تشرّفت بأن أكون جزءاً من نجاح الزيارة الأبوية الحانية لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، الرئيس الفخري للمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، والتي ضمّت أعضاء مجلس الأمناء والإدارة التنفيذية للمؤسسة، وأبناء المؤسسة الذين تشرّفوا بمصافحة والدهم الحنون، في مشهد أبوي جميل يعكس القرب الأبوي الحاني من جلالة الملك المعظم، حفظه الله ورعاه. فقد اعتاد جلالته، على مدار السنوات، لقاء أبناء المؤسسة في عدة زيارات كان لها أثر جميل في نفوسهم، وفي نفوسنا جميعاً. ومازلت أذكر تلك الزيارات وما صاحبها من مواقف جميلة اتسمت بروح الأبوة المفعمة بالمحبة والقرب، وبالكلمات الحانية التي دارت في مجلس جلالته.
تشرّفت بأن أكون ضمن أفراد هذه الزيارة الجميلة، والأجمل أن أحظى بكتابة الكلمة التي أُلقيت أمام جلالة الملك المعظم، والتي ألقتها الطالبة مريم عبدالله الرويعي في مشهد جميل وأسلوب عفوي عُرض على شاشة التلفاز، وحاز إعجاب الجميع. وأحمد الله -عزّ وجل- أن وفقني لأن أكون جزءاً من رسالة النجاح، وأن أترك أثراً في هذه الزيارة الجميلة التي ستكون مرجعاً ثرياً لكل المهتمين بشؤون المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية ورسالتها السامية في رعاية أبناء المؤسسة والاهتمام بشؤونهم، والارتقاء بشخصياتهم ليكونوا عناصر بناء فاعلة في المجتمع، وأبناء بررة لأسرهم، وقيادتهم، ومملكة البحرين الحبيبة.
عندما هممتُ بكتابة هذه الكلمة، رغبت في إيصال رسالة واضحة للجميع، باسم ابنة المؤسسة مريم الرويعي. تخيّلت وقوفها أمام جلالة الملك المعظم، وكيف ستكون الكلمات تعبيراً عن الواقع الجميل الذي نعيشه في خدمة الإنسانية، وكيف ستكون المشاعر الفياضة هي ذاتها مشاعر كل ابن مكفول لدى المؤسسة، قد شاءت له الأقدار أن يفقد والده ومعيل أسرته، ويفقد حنان الأبوة. فكتبتُ المشاعر وكأن الفتاة تُحاكي والدها الحنون، الذي فتح ذراعيه لهم ليحتضنهم ويتحدث معهم، ويقبل عفويتهم التي كان لها الأثر الكبير في نفوس الحاضرين في المجلس، وفي نفوس كل من تابع مشاهد هذه الزيارة الجميلة على شاشة التلفزيون. تلك المشاعر كان لها أثر عظيم عندما سمعتها، وكأنني أسمعها للمرة الأولى.
مشاعر الأبوة الحانية التي عاشها الأبناء في مجلس جلالة الملك المعظم جسّدها ما كتبه سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، في حسابه على إنستغرام، عندما نشر صورة الطفل المعبّرة وهو يفتح ذراعيه لاحتضان جلالة الملك المعظم، وكتب: «ما عندنا يتيم ما دام أبونا موجود». بالفعل، هذا هو الإحساس الجميل الذي أعتقد أنه يسكن نفس كل أبناء المؤسسة، وخاصة من حظوا بزيارة جلالته والسلام عليه. والطفل ذاته، الذي فتح ذراعيه، رسم على يده قلبًا كتب بداخله: «الملك حمد» في لفتة جميلة جداً تم تصويرها وتداولها على نطاق واسع، تعكس حجم المحبة التي يكنها هذا الطفل لملك البلاد، حفظه الله ورعاه. جميلة هي الطفولة حين تعبّر عن مشاعرها بعفوية، وأجمل منها تلك المشاعر التي تنبض بمحبة راسخة في القلوب.
من يعمل في ميدان المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، ويستشعر حجم المشاعر الدافئة التي تنبض بالخير في كل لحظات العطاء في المؤسسة، سيجد نفسه بلاشك محظوظاً، لأن الله تعالى اصطفاه ليكون «أثرًا مستدامًا» في حياة الآخرين. وكلما كتبتُ عن «مؤسستي العريقة بإحسانها للآخرين»، أجد نفسي مضطراً لأن أكتب المزيد عن هذه الأحاسيس، وأعبّر عن المشاعر التي تتجدّد كل يوم، وبخاصة في مثل هذه المواقف الإنسانية الراقية، التي تمنحنا مزيداً من الأمل، والمحبة، وعطاء الخير. نحن رسلٌ للإنسانية، ننثر ورودها في كل القلوب.
ومن يستشعر قيمة هذه اللحظات هو ذلك الإنسان الذي أخلص النية وصدق مع الله عزّ وجل، واحتسب كل لحظة من أجل الله تعالى وحده، ومن أجل أن تُكتب في ميزان حسناته. فالعمل ليس مجرد «مهمة» تُنفذ وحسب، بل هو تكليف من الله عز وجل، وإحسان لواجب يقوم به الإنسان في خدمة الخير.
لقد أحسن مليكنا المعظم الصنيع بتأسيس لجنة صغيرة للأيتام، تحوّلت اليوم إلى مؤسسة عملاقة بإنسانيتها ورعايتها للآخرين، مؤسسة تتفرد في عمل الخير ورعاية الأيتام، وأختم معها هذه السطور بما كتبته في كلمة مريم التي ألقتها في لقاء جلالة الملك المعظم: «لو شنو نقول ما بنوفيك حقك، طويل العمر.. رسالة حب وامتنان لك.. أنت عنوان الأبوة الحانية التي نستمد منها الحنان.. ربي يعطيك الصحة والعافية، ويطيل في عمرك، ويجعلك لنا ذخراً وسندًا يا رب.. وربي يجعل هذه المؤسسة صدقة جارية لك في الدنيا، وفي ميزان حسناتك».
ومضة أمل
المخلصون في أعمالهم والموفقون هم أولئك الذين سهّلوا على الآخرين إجراءات عملهم، ونظروا إلى الخير باعتباره الصفحة الأولى في كتاب العطاء، فلم يعرقلوا أي خطوة للنجاح، ما دامت الغاية إرضاء المولى الكريم وخدمة الإنسانية، مُجرّدة من أهواء النفوس.