لا إله الا الله، كثرت الوفيات هذه الفترة قبل رمضان وفي الشهر الكريم وبعده وما زلنا نقدم التعازي للأهل والأصحاب والجيران على فقدهم الكبير وموتاهم من داخل وخارج المملكة، ويرحلون عنا بلا وداع وسنرحل بعدهم وتمضي اللحظة التي لا يمكن أن نعيدها من جديد. لذلك لا تظلم أحداً ولا تترك القهر في قلوبهم حتى يكون الرحيل أسهل وأكثر راحة لقلوب صافية لا كراهية ولا ضغينة ولا ظلم، فأكثر الرحيل إيلاماً عندما يرحل القريب أو الصديق أو الزميل وفي النفس شيء من العتب أو الظلم أو القهر ولا ينفع بعد الرحيل كلمة «سامحني وحللني» ما لم تقل وجهاً لوجه قبل فوت الأوان.

أحياناً القهر بسبب كلمة أو فعل أو ظلم تكون بمثابة الرصاصة التي تدخل القلب وتترك صاحبها جثة هامدة خصوصاً عندما تتوالد شحنات القهر الدفينة في النفس في محيط الأسرة أو العمل، فجبر الخواطر بكلمة أو إرجاع الحقوق لأصاحبها أو تجنب الظلم جميعها بلسم تشفي النفوس المقهورة وتداوي الجروح الخفية قبل أن ترحل الأرواح لتقابل ربها فحينها يتمنى المرء أن يرجع به الزمن ليجبر الخواطر المكسورة أو أن يبادر في إعطاء كل ذي حق حقه ولكنه محال فالظلم آنذاك ظلمات يوم القيامة.

أحياناً نسوف ونتماطل في الزيارات للأهل والأقارب والأصدقاء خاصة المرضى منهم على اعتبار أن الوقت لن يمضي ولن تؤخذ الأمانات لربها، ولكنهم يرحلون دون وداع ودون أن نجبر خواطرهم بزيارة سريعة قد تسر القريب وتسعد المريض ليترك لنا رحيلهم اللوم على ما فات. فهناك قصص كثيرة لهذه المواقف التي تؤلمنا كلما تذكرنا بأننا مقصرون، فكم أب وأم وأخت وأخ رحلوا وما زالت نفوسهم عطشى للجلوس مع بعضهم، فقد أخذت المشاحنات والتقصير أقصر الطرق في الصد والهجران حتى ابتعدوا ورحلوا قبل أن يطرق باب العتب المريح لقلوب كثر فيها الوجع والألم وهكذا يرحلون بلا وداع وقد نرحل قبلهم ونسأل الله السلامة.

* كلمة من القلب

الحاجة فاطمة أم أحمد رحمها الله، رحلت عن الدنيا منذ أيام وتركت أبناء وأحفاداً وأنساباً يبكون عليها بحرقة لفراقها، تركتهم بعد أن صامت رمضان وانتهت من سلامها الثاني لصلاة العصر من يوم الجمعة، قد يغبطها الكثيرون لأن صعدت روحها بسلام فكان آخر عهدها في الدنيا هي صلاة عصر الجمعة، أم أحمد رحمها الله كانت تحب «لمة « الأهل كانت تقرب أبناءها وأحفادها وأحفاد أبنائها إليها، فسعادتها كانت في الوصال والسؤال وحب الناس والجيران، لم تكن وحيدة عندما صعدت روحها للسماء بل كان حولها من تحب وهذا ما يجعل النفس مرتاحة عند الرحيل. الزيارات المتكررة للبيت العود والتقاء الإخوان والأخوات والأبناء والأحفاد مع بعضهم تعزز أواصر الأخوة والترابط وتذيب كل جليد أو مشاحنات قد تستمر لآخر العمر، فالعمر يمضي دون أن ندري عند أي محطة سنقف وكيف سنودع من نحب. اكسروا العناد وابتعدوا عن الظلم وتجنبو أذية الآخرين وتواصلوا مع من تحبون فلا تدري كل نفس متى ترحل. رحم الله الحاجة فاطمة أم أحمد وأسكنها فسيح جنانه وألهم أهلها وأبناءها الصبر والسلوان، ورحم الله موتانا وموتى المسلمين في كل مكان.