* القضية ليست معنية بمحاولات تشويه صورة السوريين اللاجئين وضرب سياحة تركيا
* القصة تحمل موعظة وتمثل جرس إنذار لمن يتجه إلى دول قد لا تتوافر فيها احتياطات أمنية عالية
* المجرم يبقى مجرماً بالنهاية سواء أكان عربياً أو أجنبياً ولا يمكن استبدال معلومات الجريمة كالدولة التي جرى فيها اختطاف الفتاة السعودية
* السفارة السعودية في تركيا حذرت ولأكثر من خمس مرات مواطنيها السعوديين من عصابات تركية تستهدفهم
* المخطوفة السعودية تعتبر من الضحايا الناجين من حوادث الاختطاف التي تنتهي غالباً بالقتل وبيع الأعضاء لمافيات بيع الأعضاء
* عصابة المخطوفة السعودية وجدت نفسها في ورطة أمام تحول جريمتهم لقضية رأي ومتابعة المسؤولين الأتراك مع السفارة السعودية
* نجهل الضمير الميت الذي عند الذباب الإلكتروني القطري وهم يحاولون التشكيك في حقيقة القضية وتزييف الوقائع
* هناك من يحاول تكذيب القصة لدرجة أنهم وصلوا إلى قذف المرأة.. كل هذا فقط لأجل عدم تأثر السياحة التركية
* مما نتعلمه من تفاصيل الاختطاف احذر المحلات الصغيرة القريبة من مواقع الفنادق
* أصحاب المحلات التجارية يمثلون مفاتيح ومصادر معلومات للعصابات
* مافيا بيع الأعضاء من الممكن أن تتفق على التواصل مع أصحاب المحلات عند قدوم سياح جدد للمنطقة
القضية حتماً ليست قضية فتاة سعودية قد تم اختطافها من قبل عصابة سورية في تركيا فحسب حتى نكتفي بهذا العنوان!
بل هي قضية جاءت كجرس تنبيه وإنذار حتماً تحمل عبرة وموعظة للعديد من السياح الخليجيين والعرب وبالذات الفتيات اللاتي يتجهن إلى دول قد لا تكون آمنة بالمطلق وتحتاج لاحتياطات أمنية والكثير من الحذر!
وأمام من يود تسييس القضية وتحويرها في خانة تأليف هذه الواقعة لأجل اتهام السوريين، بالذات السوريين اللاجئين وتشويه سمعتهم وغيرها من ادعاءات، فنقول له أن الحقيقة لا يمكن حجبها أو تغييرها فقط لعدم الإساءة للهوية التي يحملها المجرم والبلد الذي ينتمي إليه، مهما كان فالمجرم يبقى مجرماً سواء أكان عربياً أو أجنبياً حتى، والضحية تبقى ضحية مهما كانت جنسيتها والدولة التي تمت فيها هذه الجريمة، لن يتغير أي شيء مما حدث من تفاصيل الجريمة لو كانت دولة غير تركيا كبلد أجنبي أو عربي آخر، فما حصل حصل، والحقيقة لا يمكن أن تلغى أو تغير، فقط لأجل مراعاة عدم أخذها على بعد اقتصادي أو سياحي أو مهما كان!
والسفارة السعودية في تركيا عموماً كانت قبلها قد حذرت ولأكثر من خمسة مرات مواطنيها السعوديين، من عصابات تركية تستهدف السائح السعودي بسرقة جوازات السفر ومبالغ مالية، وأن هناك 165 سعودياً تعرضوا لسرقة جوازاتهم في عدد من المناطق السياحية التركية في وقت سابق، كما أن وكالات السفر والسياحة، ونقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط، قد ذكرت أمام زيادة عمليات السرقة تراجع أعداد السياح السعوديين إلى تركيا، حيث شددت السفارة السعودية في تركيا على ضرورة المحافظة على جوازات السفر والمقتنيات الثمينة، والحذر خصوصاً في الأماكن المزدحمة، أمام رصدها لتعرض مواطنين ومواطنات لعمليات نشل وسرقة لجوازات سفرهم ومبالغ مالية في بعض المناطق من قِبل أشخاص مجهولين، ولعل آخر الوقائع الصادمة تعرض مواطنين سعوديين لإطلاق نار داخل مقهى بمنطقة شيشلي وسط إسطنبول وسرقة أمتعتهما الشخصية.
