* 13.1 مليون سوري لاجئ 6 منهم تشردوا داخلياً و5 عبروا الحدود
* الأزمة السورية مأساة إنسانية عالمية تقترب من مشهد الحرب العالمية الثالثة
* القضية السورية يحمل وزرها كما أكد المتحدثون بورشة "دراسات" النظام الروسي الداعم لنظام بشار
* قاسم سليماني موجود في سوريا ويحاول مهاجمة جيران سوريا من خلال موقعه
* مسألة التمييز وانتهاك كرامة وحماية المواطن السوري كانت بالأصل موجودة قبل اندلاع صراع 2011
* الإيراني سليماني يمارس اليوم سياسة التغيير الديموغرافي على أرض سوريا وتوطين الإيرانيين كشعب بديل لشعب سوريا العربي أمام مرأى العالم أجمع
* العديد من ممتلكات السوريين اللاجئين قد تمت مصادرتها لصالح الإيرانيين
* المبعوث البريطاني: إحباط يشعر به الجميع بشأن إخفاق المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة السورية ولحظة خجل للجميع تجاه سوريا
* مسؤول سياسات سوريا في الدائرة الأوروبية أيدنا فيما اتجهنا إليه من بحث الأسباب الجذرية لممارسة التمييز في سوريا
«عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم سوريا» مسألة معقدة للغاية .. بل هي قضية للأسف تراجع الاهتمام بها أمام قضايا جديدة طرأت على الساحة فهناك قضايا تضيع الحقوق فيها عندما تتضخم مثل كرة الثلج وتتشعب وتكثر فيها الصراعات والانقسامات وتطول أزمتها وكان ضحية كل ذلك بالطبع الشعب السوري الأعزل.
نظم مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة ورشة عمل حول العودة الآمنة للاجئين السوريين والفكرة الأساسية للورشة قامت على تباحث نص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 «2015» على الحاجة لتهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى سوريا والندوة سلطت الضوء على جدلية انه من غير الواضح كيف سيتم تنفيذ ذلك بالفعل خاصة في ظل عدم وجود حل سياسي في المستقبل القريب.
القضية السورية اكثر الموضوعات إلحاحاً على الساحة كما ذكر د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس الأمناء مركز دراسات البحرين في كلمته بداية الورشة حيث ذكر هناك13.1 مليون سوري لاجئ 6 منهم تشردوا داخلياً و5 عبروا الحدود منهم 3.5 مليون وصلوا إلى تركيا ولبنان وحوالي أكثر من 650 ألف لجئوا إلى الأردن وهذه الأرقام الضخمة تدل على الحجم الكبير للمشكلة فهناك مأساة إنسانية عالمية لم نر مثلها من حقبة التقسيم في الهند ومسألة العودة الطوعية للاجئين السوريين موضوع هام يجب مناقشته اليوم وهناك بيانات قليلة بشأن اللاجئين الفارين وهناك أنباء عن تعرضهم للأذى ومن الصعب في ظل الظروف الراهنة التحقق من هذه الأنباء وبموجب القانون الدولي اللاجئون يجب أن يحترموا لذا مركز دراسات يريد طرح نقاش إنساني حول هذه القضية، وهذا هو ثمن الحرب والتشرد والتفرق.
لقد طرح المتحدثون السبعة خلال ورشة العمل العديد من المعلومات والأرقام المأساوية التي تبين حجم الكارثة الإنسانية في سوريا، والتي تصل بك إلى قناعة الحرب الطائفية الطاحنة التي حدثت في سوريا تحت مرأى ومسمع العالم كله، والفتنة التي تمت حياكتها لأجل إيقاع هذا الضرر التاريخي، الذي لم يعرف مثله القرن الواحد والعشرين والذي يقترب إلى حد حرب عالمية قد كشف عن الوجه القبيح لجرائم النظام السوري ضد شعب عربي أعزل، وكيف هي المخططات الإيرانية المتحالفة مع دول غربية لها أطماعها في المنطقة العربية قد استطاعت أن تنجح في حرب التطهير العرقي والمذهبي للشعب السوري، الذي ارتكبت بحقه مجازر وجرائم حرب وصراعات دموية، لم يشهدها العالم العربي والدولي من قبل كما تم تناقلها وإظهارها في زمن مواقع التواصل الاجتماعي والتوثيق بمقاطع الفيديو والصور.
خلال الورشة شدنا ما طرح خلال الجلسة الثالثة والأخيرة لورشة العمل بشأن الموقف الغربي من الملف السوري، والذي شابه الكثير من الجدل على المستوى العربي وقد تم خلال الورشة طرح الكثير من الإيضاحات التي تبصر المتابع عن العديد من تفاصيل ملف هذه القضية، ومواقف كبار الدول كأمريكا وبريطانيا فالقضية السورية يحمل وزرها، كما أكد المتحدثون النظام الروسي الداعم لنظام بشار الأسد حيث إن مفتاح الحل لهذه الأزمة بيد الروس القادرين على الضغط على نظام بشار، وكما ذكر نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص لسوريا بوزارة الخارجية الأمريكية د. جويل رايبيرن، أن نظام بشار الأسد لن يتغير طوعياً في سياساته بل يجب إجباره وروسيا تتحمل المسؤولية الأكبر لإجبار الأسد على تغيير سلوكياته التي لم تسبب كارثة لسوريا بل لنا جميعاً لكونهم لهم السلطة الأكبر والنفوذ فالأسد ضعيف عسكرياً ولا يستطيع الاستمرار بحملاته العسكرية دون التدخل الروسي الداعم له وهناك حرب إقليمية حاصلة وقاسم سليماني موجود في سوريا ويحاول مهاجمة جيران سوريا من خلال موقعه وهذا ما يؤثر علينا جميعاً ومن الواجب أن يضغط المجتمع الدولي على نظام الأسد.
