* عباس: أمريكا منحازة لإسرائيل وترامب يقوض حل الدولتين

* إسرائيل تطلب من سكان "الخان الأحمر" هدم بيوتهم قبل الأحد المقبل

القدس المحتلة - عز الدين أبو عيشة، نيويورك - (وكالات)



قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس إن "الفلسطينيين يرفضون أن تكون الولايات المتحدة وسيطا وحيدا في عملية السلام في الشرق الأوسط"، متهما إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها "منحازة" إلى إسرائيل وقوضت حل الدولتين. وقال عباس في كلمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة "لن نقبل بالوساطة الأمريكية وحدها في عملية السلام". من جهة أخرى، أمهلت السلطات الإسرائيلية سكان قرية خان الأحمر البدوية حتى الأحد المقبل لهدم "كل المباني المقامة" فيها بأنفسهم، مؤكدة أنها ستقوم بذلك بعد هذا الموعد إذا لم يتم تنفيذ أمرها. وتروي "الخان الأحمر" قصة صمود الفلسطينيين بوجه الاحتلال الإسرائيلي.

وتقع القرية شرق القدس الشرقية المحتلة على الطريق الرئيسي بين مدينة القدس وأريحا، وهي محاطة بعدد من المستوطنات الإسرائيلية.

وينص الأمر المكتوب الذي سلمته الشرطة الإسرائيلية إلى سكان خان الأحمر صباح الأحد على انه "بموجب قرار محكمة العدل العليا والقانون، عليكم هدم كل المباني المقامة داخل نطاق خان الأحمر بشكل ذاتي، وذلك لغاية يوم 1 أكتوبر 2018".

وأضافت السلطات "في حال امتنعتم عن تنفيذ ذلك، ستعمل سلطات المنطقة لتنفيذ أوامر الهدم بموجب قرار المحكمة".

وأعلنت "هيئة مقاومة الاستيطان الفلسطينية" أن أهالي الخان لن ينفذوا هذا القرار وسيدافعون عن القرية.

وقال منسق حملة "انقذوا خان الأحمر" التي أطلقتها هيئة مقاومة الاستيطان السوري عبدالله أبو رحمة "سنكثف الاعتصام ولن نقبل بهذا الأمر، ولن يقوم أهالي الخان بتفكيك منازلهم كما طلب منهم".

وأضاف "ما دمنا هنا سندافع عن المنازل، وسنقوم بنشاطات عدة لإثبات أن هذه القرية فيها حياة وستستمر الحياة فيها".

ويخيم عشرات المتضامين الأجانب ونشطاء فلسطينيون، على مدار الساعة، في القرية تحسبا لهدمها فجأة.

ودعت منظمات فلسطينية الفلسطينيين إلى الصلاة الجمعة في خان الأحمر تضامنا مع أهل القرية.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أعطت في 5 سبتمبر الضوء الأخضر لهدم قرية خان الأحمر التي يعيش فيها مئتي بدوي فلسطيني وتتألف من أكواخ من الخشب والألواح المعدنية مثلما هي الحال عموماً في القرى البدوية.

وعلى مدار أسابيع، تحاصر سلطات الاحتلال الإسرائيلي برفقة الجيش المدجج بالأسلحة قرية الخان الأحمر، وتعمل طوال هذه المدة على تضييق الخناق بشكل كبير على السكان والمتضامنين، بقوة السلاح وعنجهية المحتل.

الحصار الإسرائيلي للخان الأحمر جاء بعد قرار محكمة العليا الإسرائيلية، الصادر عنها في بدايات سبتمبر الجاري، بهدم وتهجير سكان الخان في موعد أقصاه أسبوع، وأرسلت إشعارًا بذلك للجيش والشرطة الإسرائيلي.

ومنذ ذلك الإشعار، تحاصر سلطات الاحتلال الخان، وتشدد الخناق على السكان، وتمنع وصول المتضامنين الفلسطينيين إليه، ولا حتى الأجانب منهم، وسبق أن رحلت متضامنا فرنسيا إلى وطنه، ولا يقتصر منع حرية التعبير على ذلك، بل وصل إلى تقييد دخول الصحافة إلى الخان، وعدم الإجابة على أسئلتهم.

وعلى أرض الخان، كانت جرافات الاحتلال تعمل فعليا ليل نهار، على تسوية الأرض تمهيدًا لهدمها، وتسهيل دخول آليات الجيش إلى المكان، سعيًا إلى إنهاء وجود "الأحمر وسكانه".

