوعب الأساليب التربوية البدائية.. فإن لم نستثمرها جيداً فإن الجيل سيتربى على القيم البالية التي يحاول البعض أن يغرسها في نفوس الأبناء وهم يعيشون أجواء العالم الافتراضي لحظة بلحظة.

* بعض العلاقات وصلت إلى طريق مسدود لأسباب متعددة، وأهمها أن أصحابها لم يفقهوا بعد بأسلوب المحبة الذي يجمعك بها، ولربما اختلطت لديهم الأوراق فضاعت حينها مضامين المحبة الحقيقية. مثل هذه العلاقات قد انتهت في أيام حياتك، وتبقى منها فقط معاني الاحترام والود الذي يجب أن تحافظ عليه مهما اختلفت وجهات النظر. فالمرء اليوم يجب أن لا يضيع من وقته الكثير ليكسب رضا فلان أو غيره.. فقط يكسب رضا المولى الكريم.

* أخفقنا في تحقيق بعض الأهداف والأحلام التي رسمناها في بداية العام.. السبب بسيط جيدا.. أننا لم نعرف الأسلوب السليم لتنفيذها.. أو تهنا في مضامين «التسويف أو الظروف المحيطة أو ضغط الحياة» وكلها كلمات رنانة لا تقنع أبداً..!! هذا الإخفاق يجب أن لا يتكرر في مسير الحياة مع إطلالة عام 2020 لأن الأيام «الخالية» أو التي ضيعتها في «القيل والقال» ومتاهات «فلان وغيره» لن تشفع لك عند الملك الديان.. سيشفع لك ذلك الأثر الخالد الذي تركته في الحياة.. فاحرص أن تكون أهدافك مرسومة بشكل جيد واغتنم الأوقات قبل أن ترحل بلا عودة، وتجنب ملهيات الأوقات ومضيعاته التي هي أحد الأسباب الرئيسة في الإخفاقات المتكررة في الحياة.. إذا أردت الإنجاز الحقيقي فكن صادقا مع نفسك أولاً ومع أسلوبك في الحياة.

* الغريب الذي لا يعرفك جيداً ولا يعرف من أنت، ولم يتمكن من أن يلتقي بك كثيراً أو يفهم أسلوبك في الحياة.. هذا الغريب هو من يقدر أثرك في الحياة، وهو من يعتز بسطور تكتبها للمجتمع.. فتكتشف فيما بعد أنه من يحرص على أن تكون واقعاً عملياً في حياته. بكل بساطة يشد على يديك ويشجعك ويدعو لك بالخير.. فشكرا له من أعماق القلب.

* حجم الأخطاء التي ارتكبتها في ذلك العام المنصرم، يجب أن لا تكون حجر عثرة في طريقك في العام الجديد.. بل اجعلها عظة لك في أيام عمرك القادمة. فإنما المرء يتعظ بأخطائه ويصحح مساره ويعقد العزم أن يكون فارساً مجيداً في استثمار أوقاته بما يرضي الله عز وجل، ويجتنب طوفان المعاصي المهلك الذي لا يجعل التوفيق حليف حياته. تعلم من أخطائك واعزم أن لا تعود في الغوص في بحورها من جديد، وهو أسلوب مفيد جداً في تحقيق مرادك من الحياة.

* افتقدنا طلة فلان وغيره في مسرح الحياة، فمنهم من رحل إلى الأبد إلى حياة أخرى، ومنهم من لا يزال متواجداً على أرض الحياة، ولكنه آثر الابتعاد عن مسارات حياتك. أما البعض الآخر فقرر أن يتابعك من بعيد، في حين قرر بعضهم أن ينسى تلك الأيام الجميلة التي جمعتك معه لأسباب حياتية واهية. وفي كل الأحوال تبقى هذه الأحوال هي من سنن الحياة.. عليك أن لا تتأثر بها كثيراً بل تجد في السير من أجل تحقيق الغايات النبيلة.

* بعض طبائع البشر لا تتغير أبداً وبخاصة التي تعايشها في محيط الأعمال وفي محيط الحياة الاجتماعية بصورة عامة. هذه الطبائع مهما قررت أن تساعد أفرادها، فإنك لا تقوى بأي حال من الأحوال، لأنها متجذرة في أصول حياتهم. لذا لا تبذل معهم المزيد من الوقت، ولا تستهلك طاقتك معهم، وعاملهم بالحد الأدنى.. فهناك الكثير من الوقت قد انقضى معاهم، ولا بد لك أن تضع حدوداً حتى لا تضيع وقتك. دعهم وشأنهم!

* ومضة أمل:

اللهم اجعله عام خير وبركة وسعادة وتوفيق علينا جميعا، وارزقنا فيه الصحة والعافية، وجنبنا مزالق السوء، واحفظنا من نزغات الشيطان، واجعلنا من الساعين في الخيرات، واحفظ لنا كل من نحب.