دمشق - رامي الخطيب:

ازدادت نسب الطلاق في المجتمع السوري بكافة أطيافه تزامناً مع أوضاع يعيشها السوريون في ظل حرب طاحنة. ولذلك مسببات كثيرة يتداخل بعضها بشكل معقد لينتج وضعاً اجتماعياً صعباً قد يكون الطلاق أحد تجلياته الأكثر بروزاً.

الاعتقال

انتشرت في المجتمع السوري ظاهرة المفقودين نتيجة طبيعية للحرب، والمفقود كما عرفه القانون "شخص لا يعرف إن كان حياً أو ميتاً".



ويترتب على ذلك آثار اجتماعية، ناهيك عن الإنسانية، فعندما يغيب الزوج خاصة في سجون نظام الأسد ويمنع على الأهل معرفة مصيره لفترة طويلة تلجأ الزوجة إلى المحكمة لطلب الطلاق. وفي حين لا توجد إحصائية دقيقة لعدد المفقدين فإن أعدادهم تزداد وهي تعد بعشرات الآلاف. و تحدث المفاجأة إن خرج الزوج بعد سنوات وهو يمني النفس برؤية زوجته وأولاده فيجدها قد طلقت منه و تزوجت من آخر بل ربما تكون سافرت رفقة زوجها وأولادها.

اعتقال النساء

يعتبر اعتقال النساء على الحواجز أو أثناء اقتحام قوات الأسد للبلدات والمدن سلوكاً شائعاً. وبعد اعتقال الزوجة يلجأ كثير من الأزواج إلى الطلاق خشية مواجهة مجتمع يصم الزوج بالعار في ظل الحديث المتواتر عن انتهاكات جنسية في سجون النظام. وحين تخرج الزوجة التي لم تقترف ذنباً من السجن تجد زوجها تخلى عنها وقد تفقد حق حضانة الأطفال إن كانت قادرة على حضانتهم من الناحية المالية و النفسية.

الزواج في سن مبكرة

يلجأ كثير من الأهالي إلى تزويج بناتهم في سن مبكرة هرباً من الفقر و ضنك العيش الذي وضعتهم الحرب بين براثنه، فتخرج بناتها من المدارس بغرض تزويجهن. وغالباً ما يكون الزوج أيضا صغير السن. ومع أول مشكلة يتجه الزوجان إلى الطلاق لنقص النضوج العقلي والنفسي للطرفين.

ويعتبر تزويج القاصرات شائعاً في مخيمات دول اللجوء كالأردن وتركيا ولبنان.

تزويج الفتيات للغرباء المقاتلين

انتشرت ظاهرة المقاتلين الأجانب في سورية ممن يسمون أنفسهم ''المهاجرين المجاهدين'' وهؤلاء يكونون غالباً عزاباً فيلجؤون إلى الزواج من سوريات. وانتشر هذا النوع من الزواج خصوصاً في المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم "داعش" في فترة تمدده. وبعد فترة يختفي الزوج فجأة كما ظهر فجأة ويذر الزوجة معلقة تبحث عن الطلاق في المحاكم.

الفقر الشديد

أدى انهيار الاقتصاد السوري إلى مشكلات أسرية لا حصر لها، وكان الطلاق التعبير الأوضح عن هذه المشكلات. إذ خلقت الفاقة وقصر ذات اليد مشكلات عميقة بين الأزواج انتهت غالباً بالطلاق أمام عجز الزوج عن تأمين أبسط مقومات الحياة لأسرته.

في المهجر ليسوا أفضل حالاً

وتتحدث تقارير إعلامية كثيرة عن ارتفاع نسب الطلاق في صفوف اللاجئين السوريين في أوروبا وأمريكا مع تغير نمط الحياة وزيادة المشكلات العائلية التي خلقتها صدمة الثقافة الجديدة وأسلوب الحياة الذي يجعل المرأة نداً للرجل وسهولة حصولها على حقوق الحضانة والنفقة.

الزواج من جند النظام وميليشاته

تنتشر عشرات الميليشات الأجنبية في سوريا إضافة إلى قوات نظام الأسد. وتزوج أسر كثيرة بناتها لجنود و ضباط النظام طلباً ''للجاه والنفوذ'' أحياناً، خاصة مع ميلان الكفة العسكرية لصالح الاسد بعد التدخل الروسي والإيراني. كما أصبحت الميليشيات الأجنبية أمراً واقعاً لكثير من السوريين، ما أدى إلى انتشار الزواج من مقاتلي هذه الميليشيات. وبسبب اختلاف القيم وحتى الدين أحياناً ينتهي كثير من هذه الزيجات بالطلاق خاصة حين يقرر المقاتل العودة لبلده أو منطقته.