كنا قد طرحنا سؤال أمام ما ذكره المتحدثون السبعة من أن عودة اللاجئين السوريين مرتبطة بتوفير الأمن والحماية والكرامة لهم، وضمان توفير حقوقهم في السكن والوظائف والخدمات، وعدم وجود تمييز بينهم وبين الداعمين لنظام بشار الأسد أو القيام باعتقالهم وسجنهم وإعدامهم وفق مسائل انتقامية بأنه من الواجب التفكير والتساؤل عن السبب الأساسي الذي تمكن من إنجاح مخطط الفتنة في سوريا لإثارة هذا الصراع الدموي ما قبل سوريا 2011، فإن كانت الجهود تتجه نحو ضمان عدم وجود تمييز وتوفير الأمن والحماية للاجئين السوريين فمسألة التمييز وانتهاك كرامة وحماية المواطن السوري كانت بالأصل موجودة قبل اندلاع هذا الصراع، وكان هناك تمييز طائفي ومذهبي وعنصري يمارس ضد العديد من شرائح المجتمع السوري «بالذات أهل السنة» مما أدى إلى وجود لاجئين ومهاجرين سوريين في عدد من الدول الخليجية والعربية والعالم، فقد كانت تجري عمليات تطهير عرقي وطائفي داخل سوريا سنين طويلة وقبل 2011، وقد مورس ضدهم حرمان من الخدمات الأساسية كالتعليم والإسكان والتوظيف وغيرها وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهو ما تجهله العديد من دول الغرب فنظام بشار الأسد مخترق بالأصل من قبل السياسة الإيرانية التي تمارس مخطط المد الصفوي، والتغيير الديموغرافي في المنطقة ولابد من تتبع جذور المشكلة ومنبعها فكيف يضمن بالأساس أن يتوقف هذا التمييز المستمر، الذي مشكلته لم تطرأ بالمناسبة بسبب الصراع في سوريا بل ازدادت خلال الصراع.
كما كيف نضمن عودة اللاجئين دون أن تكون هناك مسائل انتقامية، ليس من جانب نظام الأسد وإنما أيضاً من جانب هؤلاء الذين كثير منهم فقدوا عائلاتهم عن طريق القتل والتعذيب وانتهكت كرامتهم وحقوقهم وتم الاعتداء على نسائهم وسلب شرفهم ومن الصعوبة أن يندمجوا مع نظام دموي كهذا وكيف نضمن أن لا ينخرط هؤلاء في مخطط فتنة جديد بحيث يظهر تنظيم إرهابي جديد على الساحة يخلق صراعاً جديداً وآخر داخل سوريا، فالمسألة معقدة أكثر مما تبدو أمام شعب عربي أعزل مورس تجاهه كبار الجرائم التي تخالف حقوق الإنسان.
لقد كانت كلمة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص لسوريا بوزارة الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية د. جويل رايبيرن، لافتة حينما وصف ما حدث في سوريا بأشبه ما يكون بالحرب العالمية الثالثة والصراع في كمبوديا فهناك أكثر من 200 ألف سوري قتل خلال الصراع في سوريا، وقد تم استخدام الأسلحة الكيماوية المجرمة دولياً فنظام بشار الأسد قام بالكثير من الأعمال التوحشية في القرن 21، واللاجئين ليسوا لاجئين اقتصاديين وهم لم يختاروا ذلك بأنفسهم ولن يعودوا طالما آلة القتل في سوريا مستمرة فالحكومة السورية يجب أن توقف جرائمها، وهناك 3 ملايين سوري تم تشرديهم داخل وخارج سوريا من أدلب، وقد كانت هناك اتفاقية للمصالحة بجنوب غرب سوريا لعودة اللاجئين السوريين، لكن النظام السوري قد قام بانتهاكها فنظام الأسد هو من أكثر الأنظمة، الذي مارس الإعدامات والسجن كما إن هناك الكثير من هم مع النظام السوري، قد استفادوا من قانون مصادرة ممتلكات اللاجئين وقد تم احتلال العديد من إحياء السوريين من قبل المدعو قاسم سليماني بدعم من بشار الأسد، وقد سمعنا المسؤولين السوريين، وهم يصرحون أن المجتمع الصحي يكون أكثر صحي بدون لاجئين، وأن سوريا قبل الحرب كانت مكتظة بالسكان والآن هي أفضل!
هذا الكلام يؤكد ما ذكرناه بأن النظام السوري بالأصل نظام مخترق بالأجندة الإيرانية وسياساته في التمييز وممارسة العنصرية والطائفية، لن تتوقف فالإيراني المجرم قاسم سليماني التابع للحرس الثوري الإيراني يمارس اليوم سياسة التغيير الديموغرافي على أرض سوريا، وتوطين الإيرانيين كشعب بديل لشعب سوريا العربي أمام مرأى العالم أجمع، وهناك العديد من ممتلكات السوريين اللاجئين قد تمت مصادرتها لصالح هؤلاء، فمخطط الفتنة في سوريا قد نجح في الوصول إلى ما يختبئ من ورائه من أجندة، وقد أدرك الشعب السوري اليوم الفخ الكبير الذي تم حياكته لإحداث هذا الصراع الدموي في سوريا، وتهجير السوريين العرب.
د. جويل ذكر بصريح العبارة أمريكا لن تدعم إعادة إعمار المناطق التي يسيطر عليها الأسد، وسوف تستمر الإجراءات قدر الإمكان ضده ونحن لا نخلق المشكلة برغبة منا، وندرك أن اللاجئين سيعودون في نهاية المطاف إلى دولهم، ولكن بسلامة وأمن وكرامة وهناك من يقول إننا نضغط على الدول المجاورة التي تستضيفهم، وهذا شيء غير منطقي فأمريكا لن تجبر اللاجئين على العودة لأوطانهم، ونحن مع الدول التي استقبلت السوريين والمجتمع الدولي، يجب أن يستمر في دعم اللاجئين وهذا الموقف الذي ذكره د. جويل كثير من الدول تتبناه، بالمناسبة حيث لا يمكن إعادة تعمير مناطق يجري فيها اليوم توطين الإيرانيين والسوريين الداعمين لنظام بشار الأسد المتحالف مع روسيا، والذين يحملون أجندة عدائية ومخططات مستقبلية للدول العربية المجاورة لسوريا، وهو ما يهدد أمن المنطقة وليس من الصالح العام إعادة تعمير ما قامت إيران وروسيا ونظام الأسد بتدميره، وفق أجندة سياسية عدائية متطرفة فمن المفترض أن يتم تعمير مناطق الأسد من قبل الروس والإيرانيين الذين يتحملون مسؤولية ما حدث.
