من أحب الأوقات لأصحاب المبادئ أوقات الأزمات الأخلاقية، وخاصة تلك المتعلقة بالدين والثبات على الحق، فهي تلك اللحظات التي يحدث فيها كل التمحيص ليظهر من هو صاحب المبدأ ومن هو غثاء السيل الباحث عن مصلحته ولو كانت على حساب دينه ونبيه.

عادة ما يتصدر المشهد ووسائل التواصل أولئك المؤثرون الذين يبحثون عن أي موجة أو حدث ولو كانت دوافعهم كثيرة، ولكن هناك بالطبع دوافع أنانية، فلعل أهم وظيفة فردية يؤديها هذا النوع من الغضب الأخلاقي هي في الرسالة التي يرسلها الغاضب للجميع.

فهو حين يعبر عن غضبه تجاه أي قضية فإنه يعلن بطريقة غير مباشرة تبرؤه من السلوك الذي يعترض ضده، ويستعرض تفوقه الأخلاقي وإشارته للطهر من العنصرية على باب المثال في إشارة للفضيلة التي بداخله.

ولكن لأن الموضوع هذه المرة يتعلق بإساءة لخير البشر وليس مقطع تنمر أو جملة عنصرية فإن عدد المتفاعلين سيكون محدوداً في شريحة معينة وليست حملة من حملات الترويج لفضائله.

‏ولذلك لا يشارك أصحاب الصولات والجولات في وسائل التواصل الاجتماعي في حملة الدفاع عن رسول الله، وذلك بسبب عدم وجود جمهور يكسبون وده لهذه البطولة الإخلاقية ولا مستقبل لإشارة الفضيلة هذه.

إن تبرير السكوت عن قضية نصرة نبيك بوجود كثيرين يفعلون ذلك هو تضارب في البوصلة الأخلاقية التي سمحت لك بالمشاركة في حملات المناهضة العالمية؛ لأن من شأنها أن تظهرك بمظهر قدسية وطهارة شخصك الكريم أمام جحافل الناس.

كما أن هناك نوعاً جديداً من المحسوبين على التدين فبالرغم من مكانتهم الاجتماعية والعلمية فإنهم محرومون من خير عظيم وموقف مشرف لكل مسلم، فمن الصعب أن نستوعب أن بعضاً ممن ربونا على حب الرسول ونصرته هم من يعترضون اليوم على نصرتنا له بأقل ما نقدمه له صلوات الله وسلامه عليه، فالمصيبة أنهم يجرمون الحملات الشعبية وينتقدونها وهم لو سُب أبوهم أو رمز دنيوي لهم يبحثون عن رضاه لقامت قيامتهم ولم تقعد ولصعدوا المنابر وثرثروا.

إن خلط الحابل بالنابل في القضايا السياسية هو أمر دارج وأسلوب يستخدمه الساسة لتضييع وتشتيت الآراء «فرق تسد».

‏ولكني أعجب من المساومات الحاصلة في مواقع التواصل على حساب نصرة رسولك والرد على من أساء لوجودك ولم يحترم كيان ديانتك.

رحم الله تلك النفوس الفقيرة المادة الغنية بتجارتها مع الله والتي بذلت كل ما تملك لنصرة نبي هذه الأمة.