قصة السعودية التي تم اختطافها قبل فترة في تركيا من قبل عصابة سورية تتكون من رجلين وامرأة، حيث تم إخفاؤها في منزل يبعد عن إسطنبول بثلاث ساعات لأجل التفاوض مع أهلها وابتزازهم مقابل مبلغ مالي قيمته 150 ألف دولار وقد تم احتجازها لمدة تزيد عن 12 يوماً، كتب الله لها عمراً جديداً بعد تحريرها من تلك العصابة وتعتبر من الضحايا الناجين من حوادث الاختطاف التي تنتهي غالباً بالقتل وبيع الأعضاء لمافيات بيع الأعضاء والاتجار بالبشر، ولولا لطف الله ورحمته لكانت قد تعرضت لأمور أخطر واكثر سوءاً، فأمام إثارة قضيتها إعلامياً واستحواذ وسائل الإعلام الإقليمية الاهتمام بها وانتباه الرأي العام، حيث تحولت إلى قضية رأي عام، لكانت العصابة التي قامت باختطافها قد وجدت نفسها في ورطة كبيرة أمام تحركات السفارة السعودية والمسؤولين الأتراك، وليس بيدهم حل غير التخلص منها وبيع أعضائها بدل المطالبة بفدية اختطافها لإعادة تسليمها.
وأمام من يحاول تكذيب القصة، نود التأكيد أن القصة حقيقية وأننا شخصياً قد قمنا بالتواصل مع بعض أقرباء المختطفة السعودية للتأكد، وإلى اليوم نجهل الضمير الميت الذي عند الذباب الإلكتروني القطري وهم يحاولون التشكيك في حقيقة القضية وتزييف الوقائع وتكذيب القصة، لدرجة أنهم وصلوا إلى قذف المرأة وهي محصنة وأم لأبناء كبار، وكل هذا فقط لأجل عدم تأثر السياحة التركية وتأثر مصالحهم، خاصة أولئك الذين يديرون مكاتب سياحية فيها أو لديهم مصالح من سياحة السعوديين فيها، والمرء عندما يقرأ ويطلع على كتاباتهم المشينة التي تفتقر للنخوة والشهامة والمروة يحتار ويصاب بالصدمة والدهشة، ويتساءل هل هؤلاء انسلخوا من هويتهم العربية وقوم يأكلون لحم الخنزير مثلاً أو ما القصة؟
عندنا نتأمل في ظروف القضية ونتساءل كيف اختطفت الفتاة السعودية؟ نجد أن الكمين المعد لاختطاف النساء من قبل العصابة تمثل في محل قريب من الفندق، حيث تم رش مادة مخدرة على وجهها ليسهل حملها، وقامت السيدة الخاطفة المتورطة مع العصابة في المحل بارتداء ملابس عبير والخروج أمام الكاميرات الخارجية للمحل.
ما الذي نتعلمه من تفاصيل جريمة اختطافها؟ عند السفر للخارج يجب توخي الحذر الشديد من المحلات والأسواق التجارية الصغيرة التي لا تتبع شركات عالمية معروفة ومعتمدة بل تدار بواسطة مقيمين أو سكان المنطقة والقريبة من مناطق الفنادق، خاصة إن كان من يبيع فيها صاحبها نفسه، فهو الأدرى بمنافذ المحل ومداخله ومخارجه وبيده مفاتيح إغلاقه وفتحه، وقد يكون تابعاً لجماعات الاتجار بالبشر ومافيا بيع الأعضاء. فعليكَ الحذر من الدخول إليها لوحدك أو أن تترك أطفالك أو زوجتك يتجهون إليها بحكم أنها قريبة من الفندق الذي تقيم فيه والمنطقة آمنة، فهم أكثر الفئات المستهدفة للعصابات. كذلك كثيراً ما ننصح، لا تتكلم ولا تروِ تفاصيل سفرك ورحلتك للغرباء، خاصة أصحاب المحلات التجارية أمام أسئلتهم لك أنت من أين؟ هل جئت للسياحة أو العمل؟ فهؤلاء بالأصل هم مفاتيح ومصادر معلومات لأي مجرم بإمكانه أن يقوم بتشغيلهم لديه أو أخذ معلومات عن طريقهم، فالعصابات من الممكن أن تتفق على التواصل معهم عند قدوم وفد رسمي مثلاً.
وكم من عمليات سرقة تمت لسياح حتى داخل بعض الفنادق لهذا السبب، وكم من سياح تعرضوا لسرقة بسبب إخبار أصحاب المحلات أنهم يستأجرون المكان لمدة معينة وهم قادمون لأجل العمل، ففطنوا أنهم يكونون طيلة النهار مثلاً غير متواجدين بالمكان، فسهلت عملية اقتحام المكان المستأجر وسرقته!