كما إن ما ذكره رئيس قسم الشرق الأدنى والمبعوث البريطاني الخاص لسوريا بوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث بالمملكة المتحدة د. مارتن لونغدن، إن هناك إحباطاً يشعر به الجميع بشأن إخفاق المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة السورية وأمام تجاوزات النظام السوري وعدم التزامه كيف نتوقع من اللاجئين أن يغامروا بحياتهم للعودة وهذا أمر غير واقعي وهذه لحظة خجل للجميع تجاه سوريا والمسألة ليست مرتبطة ببريطانيا لوحدها حتى نقرر إن كان اللاجئين يجب أن يعودوا أو لا فهناك صراع وحشي يتم على أرض سوريا والتعاون الدولي هو أفضل الحلول.
وقد ايدنا د. مارتن في مداخلتنا وتسائلنا بأن الصراع الذي تم كنا نعتقد أنه لن يحدث مرة أخرى، لكنه يتكرر وهناك سياسات مضادة للإنتاجية ولن تنتهي الأزمة السورية أمام واقع غير مستقر إن لم تحل الأسباب الجذرية لهذا الصراع، فهذا النظام يزيد في عدوانيته، وهناك أشخاص في موسكو روسيا يعتقدون أن النصر لسوريا يكون باستخدام الأسلحة رغم أن التكاليف باهظة جداً لما يحدث، وقد أيدنا د. مارتن أيضاً في مسألة أنه من ضمن المخاطر أن تكون هناك موجة أخرى من الإرهابيين والمتطرفين.
كما إن مسؤول سياسات سوريا في الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية السيد غافن إيفانز قد أيدنا فيما اتجهنا إليه في تساؤلنا، حيث ذكر أن الأسباب الجذرية ربما لم ينتبه إليها أحد قبل الأزمة السورية 2011 وكان هناك افتراض ساذج بالنسبة لعملية الديمقراطية في سوريا، ولابد من ضمان ممارسة الاحترام والديمقراطية من خلال وضع سياسات في سوريا، ولا يمكن المغامرة بحياة الناس ولابد من بحث الأسباب الجذرية لكي تعمل الحكومة والدولة لكل الشعب السوري لا لفئة منه دون تمييز.
وذكر السيد غافن إيفانز لم نر الدول الأعضاء متوحدة بشان موقفها كما هي متحدة بشأن سوريا، ويمكن تمييز المواقف التي تخص الاتحاد الأوروبي فهو مع قرار مجلس الأمن 2254، لتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والاتحاد ليس ضد قرار العودة كما لا نستطيع أن نجبرهم على العودة، وفي فبراير 2014 لجنة تقصي الحقائق من قبل الأمم المتحدة في سوريا أكدت أن العدوانية المستمرة تجاه اللاجئين تمنع عودتهم، وتجعلها مستحيلة، وهناك معوقات للعودة الطوعية والقوات الحكومية السورية تستمر في ممارسة الانتهاكات، ولا نستطيع أن نتجاهل هذه الأمور، حيث قام نظام الأسد باعتقال 700 سوري و50 طفلاً لهم روابط بالثوار ولابد من إيجاد دراسات، وهناك العديد من الأفكار التي تبدو جذابة وجميلة على الورق، لكن من الصعب أن تتحقق على أرض الواقع.
ما يقوله غافن كلام منطقي فلا يوجد ضمانات حقيقية لعودة اللاجئين السوريين دون ضمان حياتهم، وعدم تعرضهم للاعتقال أو التعذيب، ما لم يكن هناك نية جادة من النظام السوري في تغيير سياساته، وهو أمر لن يتحقق إلا بابتعاده وتخليه عن تحالفه مع روسيا والمخططات الإيرانية الراغبة في ممارسة التطهير العرقي للعرب، لذا فالأمر يبدو صعباً للغاية.
من الأمور أيضاً المثيرة للجدل التي طرحت خلال ورشة العمل ما تطرق له رئيس قسم الشرق الأدنى والمبعوث البريطاني الخاص لسوريا بوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث بالمملكة المتحدة د. مارتن لونغدن أن هناك من يتهم السياسة الغربية هي المسؤولة عن هذا الموقف، والحقيقة السياسة الغربية ليس لها شأن فهناك رفض لتمويل إعمار سوريا، والحقيقة أن بريطانيا تعمل ضمن النظام الدولي في دعم اللاجئين، وحق العودة لديارهم بأمان كما قمنا بشكر الدول التي تستضيف اللاجئين، وبريطانيا قدمت 2.25 مليار لهذه الدول كما قدمت 1.2 مليار دولار للأردن وتركيا كمساعدات إنسانية للاجئين، وفي داخل سوريا بريطانيا قدمت 2.8 مليار كمساعدات إنسانية للاجئين وهذا أكبر ما قدم في أزمة على مر التاريخ فالنظام السوري قد دمر مناطق المتعاطفين مع من هم ضد النظام حتى وتم القبض عليهم وسجنهم تعسفياً، والأمر المثير للدهشة إخفاق النظام السوري باتفاقيات المصالحة، وانتهاك حقوق الملكية في سوريا ومصادرة العديد من المنازل والممتلكات تحت مبرر أنهم إرهابيون.
