مع بقاء خمسة أيام فقط على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ينتظر العالم من سيصل إلى البيت الأبيض، هل سيكون الديمقراطيون أم الجمهوريون؟ في كلتا الحالتين، أثبتت الدول الخليجية، قدرتها على التعامل بمرونة مع كلا الطرفين، حيث تنظر إلى الولايات المتحدة كشريك استراتيجي أساسي وحليف رئيسي، بغض النظر عن التغيرات السياسية في واشنطن.
لكن هذه الانتخابات لا تتعلق فقط بالسياسة الخارجية والأمن الإقليمي، بل تمتد لتشمل قضايا داخلية حيوية تمس الأمريكيين بشكل مباشر.
ففيما يتعلق بالسياسة الخارجية، اتخذت الإدارة الحالية قراراً بالإفراج عن ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة كجزء من مسعى لتخفيف التوترات مع إيران وفتح مسار دبلوماسي جديد.
إلا أن هذه الخطوة لم تحقق النتائج الإيجابية المرجوة. استند هذا القرار إلى رؤية الديمقراطيين التي تميل إلى الحلول الدبلوماسية، حيث يعتبرون أن إعادة بناء الاتفاق النووي قد تساهم في الحد من التهديد النووي الإيراني وتعزيز الاستقرار.
لكن إيران استغلت هذه الأموال لدعم ميليشيات موالية لها، مثل الحوثيين وحزب الله، مما أدى إلى تصاعد التوترات في المنطقة وتهديد المصالح الأمريكية، خاصة مع استهداف السفن التجارية والأمريكية في البحر الأحمر.
في ظل هذه السياسة، تصاعدت الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا من قبل جماعات مدعومة من إيران، حيث تعرضت قاعدة «عين الأسد» في العراق وقاعدة «التنف» في سوريا لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة.
ويُعتبر القرار بالإفراج عن الأموال المجمدة بمثابة توفير للموارد التي مكنت إيران من تعزيز نفوذها الإقليمي ودعم حلفائها، مما يهدد الأمن الإقليمي ويضع الإدارة الحالية تحت انتقادات حادة.
تظهر سياسات الحزبين تجاه البرنامج النووي الإيراني اختلافاً واضحاً. الديمقراطيون، الذين يفضلون الحلول الدبلوماسية، يرون في الاتفاق النووي فرصة لتقليص القدرات النووية الإيرانية وتعزيز الاستقرار في المنطقة، كما فعلوا في اتفاق عام 2015. أما الجمهوريون، فيرون أن سياسة الضغط الأقصى وفرض العقوبات الصارمة هي الحل الأكثر فاعلية لردع إيران، معتبرين أن العودة إلى الاتفاق النووي قد تتيح لإيران فرصة لتعزيز قدراتها النووية دون رقابة كافية.
إدارة الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، انسحبت من الاتفاق عام 2018، معتبرةً أنه غير كافٍ لكبح طموحات إيران وأنشطتها الإقليمية.
ومع تصاعد الأزمة والتراشق العسكري بين إيران وإسرائيل، يتفق المحللون على أن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل سيظل ثابتاً سواء كان الرئيس القادم ديمقراطياً أم جمهورياً، إذ يُعد التزام واشنطن بأمن إسرائيل مسألة مشتركة بين الحزبين. لكن الفارق الأهم يكمن في كيفية التعامل مع إيران.
في الختام، من سيدخل البيت الأبيض في هذه الانتخابات سيضع على عاتقه مسؤولية كبيرة في تهدئة الأجواء في الشرق الأوسط وإيجاد حلول دبلوماسية للتحديات المتصاعدة.
فالمنطقة لا تحتاج إلى مزيد من التصعيد أو الحروب، خاصة في ظل توجهها نحو مشاريع اقتصادية ضخمة تهدف إلى تعزيز اقتصاديات الدول وتوفير الاستقرار والأمان لشعوبها.
ومن مصلحة الولايات المتحدة أيضاً أن يبقى الوضع في المنطقة مستقراً، لأن استقرار الشرق الأوسط يسهم في حماية المصالح الأمريكية ويعزز علاقتها مع حلفائها الاستراتيجيين.