موقف حصل لإحداهن وهي مسافرة في دولة أجنبية مع صديقاتها، حيث كانت تسير معهم في أحد الأسواق الشعبية التي بها الكثير من المداخل والمخارج، والتي بعض محلاتها تقع في أماكن مغلقة تحت الأرض أو داخل شقق في مبانٍ، وفي تلك الأسواق يحدث أن يكون هناك السوق السوداء لعدد من البضائع المخفضة أو المقلدة، فطلب منها أحد أصحاب المحلات أن تتبعه كي يريها بداخل أحد المباني المجاورة، التي عليها أن تستخدم فيه المصعد للوصول إلى موقع فيه البضائع من هذا النوع، إن كانت تود الشراء، ولولا لطف الله وستره وقيام أحد أصحاب المحلات المجاورة بإبلاغ صديقتها أن تحذر منه ولا تتبعه وتدخل معه إلى المبنى الذي أخبرها أن بداخله مكان البضائع، لاختطفت الفتاة، حيث بعدها أخبرها أن هذا الشخص يتعامل مع أشخاص سيئين جداً!
نعود لقضية المخطوفة السعودية، حيث تم القبض على الجناة الذين قاموا باختطافها من خلال أحدهم الذي زعم لشقيق المخطوفة، أنه بإمكانه إيجاد شقيقته من خلال التواصل مع جماعات يعرفها ولها صلة بجماعات بيع الأعضاء ومافيا الاتجار بالبشر، حيث جاء إليه بطريقة أن بإمكانه مساعدته أمام قيام العصابة بالتواصل مع شقيقها هاتفياً، وتهديده في حال إبلاغ الشرطة أنه لن يرى شقيقته أبداً!
الأمر الإيجابي في القضية، أن شقيق المخطوفة كان متواصلاً مع الشرطة، حيث شعر أن الشخص هذا متورط في اختطاف شقيقته من خلال ذكره لبعض المعلومات التي أثارت شكوكه، فتم ترتيب كمين له من خلال الجلوس معه في أحد المقاهي للاتفاق حول تفاصيل تسليمه المبلغ له لأجل قيامه بمنح المبلغ للعصابة كي يسلموا شقيقته، فتم ضبطه والقبض عليه ليعترف للشرطة عن كل شيء ويوصلهم إلى مكان احتجاز المختطفة السعودية، وهذا الأمر يذكرنا بكلام أحد المحاضرين في قضايا «الهكرز» وسرقة صور ومعلومات الهواتف المحمولة، بأن «الهكرز» مهما حاول ابتزازك فإنه في النهاية بالأصل سيأخذ المبلغ منك ولن يعيد لك الصور أو يمسحها، بل هو وضميره، فقد يقوم بنشرها لاحقاً، في النهاية أنت ملزم باللجوء إلى الجهات الرسمية المختصة كي تتعامل معه، لا أن تترك المسألة بينك وبينه!
مما نتعلمه أيضاً، دائماً ما يكون هناك رابط بين الجريمة والمنفذ لها، يتوافر خيط بسيط يوصلك في النهاية إلى المجرم الحقيقي. دائماً عندما يأتي شخص أمام ضياع ساعة لك مثلاً، ويخبرك فجأة أنه يتوقع أنها سرقت لا ضاعت، ويمنحك بعض التفاصيل التي تحمل بالأصل تفسيراً للغز ضياعها واختفائها منك، تأكد أن هذا الشخص له يد بالموضوع ويعلم من سرقها، إن لم يكن هو الفاعل شخصياً، ففي كل الجرائم التي تحصل يبقى المجرم يحوم حول ضحاياه وفي قلق وترقب ومتابعة لما قام به من جرم، حتى لا يتم ضبطه واكتشافه، وحتى يعرف إن كانوا سيمسكون به أو لا، وهناك مجرمون غير أسوياء يحبون مطالعة الآخرين وهم «يتأذون» ويتعذبون بعد إتمام جريمتهم، فيظلون على متابعة مستمرة لهم.
في هذه الحياة، ستجد الشخص الذي يقوم بإيذائك يستفزه أحياناً أنك تعتقد أن إجرامه معك بسرقة مقتنياتك ضياع لا سرقة، ولم «تقتهر»، فيلجأ للعودة إليك من جديد لإخبارك بما حصل معك ولا تعلم عنه حتى تعرف ما حدث، مع مراعاة ألا تعرف في النهاية من هو السارق بل تفاصيل السرقة فقط حتى تغضب وتتألم، ليراقب السارق ردة فعلك ويتلذذ بها، فالمجرم في النهاية إنسان غير سوي ومريض نفسياً ومضطرب سلوكياً.