وكلامه هذا يؤكد حجم المؤامرة التي تتم ضد العرب على أرض سوريا، لاختطاف هويتهم وتاريخهم واستبدالها ويدعم قناعة حل ملف الأزمة السورية، يبدو معقداً للغاية، فاللاجئون لا يرفضون العودة بسبب الأوضاع الاقتصادية بل لأنهم لا يشعرون بالأمان، وخائفون من انتهاكات النظام السوري الذي لن يردعه إلا ضغط دولي. وقد ذكر مدير البحوث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت د. ناصر ياسين سوريا قد تدمرت جراء هذه الحرب، وخسرت 60 سنة من التنمية والتعمير التي تمت فيها خلال آخر خمس سنوات وبعد 2015 بدأت معاداة اللاجئين السوريين خاصة في أوروبا، وحوالي 6% من اللاجئين يعيشون في معسكرات اللاجئين، وأعدادهم في تناقص فمعظم اللاجئين السوريين يعيشون في مجتمعات تمت استضافتهم فيها، والجهود التي تبذل لأجل دعمهم بدأت في الضعف والانهيار خاصة أن عدداً كبيراً من اللاجئين تحت خط الفقر وهناك 2 مليون طفل مشردين، و1.8 من الأطفال السوريين خارج المدارس في الدول العربية، وأكثرهم متواجد في لبنان، ومن المتوقع أن في السنوات المقبلة المزيد من الأوضاع السلبية والسيئة للاجئين، وهناك وهن أصاب الجهات المانحة والداعمة للاجئين السوريين، وهناك مجتمعات أخذت تشعر بالضغط على اقتصادها نتيجة استضافة هذه الأعداد الضخمة من اللاجئين، وتحولت المجتمعات المضيفة ضد هؤلاء اللاجئين ومعظم السوريين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، وفي مهن لا تخضع للوائح والقوانين «كلامه يفسر مما يعني تورط هذه الدول في مسائل حقوق الإنسان بالطبع».
والمشكلة الأكبر كما يذكرها د. ناصر متطلبات السلامة لعودة اللاجئين إلى سوريا لم يتم الوفاء بها فعنصر السلامة مهم جداً كي يتشجع هؤلاء على العودة، لكن اللاجئون أمام الضغط عليهم للعودة يضطرون للاختباء و36 ألف لاجئ سوري فقط عادوا إلى سوريا، وهو عدد ضئيل مقابل عدد اللاجئين الكلي ويجب علينا أن نتأكد من الأسباب التي تمنعهم من العودة، وهناك عدة أسباب لعدم العودة أولها هو انعدام الأمن في سوريا، وعدد من منظمات حقوق الإنسان أكدت أن الظروف والأوضاع غير مهيئة لعودتهم، وهناك من عاد منهم، وتم القبض عليه وسجنه، وربما هناك من قتلوا وفق مسائل انتقامية كما على المستوى الدولي لا يمكن أن يعود اللاجئ إلا بعد أن يتأكد من أن ممتلكاته موجودة، و65% من اللاجئين ليس لديهم أي فكرة عن ممتلكاتهم التي تركوها ومعظمهم كذلك ليس لديهم مستندات تحفظ حقوقهم فيما يخص ممتلكاتهم، والنظام السوري قد أصدر قانون بخصوص تملك ممتلكات اللاجئين في حال عدم إثبات ملكيتهم لمصادرتها مما يعني أنه ليس هناك أي ترحيب بعودة ممتلكات اللاجئين.
هذا القانون غير العادل الذي أصدره الأسد وهو يشبه المصيدة للاجئين أكبر دليل على أن نظام بشار الأسد يود التخلص من اللاجئين السوريين، ومصادرة حقوقهم وضمان عدم عودتهم نهائياً.
ومن أهم التحديات التي تواجه اللاجئ السوري اليوم كما ذكر د. ناصر هو العامل الاقتصادي فهناك انهيار للاقتصاد السوري جراء الحرب، والليرة السورية خسرت قيمتها والوضع الاقتصادي لا يشجع على العودة كما لا وجود للخدمات الاجتماعية والمدنية فـ 65% من المستشفيات والمدارس تم تدميرها مما يجعل الحوكمة أكثر صعوبة في هذه المسألة، ولا يوجد أي مستندات توثق حقوق اللاجئين أو تثبتها كما إن إعادة توطين اللاجئين تحتاج للكثير من العمل.
الورطة الأكبر التي يجد فيها اللاجئ السوري استحالة عودته كما ذكرت مسؤولة برنامج المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية سهى فاروق، أن النظام السوري سمح لمن يدعم النظام السوري باستخدام المنازل التي تركها اللاجئون الهاربون ومسألة توفر السكن هو الشيء الأساسي لعودتهم لكن هناك أيضاً احتياجات أخرى كفرص العمل والفرص الاقتصادية والاستثمارية.
مديرة المرحلة الثانية من برنامج اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا» الخاص بالأجندة الوطنية لمستقبل سوريا - لبنان التابع للأمم المتحدة السيدة روى نصر الدين، كشفت أن الحوكمة هو جوهر الصراع في سوريا، وغالبية اللاجئين في لبنان يريدون العودة والمشكلة الكبيرة التي تواجه اللاجئين الوثائق الرسمية للهاربين اللاجئين حيث كثير منهم لا يملكون جوازات سفر، ولا هويات ولا قدرة على إثبات أنهم سوريون! فالسجل المدني تدمر بالكامل خلال الصراع كما هناك صناعات تم تدميرها بالكامل، وهناك ضعف بالاقتصاد السوري، ولابد أن نضمن في حال عودة اللاجئين عدم وجود تمييز ضدهم وحمايتهم من الأمور الانتقامية. إن الأوضاع الاقتصادية التي تحصل في المنطقة قد زادت الضغوط على اللاجئين السوريين اليوم خاصة في الدول التي تستضيفهم، وكما ذكرت الخبيرة في البنك الدولي والمتخصصة في مجال التنمية البشرية والحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيدة حنين السيد هناك انخفاض في النمو الاقتصادي في لبنان والأردن والعراق، ولا يمكن تدفق اللاجئين أمام انقطاع التجارة وعدم تدفق المال، ولابد أن يكون هناك عامل الدفع للعودة، وإيجاد استراتيجية تحليلية وملخص عناصر العودة عدم وجود أمن في الدولة، وعدم وجود فرص عمل، وعدم وجود خدمات مما يعني أن اللاجئين السوريين سيكونون أمام تحديات ضخمة للغاية، وورطة أكبر ستؤثر على دول المنطقة ككل، وأن أكبر مأساة يمر بها المواطن السوري اليوم أمام ضياع هويته، واختطاف ممتلكاته ووثائقه الرسمية من نظام جائر لا يعترف بالقوانين والأنظمة الدولية وحقوق الإنسان إثبات أنه سوري عربي مسلم!
