من المستحيل أن يتكون الكابتشينو من خليط الحليب المخفوق فقط! بل من خليط الحليب والنسكافيه وقشطة الخفق والفانيلا، كل وفق مقادير محددة ودقيقة ومتجانسة لنخرج بنتيجة مفعمة وشهية من النشاط والحيوية.

لنأتي لتركيبة عضوية فريق العمل في مشروع أو عمل معين، ستجد بالطبع عضوية المثقف والقائد، والمخلص، فضلاً عن وجود السلبي، الذي لا فائدة منه سوى نشر الإحباط، والغيور الذي يتصيد لك في الماء العكر ليُنهيك، وعضوية الأموات بأجساد حيّة المعلنة أسماؤهم في الأوراق فقط، والذين تتلقفهم الترقيات من حيث لا يحتسبون! و»الكوراس»، و»مبلغ اللوه» ناقل الأخبار، وعضوية «روميو» الموظف الرومانسي مكون العلاقات الرومانسية أينما وجد، والمعقّد! وما أدراك ما المُعقد، هو الذي يفرض «لعبة الحية» في طريق الوصول إلى إتمام العمل، أيّة كابتشينو حامضة ومقززة سينتجها العمل في خليط هذه المكونات غير المتجانسة؟ كم عدد الثمار غير الناضجة التي يضمن المعوقون فكرياً استمرارية واستدامة عدم نضجها؟!

فما بالكم لو كان هذا الفريق في كل مؤسسة، ووزارة، وجهة؟ ما النتائج المشتركة التي سوف يتم التوصل إليها بخلاف الإحباط، وتلاشي القادة والمثقفين، وابتعاد المخلصين عن العمل؟ من المستحيل أن تكون صاحب قرار وقائداً في نفس الوقت - إذا فكرت لوهلة بمحاولة وضع سمكة زينة مع سمكة الفايتر «المقاتلة» في حوض واحد كتجربة لإحياء التعايش في ما بينهم! وخاصة بعلمك أن سمكة «الفايتر» تحول كل من يجاورها من غير بني جنسها إلى وجبه شهية لها!

اعذرني أيها القارئ، فأنا لا أريدك التركيز على علم الأسماك بقدر ما أن أوحي لك بأن هناك أشخاصاً بيننا هم قادة، وناجحون، ومثقفون ومفكرون قد سطع بريقهم بقوة في البداية، إلا أنهم اختفوا بعدها للظروف القاسية التي انتابتهم من تهميش وتحبيط، وتكسير «مجاديف»!

تدارسنا سابقاً بأن كل أزمة تُحل بوجود الجماعة، وليس الفرد، وعلى ذلك، فإن فريق العمل القيادي مهم جداً في إدارة أي عمل ومشروع وأزمة، وأن حقنه بالإحباط والسلبية لن يضفي أية نتيجة كابتشونية فعّالة! نحن لسنا في محفل رجاء لنرتجي من بعضنا البعض التكاتف الذي تعودنا على مناداته قروناً عديدة، بل حتى التكاتف أصبح يُفهم بطريقة خاطئة، فكثيراً ما نرى أعداداً غفيرة تتصيد للشخص الناجح من أجل إسقاطه، حتى يصفو الجو للفاشلين والخونة والكسالى للتكاتف معاً لنتيجة الصفر.

شكراً لكل من ساهم، بإثراء الناجحين، وأخص بالذكر معهد البحرين للتنمية السياسية، والمبرة الخليفية على تحفة البرامج المتنوعة والأفكار غير المألوفة الناضحة المثمرة والمشهود لها التي تساهم فعلاً في إثراء الشباب، من خلال تدريبهم وتزويدهم بالأدوات القيادية لكسر روتين الجمود، والارتقاء بسبل نجاح أكثر إشراقاً وفاعلية وقوة لمكافحة شراسة هذا العصر.