حادثة الاختطاف ذكرتني بقصة حصلت مع زميلة إعلامية لنا، سافرت إلى إحدى الدول الأجنبية ضمن وفد رسمي وخرجت صباحاً إلى السوق المجاور للفندق لوحدها، تقول زميلتي: «لا أدري ماذا حدث وحصل، فجأة فتحت عيني وانتبهت إلى زميلي وهو ممسك بي ويهزني بقوة كيف أفيق وأصحو!!
ما أذكره أنني كنت أسير بين الباعة الذين يفترشون الشارع للبيع، وحصل أن رأيت ممراً صغيراً جداً به بائعون، فوقفت عند أحدهم، وكانت هناك امرأة غريبة الشكل جداً تراقبني وتتبعني وهيئتها مخيفة نوعاً ما، وكانت «تبحلق» في عيني بطريقة مريبة، هذا كل ما أذكره، لأنني بعدها غبت عن الوعي، وما حصل أنها يبدو قامت بتنويمي مغناطيسياً، ويبدو أنها أرادت أخذي لمكان ما لسرقة حقيبتي وأخذ مالي أو اختطافي وقتلي وبيعي لمافيا الاتجار بالبشر، ولولا لطف الله ومصادفة خروج أحد زملائي بنفس الوقت من الفندق، ولمحه لي، وشعوره أن هناك شيئاً غريباً يحصل، واستغرابه عمن تكون تلك المرأة التي تأخذني معها، لوقع لي ضرر أكبر، حيث لحق بنا ليكتشف أنني غائبة عن الوعي أمام قيام المرأة بسحبي، وكان واضحاً أنها تنوي اختطافي وسرقتي، وعندما اتجه لها هربت فوراً، وهذا أغرب موقف حصل لي في حياتي!».
وهذا الأمر يجعلنا نتعلم؛ أنك عند السفر لدولة أجنبية ولا تعلم عن كيفية الأوضاع الأمنية فيها، إياك أن تسير بمفردك في أماكن تخلو من الناس، والمرأة بالذات يفضل ألا تسير لوحدها، لأن عصابات الاتجار بالبشر ومافيا بيع الأعضاء يصطادون السياح، خاصة أطفال السياح، ولديهم معلومات هائلة وخطط وأوقات معينة للسرقة والاختطاف تصدمك، وهم أكثر من يعرف طبيعة الرقابة الأمنية وأوقاتها.
كذلك مما نتعلمه؛ إياك أن تثق بأي مكاتب سياحية موجودة على الإنترنت، واحذر أن تصدّق وتثق بأي شخص، فصديقة لنا أوهمها مقيم عربي في دولة أجنبية قبل عدة سنوات من خلال موقع يزعم أنه رسمي ومعتمد ومعترف به دولياً، أنهم سينظمون ورشة تدريبية تحصل من خلالها على شهادة قيمة، فدفعت نصف المبلغ وسافرت لوحدها للأسف، واتفقت أن تدفع له ما تبقى عندما تصل، وعندما وصلت قام باستقبالها والترحيب بها في بهو الفندق الذي تقيم فيه وطلب منها دفع البقية حيث تبدأ الورشة صباحاً في اليوم التالي، فدفعت له، لتكتشف في اليوم التالي عندما اتجهت للمكان أن اسمها غير مدرج في الورشة التدريبية، وعندما سألت عن القائم على الورشة، اكتشفت أنه شخص آخر لا يعرفها؛ باختصار اكتشفت أنها تعرضت لعملية نصب واحتيال وسرقة مبلغ قيمته تقريباً 600 دينار بحريني من شخص كان يتواصل معها لمدة تقارب السنة ويعرض صوره الحقيقية ومعلومات على الإنترنت، وهو كاذب ومنتحل لشخصية أخرى، ووجدت نفسها في موقف لا يحسد عليه وهي في دولة أجنبية غريبة لوحدها!
هناك من يتساءل أمام ازدياد حوادث السرقة والنشل، هل ستكون هناك خطوات على مستوى أعلى بخصوص تحذيرات السفارة السعودية المستمرة في تركيا من العصابات التركية؛ وهناك من يدعي أن هناك قراراً قد يصدر بمنع السفر إليها، فيما الحقيقة أن هناك «تحذيرات»، لا منعاً مطلقاً، بتجنب الحشود الكبيرة والأماكن المزدحمة، كي لا تتم سرقة جوازاتهم أو أموالهم والحرص على أمنهم وسلامتهم وعدم استغلالهم في المطاعم والمواقع السياحية وابتزازهم من قبل عصابات منظمة تستهدف السياح السعوديين.