* الأزمة السورية مأساة إنسانية عالمية تقترب من مشهد الحرب العالمية الثالثة
* القضية السورية يحمل وزرها كما أكد المتحدثون بورشة "دراسات" النظام الروسي الداعم لنظام بشار
* قاسم سليماني موجود في سوريا ويحاول مهاجمة جيران سوريا من خلال موقعه
* مسألة التمييز وانتهاك كرامة وحماية المواطن السوري كانت بالأصل موجودة قبل اندلاع صراع 2011
* الإيراني سليماني يمارس اليوم سياسة التغيير الديموغرافي على أرض سوريا وتوطين الإيرانيين كشعب بديل لشعب سوريا العربي أمام مرأى العالم أجمع
* العديد من ممتلكات السوريين اللاجئين قد تمت مصادرتها لصالح الإيرانيين
* المبعوث البريطاني: إحباط يشعر به الجميع بشأن إخفاق المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة السورية ولحظة خجل للجميع تجاه سوريا
* مسؤول سياسات سوريا في الدائرة الأوروبية أيدنا فيما اتجهنا إليه من بحث الأسباب الجذرية لممارسة التمييز في سوريا
«عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم سوريا» مسألة معقدة للغاية .. بل هي قضية للأسف تراجع الاهتمام بها أمام قضايا جديدة طرأت على الساحة فهناك قضايا تضيع الحقوق فيها عندما تتضخم مثل كرة الثلج وتتشعب وتكثر فيها الصراعات والانقسامات وتطول أزمتها وكان ضحية كل ذلك بالطبع الشعب السوري الأعزل.
نظم مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة ورشة عمل حول العودة الآمنة للاجئين السوريين والفكرة الأساسية للورشة قامت على تباحث نص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 «2015» على الحاجة لتهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى سوريا والندوة سلطت الضوء على جدلية انه من غير الواضح كيف سيتم تنفيذ ذلك بالفعل خاصة في ظل عدم وجود حل سياسي في المستقبل القريب.
القضية السورية اكثر الموضوعات إلحاحاً على الساحة كما ذكر د. الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة رئيس مجلس الأمناء مركز دراسات البحرين في كلمته بداية الورشة حيث ذكر هناك13.1 مليون سوري لاجئ 6 منهم تشردوا داخلياً و5 عبروا الحدود منهم 3.5 مليون وصلوا إلى تركيا ولبنان وحوالي أكثر من 650 ألف لجئوا إلى الأردن وهذه الأرقام الضخمة تدل على الحجم الكبير للمشكلة فهناك مأساة إنسانية عالمية لم نر مثلها من حقبة التقسيم في الهند ومسألة العودة الطوعية للاجئين السوريين موضوع هام يجب مناقشته اليوم وهناك بيانات قليلة بشأن اللاجئين الفارين وهناك أنباء عن تعرضهم للأذى ومن الصعب في ظل الظروف الراهنة التحقق من هذه الأنباء وبموجب القانون الدولي اللاجئون يجب أن يحترموا لذا مركز دراسات يريد طرح نقاش إنساني حول هذه القضية، وهذا هو ثمن الحرب والتشرد والتفرق.
لقد طرح المتحدثون السبعة خلال ورشة العمل العديد من المعلومات والأرقام المأساوية التي تبين حجم الكارثة الإنسانية في سوريا، والتي تصل بك إلى قناعة الحرب الطائفية الطاحنة التي حدثت في سوريا تحت مرأى ومسمع العالم كله، والفتنة التي تمت حياكتها لأجل إيقاع هذا الضرر التاريخي، الذي لم يعرف مثله القرن الواحد والعشرين والذي يقترب إلى حد حرب عالمية قد كشف عن الوجه القبيح لجرائم النظام السوري ضد شعب عربي أعزل، وكيف هي المخططات الإيرانية المتحالفة مع دول غربية لها أطماعها في المنطقة العربية قد استطاعت أن تنجح في حرب التطهير العرقي والمذهبي للشعب السوري، الذي ارتكبت بحقه مجازر وجرائم حرب وصراعات دموية، لم يشهدها العالم العربي والدولي من قبل كما تم تناقلها وإظهارها في زمن مواقع التواصل الاجتماعي والتوثيق بمقاطع الفيديو والصور.
خلال الورشة شدنا ما طرح خلال الجلسة الثالثة والأخيرة لورشة العمل بشأن الموقف الغربي من الملف السوري، والذي شابه الكثير من الجدل على المستوى العربي وقد تم خلال الورشة طرح الكثير من الإيضاحات التي تبصر المتابع عن العديد من تفاصيل ملف هذه القضية، ومواقف كبار الدول كأمريكا وبريطانيا فالقضية السورية يحمل وزرها، كما أكد المتحدثون النظام الروسي الداعم لنظام بشار الأسد حيث إن مفتاح الحل لهذه الأزمة بيد الروس القادرين على الضغط على نظام بشار، وكما ذكر نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص لسوريا بوزارة الخارجية الأمريكية د. جويل رايبيرن، أن نظام بشار الأسد لن يتغير طوعياً في سياساته بل يجب إجباره وروسيا تتحمل المسؤولية الأكبر لإجبار الأسد على تغيير سلوكياته التي لم تسبب كارثة لسوريا بل لنا جميعاً لكونهم لهم السلطة الأكبر والنفوذ فالأسد ضعيف عسكرياً ولا يستطيع الاستمرار بحملاته العسكرية دون التدخل الروسي الداعم له وهناك حرب إقليمية حاصلة وقاسم سليماني موجود في سوريا ويحاول مهاجمة جيران سوريا من خلال موقعه وهذا ما يؤثر علينا جميعاً ومن الواجب أن يضغط المجتمع الدولي على نظام الأسد.
