أقام مركز عبدالرحمن كانو الثقافي الثلاثاء محاضرة بعنوان "الفكر اللغة العربية التأصيل والمنجز" لـ د.عبدالقادر المرزوقي وأدار الحوار د.صباح الجبوري.

واستهل د.الجبوري المحاضرة بوصفه اللغة العربية بثرائها وسحرها الذي أبهر الغرب قبل الشرق فهي اللغة التي وسعت القرآن وأشار الله سبحانه وتعالى لها في أكثر من موضع، ثم ابتدأ الدكتور المرزوقي حديثه بذكر أهمية طرح هذا الموضوع لما يراه من محاولات لتهميش اللغة العربية وإحالتها إلى التقاعد ومحاولة مواجهة ما يحاك ضد اللغة العربية كاتهامها بالصعوبة والجمود وكالمناداة بترك الإعراب والتوجه إلى العامية إلى غير ذلك من التوجهات والتي يراد منها زعزعة ثقة الإنسان العربي بفكره وتاريخه وحضارته.

وأشار المرزوقي إلى أن هذه الدراسة ليست الأولى من نوعها في هذا المجال فقد تناول البحث عن أصل اللغة العربية الكثير من العلماء بالتحليل والدراسة ونوه أن البحث يقوم على مشكلة جوهرية تتمثل في السؤال حول كيف تحدث الإنسان الأول في الكون وهو سيدنا آدم وزوجته حواء وما اللغة التي بدأ بها التواصل بينهما.


وأوضح "إن مفهوم اللغة قائم على مفهوم القصدية وهي حاجة البشر إلى وسيلة تواصل بينهم تعبر عن مقاصدهم الفكرية والحياتية لذا فإن البحث في أصل اللغة بحث شائع، فاللغة هي وعاء الفكر فكيف تكون العبودية دون وجود لغة تواصل بين العبد وخالقه وذلك يدحض الفكر القائل ان اللغة تكونت من حاجة الإنسان الغريزية ومن ثم يتناقض مع قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة) البقرة، الآية 31".

وذكر المرزوقي أن الآراء تفاوتت وتعددت حول أصل اللغة وتكونها بين توقيفية أي إنها وحي من الخالق كما يرى ابن فارس في كتاب وحي اللغة أو إنها وضعية ابتكرها الإنسان كما يرى إبن جني في كتاب الخصائص وهو ما يطمئن إليه الكثير من علماء اللغة ثم عرض النظريات الأربع الناشئة عن هذه الإشكالية وهي: نظرية التوقيف والإلهام وتنص على إن اللغة العربية وحي من الله عز وجل ولا يد للإنسان في وضعها لذلك هي توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها، نظرية التواضع والاصطلاح وتتلخص في إن اللغة موضوعة واتفاق بين الناس، نظرية المحاكاة والتقليد وتتلخص أن نشأة اللغة بدأت محاكاة للأصوات الطبيعية وتقليداً للأصوات المسموعة من الأشجار والحيوانات وصوت الرعد وغيره وتمثلت النظرية الرابعة وهي نظرية الغريزة الكلامية وهي إحدى النظريات الحديثة بأن الإنسان مزود بغريزة خاصة كانت تحمل كل إنسان على التعبير عن كل مدرك حسي أو معنوي بكلمة خاصة ولذا اتحدت المفردات والتعابير عند الإنسان الأول.

وتحدث عن أصول اللغة العربية وموقعها بين اللغات التي نشأت على مر العصور الماضية وكيف أن اللغة العربية تقع من ضمن اللغات السامية بالقسم الغربي الجنوبي منها، وقسم الدكتور المرزوقي اللغة العربية إلى قسمين العربية الجنوبية والعربية الشمالية المعروفتين عند اللغويين العرب باللغة الحميرية وموطنها اليمن وجنوب الجزيرة العربية وتنقسم إلى لهجتين السبأية والمعينية إما الشمالية فهي لغة وسط الجزيرة العربية وشمالها وهي ما يسمى باللغة العربية الفصحى وقد خلدت بسبب نزول القرآن الكريم بها وتفوقت لذلك السبب.

وأكد المرزوقي على أهمية تسليط الضوء على أصولنا العربية من خلال اللغة التي حفظت إرث العرب على مدى القرون وشدد على أسباب تدهور وتهميش اللغة العربية وضياعها متمثلاً في غياب الحاضنة الحقيقية لممارسة اللغة بدأ من التعليم الأساسي في المدرسة إضافة إلى الغزو الفكري والتقني ووضح أن اللغة العربية ليست مهنة وإنما هي هوية وآلة فكر تعمل على تهذيب البناء الفكري للمجتمع.