* القصة تحمل موعظة وتمثل جرس إنذار لمن يتجه إلى دول قد لا تتوافر فيها احتياطات أمنية عالية
* المجرم يبقى مجرماً بالنهاية سواء أكان عربياً أو أجنبياً ولا يمكن استبدال معلومات الجريمة كالدولة التي جرى فيها اختطاف الفتاة السعودية
* السفارة السعودية في تركيا حذرت ولأكثر من خمس مرات مواطنيها السعوديين من عصابات تركية تستهدفهم
* المخطوفة السعودية تعتبر من الضحايا الناجين من حوادث الاختطاف التي تنتهي غالباً بالقتل وبيع الأعضاء لمافيات بيع الأعضاء
* عصابة المخطوفة السعودية وجدت نفسها في ورطة أمام تحول جريمتهم لقضية رأي ومتابعة المسؤولين الأتراك مع السفارة السعودية
* نجهل الضمير الميت الذي عند الذباب الإلكتروني القطري وهم يحاولون التشكيك في حقيقة القضية وتزييف الوقائع
* هناك من يحاول تكذيب القصة لدرجة أنهم وصلوا إلى قذف المرأة.. كل هذا فقط لأجل عدم تأثر السياحة التركية
* مما نتعلمه من تفاصيل الاختطاف احذر المحلات الصغيرة القريبة من مواقع الفنادق
* أصحاب المحلات التجارية يمثلون مفاتيح ومصادر معلومات للعصابات
* مافيا بيع الأعضاء من الممكن أن تتفق على التواصل مع أصحاب المحلات عند قدوم سياح جدد للمنطقة
القضية حتماً ليست قضية فتاة سعودية قد تم اختطافها من قبل عصابة سورية في تركيا فحسب حتى نكتفي بهذا العنوان!
بل هي قضية جاءت كجرس تنبيه وإنذار حتماً تحمل عبرة وموعظة للعديد من السياح الخليجيين والعرب وبالذات الفتيات اللاتي يتجهن إلى دول قد لا تكون آمنة بالمطلق وتحتاج لاحتياطات أمنية والكثير من الحذر!
وأمام من يود تسييس القضية وتحويرها في خانة تأليف هذه الواقعة لأجل اتهام السوريين، بالذات السوريين اللاجئين وتشويه سمعتهم وغيرها من ادعاءات، فنقول له أن الحقيقة لا يمكن حجبها أو تغييرها فقط لعدم الإساءة للهوية التي يحملها المجرم والبلد الذي ينتمي إليه، مهما كان فالمجرم يبقى مجرماً سواء أكان عربياً أو أجنبياً حتى، والضحية تبقى ضحية مهما كانت جنسيتها والدولة التي تمت فيها هذه الجريمة، لن يتغير أي شيء مما حدث من تفاصيل الجريمة لو كانت دولة غير تركيا كبلد أجنبي أو عربي آخر، فما حصل حصل، والحقيقة لا يمكن أن تلغى أو تغير، فقط لأجل مراعاة عدم أخذها على بعد اقتصادي أو سياحي أو مهما كان!
والسفارة السعودية في تركيا عموماً كانت قبلها قد حذرت ولأكثر من خمسة مرات مواطنيها السعوديين، من عصابات تركية تستهدف السائح السعودي بسرقة جوازات السفر ومبالغ مالية، وأن هناك 165 سعودياً تعرضوا لسرقة جوازاتهم في عدد من المناطق السياحية التركية في وقت سابق، كما أن وكالات السفر والسياحة، ونقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط، قد ذكرت أمام زيادة عمليات السرقة تراجع أعداد السياح السعوديين إلى تركيا، حيث شددت السفارة السعودية في تركيا على ضرورة المحافظة على جوازات السفر والمقتنيات الثمينة، والحذر خصوصاً في الأماكن المزدحمة، أمام رصدها لتعرض مواطنين ومواطنات لعمليات نشل وسرقة لجوازات سفرهم ومبالغ مالية في بعض المناطق من قِبل أشخاص مجهولين، ولعل آخر الوقائع الصادمة تعرض مواطنين سعوديين لإطلاق نار داخل مقهى بمنطقة شيشلي وسط إسطنبول وسرقة أمتعتهما الشخصية.