كنا قد طرحنا سؤال أمام ما ذكره المتحدثون السبعة من أن عودة اللاجئين السوريين مرتبطة بتوفير الأمن والحماية والكرامة لهم، وضمان توفير حقوقهم في السكن والوظائف والخدمات، وعدم وجود تمييز بينهم وبين الداعمين لنظام بشار الأسد أو القيام باعتقالهم وسجنهم وإعدامهم وفق مسائل انتقامية بأنه من الواجب التفكير والتساؤل عن السبب الأساسي الذي تمكن من إنجاح مخطط الفتنة في سوريا لإثارة هذا الصراع الدموي ما قبل سوريا 2011، فإن كانت الجهود تتجه نحو ضمان عدم وجود تمييز وتوفير الأمن والحماية للاجئين السوريين فمسألة التمييز وانتهاك كرامة وحماية المواطن السوري كانت بالأصل موجودة قبل اندلاع هذا الصراع، وكان هناك تمييز طائفي ومذهبي وعنصري يمارس ضد العديد من شرائح المجتمع السوري «بالذات أهل السنة» مما أدى إلى وجود لاجئين ومهاجرين سوريين في عدد من الدول الخليجية والعربية والعالم، فقد كانت تجري عمليات تطهير عرقي وطائفي داخل سوريا سنين طويلة وقبل 2011، وقد مورس ضدهم حرمان من الخدمات الأساسية كالتعليم والإسكان والتوظيف وغيرها وانتهاكات لحقوق الإنسان، وهو ما تجهله العديد من دول الغرب فنظام بشار الأسد مخترق بالأصل من قبل السياسة الإيرانية التي تمارس مخطط المد الصفوي، والتغيير الديموغرافي في المنطقة ولابد من تتبع جذور المشكلة ومنبعها فكيف يضمن بالأساس أن يتوقف هذا التمييز المستمر، الذي مشكلته لم تطرأ بالمناسبة بسبب الصراع في سوريا بل ازدادت خلال الصراع.
كما كيف نضمن عودة اللاجئين دون أن تكون هناك مسائل انتقامية، ليس من جانب نظام الأسد وإنما أيضاً من جانب هؤلاء الذين كثير منهم فقدوا عائلاتهم عن طريق القتل والتعذيب وانتهكت كرامتهم وحقوقهم وتم الاعتداء على نسائهم وسلب شرفهم ومن الصعوبة أن يندمجوا مع نظام دموي كهذا وكيف نضمن أن لا ينخرط هؤلاء في مخطط فتنة جديد بحيث يظهر تنظيم إرهابي جديد على الساحة يخلق صراعاً جديداً وآخر داخل سوريا، فالمسألة معقدة أكثر مما تبدو أمام شعب عربي أعزل مورس تجاهه كبار الجرائم التي تخالف حقوق الإنسان.
لقد كانت كلمة نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى والمبعوث الخاص لسوريا بوزارة الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية د. جويل رايبيرن، لافتة حينما وصف ما حدث في سوريا بأشبه ما يكون بالحرب العالمية الثالثة والصراع في كمبوديا فهناك أكثر من 200 ألف سوري قتل خلال الصراع في سوريا، وقد تم استخدام الأسلحة الكيماوية المجرمة دولياً فنظام بشار الأسد قام بالكثير من الأعمال التوحشية في القرن 21، واللاجئين ليسوا لاجئين اقتصاديين وهم لم يختاروا ذلك بأنفسهم ولن يعودوا طالما آلة القتل في سوريا مستمرة فالحكومة السورية يجب أن توقف جرائمها، وهناك 3 ملايين سوري تم تشرديهم داخل وخارج سوريا من أدلب، وقد كانت هناك اتفاقية للمصالحة بجنوب غرب سوريا لعودة اللاجئين السوريين، لكن النظام السوري قد قام بانتهاكها فنظام الأسد هو من أكثر الأنظمة، الذي مارس الإعدامات والسجن كما إن هناك الكثير من هم مع النظام السوري، قد استفادوا من قانون مصادرة ممتلكات اللاجئين وقد تم احتلال العديد من إحياء السوريين من قبل المدعو قاسم سليماني بدعم من بشار الأسد، وقد سمعنا المسؤولين السوريين، وهم يصرحون أن المجتمع الصحي يكون أكثر صحي بدون لاجئين، وأن سوريا قبل الحرب كانت مكتظة بالسكان والآن هي أفضل!
هذا الكلام يؤكد ما ذكرناه بأن النظام السوري بالأصل نظام مخترق بالأجندة الإيرانية وسياساته في التمييز وممارسة العنصرية والطائفية، لن تتوقف فالإيراني المجرم قاسم سليماني التابع للحرس الثوري الإيراني يمارس اليوم سياسة التغيير الديموغرافي على أرض سوريا، وتوطين الإيرانيين كشعب بديل لشعب سوريا العربي أمام مرأى العالم أجمع، وهناك العديد من ممتلكات السوريين اللاجئين قد تمت مصادرتها لصالح هؤلاء، فمخطط الفتنة في سوريا قد نجح في الوصول إلى ما يختبئ من ورائه من أجندة، وقد أدرك الشعب السوري اليوم الفخ الكبير الذي تم حياكته لإحداث هذا الصراع الدموي في سوريا، وتهجير السوريين العرب.
د. جويل ذكر بصريح العبارة أمريكا لن تدعم إعادة إعمار المناطق التي يسيطر عليها الأسد، وسوف تستمر الإجراءات قدر الإمكان ضده ونحن لا نخلق المشكلة برغبة منا، وندرك أن اللاجئين سيعودون في نهاية المطاف إلى دولهم، ولكن بسلامة وأمن وكرامة وهناك من يقول إننا نضغط على الدول المجاورة التي تستضيفهم، وهذا شيء غير منطقي فأمريكا لن تجبر اللاجئين على العودة لأوطانهم، ونحن مع الدول التي استقبلت السوريين والمجتمع الدولي، يجب أن يستمر في دعم اللاجئين وهذا الموقف الذي ذكره د. جويل كثير من الدول تتبناه، بالمناسبة حيث لا يمكن إعادة تعمير مناطق يجري فيها اليوم توطين الإيرانيين والسوريين الداعمين لنظام بشار الأسد المتحالف مع روسيا، والذين يحملون أجندة عدائية ومخططات مستقبلية للدول العربية المجاورة لسوريا، وهو ما يهدد أمن المنطقة وليس من الصالح العام إعادة تعمير ما قامت إيران وروسيا ونظام الأسد بتدميره، وفق أجندة سياسية عدائية متطرفة فمن المفترض أن يتم تعمير مناطق الأسد من قبل الروس والإيرانيين الذين يتحملون مسؤولية ما حدث.
