تعيش البحرين هذه الأيام واحدة من أكثر الفترات نشاطاً على صعيد المعارض والفعاليات الكبرى، مع افتتاح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، يوم الثلاثاء الماضي، لمعرض الجواهر العربية ومعرض العطور العربية 2025، إلى جانب معرض «سيتي سكيب البحرين» العقاري.

معارض البحرين الكبرى ورغم أنها تقدم منتجات فاخرة ومشاريع عقارية عملاقة، إلا أنها تحمل ما هو أبعد من ذلك بكثير، فهي نافذة مشرقة تفتح البحرين من خلالها أبوابها للعالم، وتظهر ما تمتلكه من فرص واعدة وقدرات متقدمة على مستوى التنظيم والاستثمار.

وقد لاحظت ومن خلال متابعتي وحضوري المستمر لهذه المعارض منذ انطلاقتها، أنها تكشف عن حجم التحول الذي يشهده الاقتصاد البحريني، فمجرد قدرة المملكة على استقطاب هذا الكم من الشركات العالمية والعارضين يؤكد أننا أمام بيئة استثمارية ناضجة، وبنية تحتية متطورة، وفريق وطني قادر على إدارة فعاليات بهذا الحجم بكفاءة عالية. وهذا ما أشار إليه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، عندما أكد أن البحرين تواصل ترسيخ مكانتها كوجهة إقليمية لقطاع المعارض، مستندة إلى قدراتها التنظيمية ورؤيتها التنموية التي تدفع نحو تنويع الاقتصاد.

هذه المعارض تمثل رسائل اقتصادية تقول للعالم إن البحرين اليوم أكثر جاهزية لاستقبال الاستثمارات النوعية، فمعرض الجواهر والعطور لا يدعم فقط الصناعات المحلية ذات الإرث العريق، بل يربط الأسواق العالمية مباشرة بالمملكة. أما «سيتي سكيب البحرين»، فهو منصة عقارية لا تعرف المجاملة؛ فالمطورون ورجال الأعمال والمستثمرون يأتون لأنهم يرون في البحرين بيئة استثمارية متقدمة تستحق الاهتمام.

وهنا، يبرز عامل مهم لا يمكن تجاهله والمتمثل في الأثر الاقتصادي المباشر وغير المباشر لهذه المعارض، فبالإضافة إلى تنشيط قطاعي السياحة والفنادق، فإن هذه الفعاليات تخلق سلسلة طويلة من الفرص، بدءاً من الخدمات اللوجستية، مروراً بقطاع الضيافة، ووصولاً إلى فرص العمل المباشرة للمواطنين، فكل معرض كبير يأتي بفرص جديدة، بعضها سريع، وبعضها يستمر لسنوات، سواء في الوظائف أو الشراكات أو المشاريع المستقبلية.

كما أن نجاح هذه الفعاليات يعكس قوة فريق البحرين، تلك الروح التي تحدث عنها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عندما أكد أن تماسك الجهود الوطنية هو ما يحول التحديات إلى إنجازات، فالمعارض لا تنجح إلا لأنها منظمة بإتقان، وتدار بعقول بحرينية تعرف كيف تصنع التفوق وتقدمه بصيغة تليق باسم المملكة.

ولذلك، يمكن القول إن هذه المعارض لم تعد مجرد فعاليات موسمية، بل أصبحت جزءاً من هوية البحرين الاقتصادية الحديثة، هوية تؤمن بالانفتاح المدروس، وبصناعة الفرص، وجذب الاستثمارات النوعية التي تبني مستقبلاً مستداماً للمواطن.