قصة السعودية التي تم اختطافها قبل فترة في تركيا من قبل عصابة سورية تتكون من رجلين وامرأة، حيث تم إخفاؤها في منزل يبعد عن إسطنبول بثلاث ساعات لأجل التفاوض مع أهلها وابتزازهم مقابل مبلغ مالي قيمته 150 ألف دولار وقد تم احتجازها لمدة تزيد عن 12 يوماً، كتب الله لها عمراً جديداً بعد تحريرها من تلك العصابة وتعتبر من الضحايا الناجين من حوادث الاختطاف التي تنتهي غالباً بالقتل وبيع الأعضاء لمافيات بيع الأعضاء والاتجار بالبشر، ولولا لطف الله ورحمته لكانت قد تعرضت لأمور أخطر واكثر سوءاً، فأمام إثارة قضيتها إعلامياً واستحواذ وسائل الإعلام الإقليمية الاهتمام بها وانتباه الرأي العام، حيث تحولت إلى قضية رأي عام، لكانت العصابة التي قامت باختطافها قد وجدت نفسها في ورطة كبيرة أمام تحركات السفارة السعودية والمسؤولين الأتراك، وليس بيدهم حل غير التخلص منها وبيع أعضائها بدل المطالبة بفدية اختطافها لإعادة تسليمها.
وأمام من يحاول تكذيب القصة، نود التأكيد أن القصة حقيقية وأننا شخصياً قد قمنا بالتواصل مع بعض أقرباء المختطفة السعودية للتأكد، وإلى اليوم نجهل الضمير الميت الذي عند الذباب الإلكتروني القطري وهم يحاولون التشكيك في حقيقة القضية وتزييف الوقائع وتكذيب القصة، لدرجة أنهم وصلوا إلى قذف المرأة وهي محصنة وأم لأبناء كبار، وكل هذا فقط لأجل عدم تأثر السياحة التركية وتأثر مصالحهم، خاصة أولئك الذين يديرون مكاتب سياحية فيها أو لديهم مصالح من سياحة السعوديين فيها، والمرء عندما يقرأ ويطلع على كتاباتهم المشينة التي تفتقر للنخوة والشهامة والمروة يحتار ويصاب بالصدمة والدهشة، ويتساءل هل هؤلاء انسلخوا من هويتهم العربية وقوم يأكلون لحم الخنزير مثلاً أو ما القصة؟
عندنا نتأمل في ظروف القضية ونتساءل كيف اختطفت الفتاة السعودية؟ نجد أن الكمين المعد لاختطاف النساء من قبل العصابة تمثل في محل قريب من الفندق، حيث تم رش مادة مخدرة على وجهها ليسهل حملها، وقامت السيدة الخاطفة المتورطة مع العصابة في المحل بارتداء ملابس عبير والخروج أمام الكاميرات الخارجية للمحل.
ما الذي نتعلمه من تفاصيل جريمة اختطافها؟ عند السفر للخارج يجب توخي الحذر الشديد من المحلات والأسواق التجارية الصغيرة التي لا تتبع شركات عالمية معروفة ومعتمدة بل تدار بواسطة مقيمين أو سكان المنطقة والقريبة من مناطق الفنادق، خاصة إن كان من يبيع فيها صاحبها نفسه، فهو الأدرى بمنافذ المحل ومداخله ومخارجه وبيده مفاتيح إغلاقه وفتحه، وقد يكون تابعاً لجماعات الاتجار بالبشر ومافيا بيع الأعضاء. فعليكَ الحذر من الدخول إليها لوحدك أو أن تترك أطفالك أو زوجتك يتجهون إليها بحكم أنها قريبة من الفندق الذي تقيم فيه والمنطقة آمنة، فهم أكثر الفئات المستهدفة للعصابات. كذلك كثيراً ما ننصح، لا تتكلم ولا تروِ تفاصيل سفرك ورحلتك للغرباء، خاصة أصحاب المحلات التجارية أمام أسئلتهم لك أنت من أين؟ هل جئت للسياحة أو العمل؟ فهؤلاء بالأصل هم مفاتيح ومصادر معلومات لأي مجرم بإمكانه أن يقوم بتشغيلهم لديه أو أخذ معلومات عن طريقهم، فالعصابات من الممكن أن تتفق على التواصل معهم عند قدوم وفد رسمي مثلاً.
وكم من عمليات سرقة تمت لسياح حتى داخل بعض الفنادق لهذا السبب، وكم من سياح تعرضوا لسرقة بسبب إخبار أصحاب المحلات أنهم يستأجرون المكان لمدة معينة وهم قادمون لأجل العمل، ففطنوا أنهم يكونون طيلة النهار مثلاً غير متواجدين بالمكان، فسهلت عملية اقتحام المكان المستأجر وسرقته!