كما إن ما ذكره رئيس قسم الشرق الأدنى والمبعوث البريطاني الخاص لسوريا بوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث بالمملكة المتحدة د. مارتن لونغدن، إن هناك إحباطاً يشعر به الجميع بشأن إخفاق المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة السورية وأمام تجاوزات النظام السوري وعدم التزامه كيف نتوقع من اللاجئين أن يغامروا بحياتهم للعودة وهذا أمر غير واقعي وهذه لحظة خجل للجميع تجاه سوريا والمسألة ليست مرتبطة ببريطانيا لوحدها حتى نقرر إن كان اللاجئين يجب أن يعودوا أو لا فهناك صراع وحشي يتم على أرض سوريا والتعاون الدولي هو أفضل الحلول.
وقد ايدنا د. مارتن في مداخلتنا وتسائلنا بأن الصراع الذي تم كنا نعتقد أنه لن يحدث مرة أخرى، لكنه يتكرر وهناك سياسات مضادة للإنتاجية ولن تنتهي الأزمة السورية أمام واقع غير مستقر إن لم تحل الأسباب الجذرية لهذا الصراع، فهذا النظام يزيد في عدوانيته، وهناك أشخاص في موسكو روسيا يعتقدون أن النصر لسوريا يكون باستخدام الأسلحة رغم أن التكاليف باهظة جداً لما يحدث، وقد أيدنا د. مارتن أيضاً في مسألة أنه من ضمن المخاطر أن تكون هناك موجة أخرى من الإرهابيين والمتطرفين.
كما إن مسؤول سياسات سوريا في الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية السيد غافن إيفانز قد أيدنا فيما اتجهنا إليه في تساؤلنا، حيث ذكر أن الأسباب الجذرية ربما لم ينتبه إليها أحد قبل الأزمة السورية 2011 وكان هناك افتراض ساذج بالنسبة لعملية الديمقراطية في سوريا، ولابد من ضمان ممارسة الاحترام والديمقراطية من خلال وضع سياسات في سوريا، ولا يمكن المغامرة بحياة الناس ولابد من بحث الأسباب الجذرية لكي تعمل الحكومة والدولة لكل الشعب السوري لا لفئة منه دون تمييز.
وذكر السيد غافن إيفانز لم نر الدول الأعضاء متوحدة بشان موقفها كما هي متحدة بشأن سوريا، ويمكن تمييز المواقف التي تخص الاتحاد الأوروبي فهو مع قرار مجلس الأمن 2254، لتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والاتحاد ليس ضد قرار العودة كما لا نستطيع أن نجبرهم على العودة، وفي فبراير 2014 لجنة تقصي الحقائق من قبل الأمم المتحدة في سوريا أكدت أن العدوانية المستمرة تجاه اللاجئين تمنع عودتهم، وتجعلها مستحيلة، وهناك معوقات للعودة الطوعية والقوات الحكومية السورية تستمر في ممارسة الانتهاكات، ولا نستطيع أن نتجاهل هذه الأمور، حيث قام نظام الأسد باعتقال 700 سوري و50 طفلاً لهم روابط بالثوار ولابد من إيجاد دراسات، وهناك العديد من الأفكار التي تبدو جذابة وجميلة على الورق، لكن من الصعب أن تتحقق على أرض الواقع.
ما يقوله غافن كلام منطقي فلا يوجد ضمانات حقيقية لعودة اللاجئين السوريين دون ضمان حياتهم، وعدم تعرضهم للاعتقال أو التعذيب، ما لم يكن هناك نية جادة من النظام السوري في تغيير سياساته، وهو أمر لن يتحقق إلا بابتعاده وتخليه عن تحالفه مع روسيا والمخططات الإيرانية الراغبة في ممارسة التطهير العرقي للعرب، لذا فالأمر يبدو صعباً للغاية.
من الأمور أيضاً المثيرة للجدل التي طرحت خلال ورشة العمل ما تطرق له رئيس قسم الشرق الأدنى والمبعوث البريطاني الخاص لسوريا بوزارة الخارجية وشؤون الكومنولث بالمملكة المتحدة د. مارتن لونغدن أن هناك من يتهم السياسة الغربية هي المسؤولة عن هذا الموقف، والحقيقة السياسة الغربية ليس لها شأن فهناك رفض لتمويل إعمار سوريا، والحقيقة أن بريطانيا تعمل ضمن النظام الدولي في دعم اللاجئين، وحق العودة لديارهم بأمان كما قمنا بشكر الدول التي تستضيف اللاجئين، وبريطانيا قدمت 2.25 مليار لهذه الدول كما قدمت 1.2 مليار دولار للأردن وتركيا كمساعدات إنسانية للاجئين، وفي داخل سوريا بريطانيا قدمت 2.8 مليار كمساعدات إنسانية للاجئين وهذا أكبر ما قدم في أزمة على مر التاريخ فالنظام السوري قد دمر مناطق المتعاطفين مع من هم ضد النظام حتى وتم القبض عليهم وسجنهم تعسفياً، والأمر المثير للدهشة إخفاق النظام السوري باتفاقيات المصالحة، وانتهاك حقوق الملكية في سوريا ومصادرة العديد من المنازل والممتلكات تحت مبرر أنهم إرهابيون.
