إن كنا نقول بأن المواطن هو أساس كل عمل، فعلينا أن نكون بحجم هذه المقولة ونعمل بكل جهد على أن يكون المواطن صاحب الأولوية في كل شيء، أي أمر وأداء يسبب له الاستياء يجب أن يوقف، كل مشكلة أمامه يجب أن تحل.

لنتحدث بصراحة، كم مرة «زعل» هذا المواطن من أمور نتائجها لا تسبب له إلا الضيق والألم؟!

كنا سنقول إن الزعل أمر طبيعي أن يحصل، لكن أن يتكرر وتزيد نسبته فإن هذا وضع غير عادي أبداً. هي مرات عديدة زعل فيها المواطنون كثيراً، ولأبتعد عن التعميم وأقول الغالبية منهم، لأن كثيراً ممن هم في طبقة المتنفذين والهوامير لا يزعلون طالما الأمور تسير حسب هواهم.

لكن مبعث السؤال هدفه التنبيه لمسألة غاية في الأهمية والخطورة، إذ كصحافة نحاول دوماً أن نكون قريبين من نبض الشارع ومرآته الصادقة المعبرة عنه، نلحظ أن ظاهرة الإحباط التي تقود للتذمر متزايدة، وأن كثيراً من المواطنين ينظرون بمنظار سلبي، والتفاعل مع أي شيء تسود فيه نزعة «التحلطم» لدرجة غريبة.

المسألة هنا ليست بما يعبر عنها بعض المسؤولين أو من هم من الطبقة «المخملية» بأن المواطن البحريني طبيعته متذمرة سلبية غير إيجابية، بل على عكس ذلك، المسألة معنية بالسؤال عن السبب الذي أوصل المزاج العام لهذه الصورة؟!

علينا أن ندرك بأن أغلب هذه التعابير هي بمثابة «رد فعل» لفعل، فالإنسان المرتاح في معيشته الآمن على مستقبله من النادر أن تجده متذمراً وغير إيجابي، بالتالي الاستياء هو سمة من يتعرض لتجارب متوالية تجعله يحس بالتهميش وعدم الاهتمام.

هذه طبيعة بشرية لا يمكن التحكم بها، لكن يمكن توجيهها بحيث يستبدل رد الفعل السلبي بآخر إيجابي، بحيث يحول من ينظر إلى الحياة بمنظار أسود إلى متطلع لها بتفاؤل وإيجابية.

كثيرة هي الأمور التي تسببت بزعل للمواطن، إن جئنا لحصرها فلن تنتهي، من ملفات إسكان ورواتب وتوظيف وهدر مالي وغيرها، كلها أمور اوصلت الناس للتحول إلى منابع للطاقة السلبية، وصدقوني هم لا يلامون.

الشعوب الإيجابية هي التي ترتفع لديها مؤشرات السعادة لنسب متقدمة، فينعكس عليها ذلك إيجاباً في العمل والعطاء والإنتاجية والبناء.

إن كانت من إحباطات تقود للتذمر، فإنه من المهم أن نشخص هذه الحالة، من المهم أن يقف المسؤولون في كافة الجهات والسلطات من تنفيذية وتشريعية على هذا الوضع ويضعوا حلولاً له.

وعليه يفترض أن يكون شعار العمل هو خلق الرضا لدى الناس، وألا يقبل بأي حال من الأحوال أن يسود الزعل لدى المواطن.