موقف حصل لإحداهن وهي مسافرة في دولة أجنبية مع صديقاتها، حيث كانت تسير معهم في أحد الأسواق الشعبية التي بها الكثير من المداخل والمخارج، والتي بعض محلاتها تقع في أماكن مغلقة تحت الأرض أو داخل شقق في مبانٍ، وفي تلك الأسواق يحدث أن يكون هناك السوق السوداء لعدد من البضائع المخفضة أو المقلدة، فطلب منها أحد أصحاب المحلات أن تتبعه كي يريها بداخل أحد المباني المجاورة، التي عليها أن تستخدم فيه المصعد للوصول إلى موقع فيه البضائع من هذا النوع، إن كانت تود الشراء، ولولا لطف الله وستره وقيام أحد أصحاب المحلات المجاورة بإبلاغ صديقتها أن تحذر منه ولا تتبعه وتدخل معه إلى المبنى الذي أخبرها أن بداخله مكان البضائع، لاختطفت الفتاة، حيث بعدها أخبرها أن هذا الشخص يتعامل مع أشخاص سيئين جداً!
نعود لقضية المخطوفة السعودية، حيث تم القبض على الجناة الذين قاموا باختطافها من خلال أحدهم الذي زعم لشقيق المخطوفة، أنه بإمكانه إيجاد شقيقته من خلال التواصل مع جماعات يعرفها ولها صلة بجماعات بيع الأعضاء ومافيا الاتجار بالبشر، حيث جاء إليه بطريقة أن بإمكانه مساعدته أمام قيام العصابة بالتواصل مع شقيقها هاتفياً، وتهديده في حال إبلاغ الشرطة أنه لن يرى شقيقته أبداً!
الأمر الإيجابي في القضية، أن شقيق المخطوفة كان متواصلاً مع الشرطة، حيث شعر أن الشخص هذا متورط في اختطاف شقيقته من خلال ذكره لبعض المعلومات التي أثارت شكوكه، فتم ترتيب كمين له من خلال الجلوس معه في أحد المقاهي للاتفاق حول تفاصيل تسليمه المبلغ له لأجل قيامه بمنح المبلغ للعصابة كي يسلموا شقيقته، فتم ضبطه والقبض عليه ليعترف للشرطة عن كل شيء ويوصلهم إلى مكان احتجاز المختطفة السعودية، وهذا الأمر يذكرنا بكلام أحد المحاضرين في قضايا «الهكرز» وسرقة صور ومعلومات الهواتف المحمولة، بأن «الهكرز» مهما حاول ابتزازك فإنه في النهاية بالأصل سيأخذ المبلغ منك ولن يعيد لك الصور أو يمسحها، بل هو وضميره، فقد يقوم بنشرها لاحقاً، في النهاية أنت ملزم باللجوء إلى الجهات الرسمية المختصة كي تتعامل معه، لا أن تترك المسألة بينك وبينه!
مما نتعلمه أيضاً، دائماً ما يكون هناك رابط بين الجريمة والمنفذ لها، يتوافر خيط بسيط يوصلك في النهاية إلى المجرم الحقيقي. دائماً عندما يأتي شخص أمام ضياع ساعة لك مثلاً، ويخبرك فجأة أنه يتوقع أنها سرقت لا ضاعت، ويمنحك بعض التفاصيل التي تحمل بالأصل تفسيراً للغز ضياعها واختفائها منك، تأكد أن هذا الشخص له يد بالموضوع ويعلم من سرقها، إن لم يكن هو الفاعل شخصياً، ففي كل الجرائم التي تحصل يبقى المجرم يحوم حول ضحاياه وفي قلق وترقب ومتابعة لما قام به من جرم، حتى لا يتم ضبطه واكتشافه، وحتى يعرف إن كانوا سيمسكون به أو لا، وهناك مجرمون غير أسوياء يحبون مطالعة الآخرين وهم «يتأذون» ويتعذبون بعد إتمام جريمتهم، فيظلون على متابعة مستمرة لهم.
في هذه الحياة، ستجد الشخص الذي يقوم بإيذائك يستفزه أحياناً أنك تعتقد أن إجرامه معك بسرقة مقتنياتك ضياع لا سرقة، ولم «تقتهر»، فيلجأ للعودة إليك من جديد لإخبارك بما حصل معك ولا تعلم عنه حتى تعرف ما حدث، مع مراعاة ألا تعرف في النهاية من هو السارق بل تفاصيل السرقة فقط حتى تغضب وتتألم، ليراقب السارق ردة فعلك ويتلذذ بها، فالمجرم في النهاية إنسان غير سوي ومريض نفسياً ومضطرب سلوكياً.
