تعد جمعيات حقوق الإنسان إحدى الأدوات الرئيسة في تغيير الثقافة، عبر فكر جديد يتلاءم مع متطلبات العصر لحياة ومستقبل أفضل لإنسان يقبل الآخر ويسهم في بناء وطنه بشكل إيجابي، عبر طرح مشاريع ثقافية واجتماعية وحقوقية وخدمية تسهم في ترجمة الرؤية المستقبلية للمجتمعات.

لذلك من الضرورة وضع مؤشر قياس لأداء الجمعيات الحقوقية، ومدى إسهامها في تنفيذ المعايير والالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان، لدعم وتعزيز حقوق الإنسان ورسم السياسات ذات الصلة وتقييم التأثيرات والشفافية.

لكن واقع الجمعيات لدينا في البحرين من المؤسف أنه ينشط كلما اقتربت مواعيد التقارير الوطنية للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان إلى مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بجنيف، أو عند إصدار تقارير أو بيانات غير حيادية تجاه البحرين.

ضعف مخرجات الجمعيات الحقوقية.. لماذا؟

قد تواجه بعض أو جل الجمعيات بعض المشاكل، كبيرة، أو صغيرة، معقدة أو بسيطة، لكنها تبقى معوقات يجب التخلص منها، وللوصول للحلول أو إزالة تلك المعوقات التي تواجهها يجب حصرها عبر وضع تساؤلات محفزة، وإذا ما أردنا الوصول لتلك الإجابات يمكن استخدام طريقة البحث عن إجابة، خمسة لماذا؟ تلك الطريقة التي استطاعت أن تجد لنفسها مكاناً لمراقبة الجودة وتم استخدامها كذلك خارج نطاق الجودة في تحديد أصل المشاكل وإن لم تكن تقنية وبالتالي إدراك أهم وأنسب الحلول، ويمكن أن نطبق هذه التجربة على الجمعيات الحقوقية في البحرين لمعرفة مكامن الخلل والقصور، على النحو التالي:

المشكلة الأساسية: ضعف مخرجات الجمعيات الحقوقية.. لماذا؟

لأنها تفتقر الرؤية والأهداف والاستراتيجية الواضحة. لكن لماذا تفتقر تلك العناصر المهمة لأي جمعية حقوقية؟ لأنها تواجه صعوبة في استقطاب المختصين في العمل الحقوقي. لكن لماذا تجد صعوبة في استقطابهم؟ لأن استقطاب الخبرات الاستشارية يحتاج لمقر دائم وكلفة مادية، لكن لماذا لا تستطيع توفير المقر؟ لأن وزارة التنمية سابقاً قد وعدت بإنشاء مبنى يحوي الجمعيات لتوفر عليهم كلفة الإيجار ولم يحصل هذا! لكن لماذا لا تعتمد الجمعيات على التبرعات لأداء عملها وترجمة مشاريعها؟ لأن المؤسسات التجارية إلى الآن لم تدرك مدى أهمية العمل التطوعي وتنحصر تبرعاتها لمشاريع تكون تحت رعاية شخصيات عامة يقومون بالتصوير معهم في نهاية كل فعالية.

إذن السبب هو عدم وجود مقار وضعف كوادر الجمعيات وضعفها مادياً، هذا بجانب عدم إدراك القطاع الخاص مدى أهمية إسهامهم في العمل الحقوقي، الذي يشمل قضاياهم الاقتصادية والاجتماعية والتشغيلية.

* خلاصة القول:

هناك كُثر من عملوا في مجال حقوق الإنسان، ولكن بعد انخراطهم بالعمل الرسمي لم يلتفتوا لهذه القضايا التي بالأصل كانوا يواجهونها! وهذا يرجع إلى سببين، إما لتحقيق الهدف المنشود لهم - أو لاكتشافهم أن العمل التطوعي ليس بتلك الأهمية التي كانوا يعتقدونها. أما على المستوى الرسمي يتوجب عليهم الالتفات إلى معوقات الجمعيات الحقوقية، التي لا تتعدى تحدياتها سوى مقار للجمعيات التي تقدر كلفتها أقل بكثير عن وفود الفزعة، لذلك نقول، إذا ما أرادت الجهات الرسمية تفادي تكرار السلبية التي كان عليها واقع البحرين فترة الأحداث المؤسفة في 2011 جراء تصدر الجمعيات ذات الأبعاد السياسية والطائفية المشهد بشكل سلبي أساء للبحرين وقوض الجهود النيرة التي انبثقت من المشرع الإصلاحي، عليها بالمبادرة وحل تلك المعوقات التي اليوم قد لا تكلف شيئاً، ولكن غداً قد تكلف الكثير.. ودمتم سالمين.