* بين حصص كل طائفة والتطبيع مع سوريا وسياسة النأي بالنفس وتطورات "محكمة الحريري"

* مباحثات جديدة بين بيروت ودمشق حول عودة النازحين السوريين

* علاقة الحريري بالرياض ممتازة والقائم بالأعمال السعودي يزوره لوضع حد للشائعات



بيروت - بديع قرحاني، وكالات

دخلت مسألة تشكيل الحكومة اللبنانية نفقاً مظلماً جديداً وسط تعقيدات المشهد الذي يدور في فلك الحصص الوزارية لكل طائفة والتطبيع مع سوريا وسياسة النأي بالنفس وتطورات "محكمة الحريري". وكشفت وكالة الأنباء المركزية اللبنانية أن جولة الاتصالات الأخيرة التي اضطلع بها رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري واستهلها من عين التينة بزيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، انتهت إلى "صفر" نتائج. والتفاؤل الذي ارتفعت أسهمه بقوة الأسبوع الماضي في فضاء "التأليف"، تبخر في شكل شبه تام، لتحلّ مكانه أجواء تشاؤمية قاتمة، ليس فقط بفعل العجز عن تحقيق أي خرق في مطالب القوى السياسية في شأن الحصص والأحجام الوزارية، بل أيضاً بسبب عوامل جديدة اقتحمت ملعب "التشكيل"، متعلقة بالتطبيع مع النظام السوري وبمبدأ النأي بالنفس، واللذين أعادا إلى حد كبير، إحياء اصطفافي 8 و14 آذار، ملغيين "الوسطية" التي ظهرت في أعقاب التسوية الرئاسية.

وفي حين لا تبدو حلقة الجمود الحكومي مرشحة لأي كسر قريباً، خصوصاً وأن عطلة عيد الأضحى ستحمل أبرز المعنيين بالتشكيل إلى خارج البلاد، تكثر المخاوف من إمكانية أن يكون التأليف دخل نفقاً مظلماً قد يكون طويل الأمد، وربما استمر حتى نهاية العام الجاري، خاصة إن أخذنا في الاعتبار التطورات التي ستشهدها قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري مع دخول محاكمات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، مطلع سبتمبر المقبل، مراحلها الختامية، والتي ستكون لها بطبيعة الحال، تردداتها ووقعها على مجرى الأحداث السياسية محلياً.

ومن المتوقع حسب "المركزية" أن تكون للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأحد 26 أغسطس الجاري إطلالة إعلامية، من الهرمل، في ذكرى "تحرير الجرود"، ومن المفترض أن يتعرض خلالها للقضايا الإقليمية والمحلية كافة، وعلى رأسها تأليف الحكومة "والعلاقات مع دمشق ومحاربة الإرهاب وملف النزوح السوري"، تعقبها كلمة للرئيس بري في 31 أغسطس في ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه، ستساهمان في تكوين صورة عن مسار الأمور محلياً في شكل عام، وحكومياً في شكل خاص.

في الأثناء، تشير مصادر سياسية مطّلعة عبر "المركزية" إلى أن العقد لاتزال على حالها، فالتيار الوطني الحر لم يوافق بعد على التخلي عن حصة 11 وزيراً لرئيس الجمهورية وللتيار في الحكومة، كما إن القوات اللبنانية متمسكة بالحصول على حقيبة سيادية، أما الحزب التقدمي الاشتراكي فيصر على الحصول على التمثيل الدرزي كاملاً في الوزارة "3 وزراء دروز".

من جهة ثانية، ستكون قضية إعادة النازحين مدار بحث الأحد بين وزير الخارجية جبران باسيل والمسؤولين الروس في موسكو حيث سيعرض لجديد المبادرة الروسية في هذا الشأن. وفي السياق، وبعد اللقاء الذي جمع مستشار الرئيس الحريري جورج شعبان مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، الأربعاء في العاصمة الروسية، أوضح مستشار الحريري لشؤون النازحين نديم المنلا عبر "المركزية" أن "روسيا متمسكة بمبادرتها، وتقوم بعملية مسح للأضرار في الداخل السوري تمهيدا للعودة. إلا أن عودة النازحين بأعداد كبيرة لن تتأمن ما لم يتوفر التمويل الدولي والضمانات الأمنية، ولقاء شعبان مع بوغدانوف بحث هاتين المسألتين". ولفت المنلا إلى أن "بوغدانوف كشف أن بعد تبلغ بلاده من الأمريكيين أنهم غير مستعدين لتمويل العودة، بدأت موسكو العمل الجدي للبحث عن مصادر تمويل بديلة، عبر الصين والدول العربية وغيرها من البلدان المتعاونة، وتتطلع إلى اللقاء الذي سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمستشارة الأمريكية أنجيلا ميركل في ألمانيا السبت"، لافتاً إلى أن "موسكو تعمل على الفصل بين العودة وبين إعادة الإعمار، نظراً للكلفة المنخفضة للأولى مقابل كلفة باهظة للثانية، والعمل جار على تأمين الضمانات السياسية والأمنية اللازمة التي لا تزال غير كافية إلى الآن".

في الموازاة، كانت قضية النازحين حاضرة في بكركي السبت بين البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وبحسب الصرح، فإن توافقاً سجل على أهمية وضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب لبنان والتي باتت تشكل تهديداً واقعياً للمواطنين فيه على كافة المستويات. كذلك كان تشديد على وضع آلية عملية تطبق بشكل سريع لتأمين عودة النازحين السوريين إلى بلادهم ليعيشوا بكرامة في أرضهم ووطنهم الأصيل وللتخفيف من ثقل العبء الذي يرزح تحته لبنان نتيجة تداعيات هذا النزوح. وقد أثنى الراعي على عمل اللواء إبراهيم متمنياً له التوفيق في كل المهمات الوطنية التي تسند إليه، كما نوه بعمل الجهاز بكل مكوناته نظراً للجهود التي يبذلها في الحفاظ على استقرار وأمن البلد.

على صعيد آخر، حسم الأخذ والرد الذي أثير في الأيام الماضية حول علاقة الرئيس الحريري بالرياض في ضوء معلومات تم ترويجها عن رفض المملكة إعطاء فريق الرئيس المكلف عدد تأشيرات الحج الذي كان طلبه. وزار القائم بأعمال سفارة السعودية في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري، الحريري في بيت الوسط، حيث أكد الأخير عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين لبنان والمملكة. أما البخاري، فقال إن "أجواء اللقاء مع الرئيس رائعة جداً وقد اطلعناه على سير عمليات منح تأشيرات الحج وخطة الإنجاز التي أثنى عليها". وأضاف رداً على سؤال عما إذا كانا ناقشا الأوضاع الداخلية "لقد ناقشنا أوضاع الحجاج واهتمام الرئيس الحريري بتقديم كل التسهيلات، فالسفارة أنجزت 5 آلاف تأشيرة خلال 49 ساعة عمل قام بها طاقم متكامل تمكن من تحقيق هذا الإنجاز بهذه السرعة". وعما إذا كانت العلاقة مع الرئيس الحريري ممتازة، أجاب "بكل تأكيد، وأنا أتمنى على كل وسائل الإعلام ألا تلتفت إلى بعض الشائعات التي تصب في مصالح غير مسؤولة، وأتمنى أن تعودوا إلى بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري الذي أوضح فيه كل النقاط".