تناقلت وسائل الإعلام الدولية ما يجري من مؤتمرات صحافية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وقد سلطت بعضها الضوء على التصريحات بشأن الأزمة القطرية، فوزير الخارجية السعودي عادل الجبير لخص مستقبل الأزمة بعبارة واحدة «أن قطر مازالت في مرحلة إنكار لدعمها للإرهاب.. وأن الدول المقاطعة لا تمانع استمرار قطع العلاقات مع الدوحة لأكثر من 15 عاماً»، في المقابل جاء الرد من وزير الخارجية القطري محمد عبدالرحمن آل ثاني «أن قطر يمكنها الانتظار للأبد»!!غير أن التصريح الأبرز كان لسفير أمريكا الأسبق في مصر فرانك ويزنر عندما صرح لإحدى القنوات الفضائية قائلاً إن «قطر لم تغير موقفها الداعم للتنظيمات الإرهابية في المنطقة»، وهي إشارة واضحة أن الساسة في قطر مستمرون في نهجهم في تعزيز الروابط مع الكيانات الإرهابية لتحقيق غاياتهم المريضة بالمنطقة، وأن الأزمة لن توقف المساعي في نشر الفوضى في الشرق الأوسط.ولعل التصريحات حول الأزمة القطرية تؤكد استمرار الأزمة، فالجانب القطري ينظر إلى دعمه للكيانات الإرهابية على أنه أمر مشروع، وهذا جزء أساسي من عمل سياسته الخارجية بالمنطقة، فلا يمكن بعد عمل أكثر من 20 عاماً أن يتم تغيير تلك السياسات، وخاصة أنها لاقت دعماً سابقاً من دول وأنظمة مارقة كإيران، وإدارات فاسدة كإدارة أوباما.والعمل الحقيقي في مواجهة النظام القطري هو المضي نحو التجاهل الجزئي وليس الكلي، فمن الخطأ تجاهل الأزمة القطرية كلياً، لأن الدوحة مرتبطة بكيانات إرهابية مهمة في المنطقة وتؤثر على مجريات الأحداث، فمثلاً ارتباط الدوحة بجماعة الحوثيين باليمن هو أمر يستدعي أن يتم التمعن فيه جيداً، وإيجاد خيوط التمويل والدعم الخفية التي تقوم بها الدوحة للحوثيين، بمعنى أن الأزمة تستهدف إضعاف النظام القطري لينعكس على إضعاف الحوثيين باليمن ولتحقيق انتصارات تسهم في دعم الشرعية.كما أن سد منافذ بيع الغاز القطري هي الخطوة التي يجب أن تعمل عليها الدول المقاطعة، بمعنى أن الدوحة تعتمد على إيرادات الغاز الطبيعي لدعمها للإرهاب، وأن التحرك القادم هو انه يجب إقناع الدول المستوردة للغاز القطري بأن تلك الأموال تذهب لقتل الأبرياء، وأن هناك بدائل غير الغاز القطري، لأن أي صفقة غاز تعقد مع الجانب القطري يتم خصم مبلغ ضخم منها لتمويل الكيانات والعمليات الإرهابية التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار.وفي ذات السياق، هناك خطوات مهمة في إقناع الإدارة الأمريكية أكثر بنقل قاعدة العديد من قطر إلى دولة أخرى، فهذا الأمر يعتبره القطريون نقطة قوة بوجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالمنطقة، وأن عملية نقلها ستجعل النظام القطري في موقف صعب من الأزمة، ولكن يفكر الأمريكيون أن نقل القاعدة سيفتح المجال للإدارة القطرية بجلب قواعد إيرانية عوضاً عن تواجد قاعدة العديد الأمريكية، مما يتيح المجال أكثر إلى اختراق طهران لعمق الخليج العربي بذريعة حماية قطر، غير أن الحل الأمثل هو نقل قاعدة العديد جزئياً وفرض شروط أمريكية على النظام القطري بعدم جلب قواعد عسكرية إيرانية أو تركية للمنطقة.أما الخطوة الأهم فهي استغلال العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، وأن تسعى دبلوماسية الدول المقاطعة في الضغط على الإدارة الأمريكية في جعل الدوحة في مرمى واشنطن في تلك العقوبات، فقطر تسعى جاهدة إلى دعم إيران بالأموال، في ظل تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات الاقتصادية التي تمنع شراء أو اقتناء طهران للدولار الأمريكي، ومن هنا يأتي الدور الدبلوماسي للدول المقاطعة في جعل قطر تدخل الفخ الإيراني وتكون جزءاً من المشهد الدولي.الخطوات كثيرة في الضغط على النظام القطري لتغيير سياساته الخارجية وإيقاف دعمه للكيانات الإرهابية، وللأسف إن سم الإرهاب يتفشى في الشرق الأوسط أمام أعين المجتمع الدولي من دون أن يتحرك ليعالجه، فقطر جعلت هذا السم ينتشر كالبرق ليقتل الأبرياء في حروب لا ذنب لهم فيها، وأن حديث وزير الخارجية القطري بأن قطر يمكنها الانتظار، وفي نفس الوقت تصريح السفير الأمريكي الأسبق في مصر بأن قطر لن تتوقف عن دعمها للإرهاب، يعني أمراً واحداً بأن رشاوى الدوحة قد وصلت لمستحقيها ولن يكون هناك أي تحرك ضد قطر من جانب المجتمع الدولي.