وكلامه هذا يؤكد حجم المؤامرة التي تتم ضد العرب على أرض سوريا، لاختطاف هويتهم وتاريخهم واستبدالها ويدعم قناعة حل ملف الأزمة السورية، يبدو معقداً للغاية، فاللاجئون لا يرفضون العودة بسبب الأوضاع الاقتصادية بل لأنهم لا يشعرون بالأمان، وخائفون من انتهاكات النظام السوري الذي لن يردعه إلا ضغط دولي. وقد ذكر مدير البحوث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأمريكية في بيروت د. ناصر ياسين سوريا قد تدمرت جراء هذه الحرب، وخسرت 60 سنة من التنمية والتعمير التي تمت فيها خلال آخر خمس سنوات وبعد 2015 بدأت معاداة اللاجئين السوريين خاصة في أوروبا، وحوالي 6% من اللاجئين يعيشون في معسكرات اللاجئين، وأعدادهم في تناقص فمعظم اللاجئين السوريين يعيشون في مجتمعات تمت استضافتهم فيها، والجهود التي تبذل لأجل دعمهم بدأت في الضعف والانهيار خاصة أن عدداً كبيراً من اللاجئين تحت خط الفقر وهناك 2 مليون طفل مشردين، و1.8 من الأطفال السوريين خارج المدارس في الدول العربية، وأكثرهم متواجد في لبنان، ومن المتوقع أن في السنوات المقبلة المزيد من الأوضاع السلبية والسيئة للاجئين، وهناك وهن أصاب الجهات المانحة والداعمة للاجئين السوريين، وهناك مجتمعات أخذت تشعر بالضغط على اقتصادها نتيجة استضافة هذه الأعداد الضخمة من اللاجئين، وتحولت المجتمعات المضيفة ضد هؤلاء اللاجئين ومعظم السوريين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، وفي مهن لا تخضع للوائح والقوانين «كلامه يفسر مما يعني تورط هذه الدول في مسائل حقوق الإنسان بالطبع».
والمشكلة الأكبر كما يذكرها د. ناصر متطلبات السلامة لعودة اللاجئين إلى سوريا لم يتم الوفاء بها فعنصر السلامة مهم جداً كي يتشجع هؤلاء على العودة، لكن اللاجئون أمام الضغط عليهم للعودة يضطرون للاختباء و36 ألف لاجئ سوري فقط عادوا إلى سوريا، وهو عدد ضئيل مقابل عدد اللاجئين الكلي ويجب علينا أن نتأكد من الأسباب التي تمنعهم من العودة، وهناك عدة أسباب لعدم العودة أولها هو انعدام الأمن في سوريا، وعدد من منظمات حقوق الإنسان أكدت أن الظروف والأوضاع غير مهيئة لعودتهم، وهناك من عاد منهم، وتم القبض عليه وسجنه، وربما هناك من قتلوا وفق مسائل انتقامية كما على المستوى الدولي لا يمكن أن يعود اللاجئ إلا بعد أن يتأكد من أن ممتلكاته موجودة، و65% من اللاجئين ليس لديهم أي فكرة عن ممتلكاتهم التي تركوها ومعظمهم كذلك ليس لديهم مستندات تحفظ حقوقهم فيما يخص ممتلكاتهم، والنظام السوري قد أصدر قانون بخصوص تملك ممتلكات اللاجئين في حال عدم إثبات ملكيتهم لمصادرتها مما يعني أنه ليس هناك أي ترحيب بعودة ممتلكات اللاجئين.
هذا القانون غير العادل الذي أصدره الأسد وهو يشبه المصيدة للاجئين أكبر دليل على أن نظام بشار الأسد يود التخلص من اللاجئين السوريين، ومصادرة حقوقهم وضمان عدم عودتهم نهائياً.
ومن أهم التحديات التي تواجه اللاجئ السوري اليوم كما ذكر د. ناصر هو العامل الاقتصادي فهناك انهيار للاقتصاد السوري جراء الحرب، والليرة السورية خسرت قيمتها والوضع الاقتصادي لا يشجع على العودة كما لا وجود للخدمات الاجتماعية والمدنية فـ 65% من المستشفيات والمدارس تم تدميرها مما يجعل الحوكمة أكثر صعوبة في هذه المسألة، ولا يوجد أي مستندات توثق حقوق اللاجئين أو تثبتها كما إن إعادة توطين اللاجئين تحتاج للكثير من العمل.
الورطة الأكبر التي يجد فيها اللاجئ السوري استحالة عودته كما ذكرت مسؤولة برنامج المكتب الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية سهى فاروق، أن النظام السوري سمح لمن يدعم النظام السوري باستخدام المنازل التي تركها اللاجئون الهاربون ومسألة توفر السكن هو الشيء الأساسي لعودتهم لكن هناك أيضاً احتياجات أخرى كفرص العمل والفرص الاقتصادية والاستثمارية.
مديرة المرحلة الثانية من برنامج اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا» الخاص بالأجندة الوطنية لمستقبل سوريا - لبنان التابع للأمم المتحدة السيدة روى نصر الدين، كشفت أن الحوكمة هو جوهر الصراع في سوريا، وغالبية اللاجئين في لبنان يريدون العودة والمشكلة الكبيرة التي تواجه اللاجئين الوثائق الرسمية للهاربين اللاجئين حيث كثير منهم لا يملكون جوازات سفر، ولا هويات ولا قدرة على إثبات أنهم سوريون! فالسجل المدني تدمر بالكامل خلال الصراع كما هناك صناعات تم تدميرها بالكامل، وهناك ضعف بالاقتصاد السوري، ولابد أن نضمن في حال عودة اللاجئين عدم وجود تمييز ضدهم وحمايتهم من الأمور الانتقامية. إن الأوضاع الاقتصادية التي تحصل في المنطقة قد زادت الضغوط على اللاجئين السوريين اليوم خاصة في الدول التي تستضيفهم، وكما ذكرت الخبيرة في البنك الدولي والمتخصصة في مجال التنمية البشرية والحماية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيدة حنين السيد هناك انخفاض في النمو الاقتصادي في لبنان والأردن والعراق، ولا يمكن تدفق اللاجئين أمام انقطاع التجارة وعدم تدفق المال، ولابد أن يكون هناك عامل الدفع للعودة، وإيجاد استراتيجية تحليلية وملخص عناصر العودة عدم وجود أمن في الدولة، وعدم وجود فرص عمل، وعدم وجود خدمات مما يعني أن اللاجئين السوريين سيكونون أمام تحديات ضخمة للغاية، وورطة أكبر ستؤثر على دول المنطقة ككل، وأن أكبر مأساة يمر بها المواطن السوري اليوم أمام ضياع هويته، واختطاف ممتلكاته ووثائقه الرسمية من نظام جائر لا يعترف بالقوانين والأنظمة الدولية وحقوق الإنسان إثبات أنه سوري عربي مسلم!