حادثة الاختطاف ذكرتني بقصة حصلت مع زميلة إعلامية لنا، سافرت إلى إحدى الدول الأجنبية ضمن وفد رسمي وخرجت صباحاً إلى السوق المجاور للفندق لوحدها، تقول زميلتي: «لا أدري ماذا حدث وحصل، فجأة فتحت عيني وانتبهت إلى زميلي وهو ممسك بي ويهزني بقوة كيف أفيق وأصحو!!
ما أذكره أنني كنت أسير بين الباعة الذين يفترشون الشارع للبيع، وحصل أن رأيت ممراً صغيراً جداً به بائعون، فوقفت عند أحدهم، وكانت هناك امرأة غريبة الشكل جداً تراقبني وتتبعني وهيئتها مخيفة نوعاً ما، وكانت «تبحلق» في عيني بطريقة مريبة، هذا كل ما أذكره، لأنني بعدها غبت عن الوعي، وما حصل أنها يبدو قامت بتنويمي مغناطيسياً، ويبدو أنها أرادت أخذي لمكان ما لسرقة حقيبتي وأخذ مالي أو اختطافي وقتلي وبيعي لمافيا الاتجار بالبشر، ولولا لطف الله ومصادفة خروج أحد زملائي بنفس الوقت من الفندق، ولمحه لي، وشعوره أن هناك شيئاً غريباً يحصل، واستغرابه عمن تكون تلك المرأة التي تأخذني معها، لوقع لي ضرر أكبر، حيث لحق بنا ليكتشف أنني غائبة عن الوعي أمام قيام المرأة بسحبي، وكان واضحاً أنها تنوي اختطافي وسرقتي، وعندما اتجه لها هربت فوراً، وهذا أغرب موقف حصل لي في حياتي!».
وهذا الأمر يجعلنا نتعلم؛ أنك عند السفر لدولة أجنبية ولا تعلم عن كيفية الأوضاع الأمنية فيها، إياك أن تسير بمفردك في أماكن تخلو من الناس، والمرأة بالذات يفضل ألا تسير لوحدها، لأن عصابات الاتجار بالبشر ومافيا بيع الأعضاء يصطادون السياح، خاصة أطفال السياح، ولديهم معلومات هائلة وخطط وأوقات معينة للسرقة والاختطاف تصدمك، وهم أكثر من يعرف طبيعة الرقابة الأمنية وأوقاتها.
كذلك مما نتعلمه؛ إياك أن تثق بأي مكاتب سياحية موجودة على الإنترنت، واحذر أن تصدّق وتثق بأي شخص، فصديقة لنا أوهمها مقيم عربي في دولة أجنبية قبل عدة سنوات من خلال موقع يزعم أنه رسمي ومعتمد ومعترف به دولياً، أنهم سينظمون ورشة تدريبية تحصل من خلالها على شهادة قيمة، فدفعت نصف المبلغ وسافرت لوحدها للأسف، واتفقت أن تدفع له ما تبقى عندما تصل، وعندما وصلت قام باستقبالها والترحيب بها في بهو الفندق الذي تقيم فيه وطلب منها دفع البقية حيث تبدأ الورشة صباحاً في اليوم التالي، فدفعت له، لتكتشف في اليوم التالي عندما اتجهت للمكان أن اسمها غير مدرج في الورشة التدريبية، وعندما سألت عن القائم على الورشة، اكتشفت أنه شخص آخر لا يعرفها؛ باختصار اكتشفت أنها تعرضت لعملية نصب واحتيال وسرقة مبلغ قيمته تقريباً 600 دينار بحريني من شخص كان يتواصل معها لمدة تقارب السنة ويعرض صوره الحقيقية ومعلومات على الإنترنت، وهو كاذب ومنتحل لشخصية أخرى، ووجدت نفسها في موقف لا يحسد عليه وهي في دولة أجنبية غريبة لوحدها!
هناك من يتساءل أمام ازدياد حوادث السرقة والنشل، هل ستكون هناك خطوات على مستوى أعلى بخصوص تحذيرات السفارة السعودية المستمرة في تركيا من العصابات التركية؛ وهناك من يدعي أن هناك قراراً قد يصدر بمنع السفر إليها، فيما الحقيقة أن هناك «تحذيرات»، لا منعاً مطلقاً، بتجنب الحشود الكبيرة والأماكن المزدحمة، كي لا تتم سرقة جوازاتهم أو أموالهم والحرص على أمنهم وسلامتهم وعدم استغلالهم في المطاعم والمواقع السياحية وابتزازهم من قبل عصابات منظمة تستهدف السياح السعوديين.