لم يقتصر الأمر على ذلك، بل كانت القنبلة الأخيرة وذات الموقت المحدد، أن أخطر الاحتلال المقيمين في الخان الأحمر بهدم منازلهم ذاتيًا، في موعد أقصاه بداية أكتوبر المقبل، وفي حال لم يتمّ الهدم ستكون هناك مخالفات كبيرة، على غرار الهدم من قبل الجيش أيضًا.

الإخطار جاء لنحو 46 عائلة فلسطينية تعود أصولها للبدو، وهم عادة من يسكنون الخان الأحمر، وكان يحمل رسائل قوية مفادها أنّ على الأشخاص هدم منازلهم ذاتيًا، ومغادرة القرية فورًا، بحسب موسى كرشان أحد سكان الخان.

وأوضح كرشان الذي يمتلك منزلًا بمساحة 140 متر، في تصريحات لـ "الوطن" أنّ "الاحتلال وزّع الأحد قرابة 120 إخطارا على الأشخاص الموجودين، وعلى العائلات التي تقطن هناك، وهدد بتنفيذ الهدم فور انتهاء المهلة المحددة".

وذكر أن "تلك المهلة التي بقي على نفاذها يومين، تعد أحد قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية".

وتابع كرشان، "كثف الاحتلال تواجد جنوده، وشدد الخناق على المداخل والمخارج للخان، وزادت اقتحامات الجنود والشرطة للطرقات والمنازل".

وأضاف كرشان "منذ 20 يومًا تقريبًا، ولا زالت جرافات الاحتلال تعمل على تسوية المنطقة، وكأنّ الهدم قرار نافذ لا محال، ولكن زادت صعوبة ذلك بعد تعديل القرار وتحويل الهدم ذاتيا وعلى حسابنا الشخصي بدون أيّة مراعاة لظروف الناس".

وأكد أن "قرار الاحتلال لا يمكن تنفيذه تحت أيّ ظرف كان، ولا يغادر السكان بيوتهم ولا أماكنهم، وسيبقى الخان الأحمر فلسطيني ولن ينجح الاحتلال في ممارسة سياسة الاضطهاد والتهجير من جديد بحق الفلسطيني".

وعند العودة لأسباب الهدم من وجهة نظر إسرائيل، فإنّها تدعي أنّ البيوت ذات البناء القديم والتأسيس غير صالحة للعيش من الأساس، وأقيمت بدون ترخيص من بلدية الاحتلال، ولذلك وجب هدمها وترحيل سكانها.

والمدقق في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي يرى عكس ذلك، فيجد أنّ تل أبيب تسعى جاهدة للتوسع الاستيطاني وتعمل ليل نهار على تحويل القدس إلى مدينة يهودية، بحسب قانون القومية العنصري، ويهودية الدولة.

من جهته، قال علي حسن، أحد سكان قرية الخان الأحمر، إنّ "الجنود حاصروا خيمة تضامنية أقيمت على أراضي الخان، وهددوا عدد من المعتصمين، بالإضافة إلى تسليمهم الإخطارات بالهدم الذاتي في وقت عززت الشرطة الجنود بعدد إضافي يحمل سلاح ثقيل".

ودعا حسن في تصريحه لـ "الوطن" المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية للتدخل لوقف قرار هدم الخان الأحمر ووقف التوسع الاستيطاني في الأغوار.

وفي نطاق الدعم الدولي فإنّ 8 دول أوروبية هي "بريطانيا وفرنسا وهولندا وبولندا والسويد وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا" دعت الاحتلال إلى إعادة النظر في قرار هدم الخان الأحمر، وحذرت من ذلك، إلى جانب تحذيرات المندوب السامي والاتحاد الأوروبي.

ووصف حسن الخطوة بأنها "استمرار لسياسة الاحتلال في فرض حقائق ووقائع جديدة بالأغوار الفلسطينية، في إطار محاولات التهجير القسري"، منوها بـ "الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة فيما يتعلق بقرية الخان الأحمر، ومحاولة تهجير قرية بأكملها".

وبحسب حسن فإنّ "قوات الاحتلال اعتقلت 12 فلسطينيا في المنطقة خلال تصديهم لجرافات الاحتلال التي تواصل تسوية أراضي التجمع بهدف تسهيل عمليات ترحيل".

وبحسب سكان الخان لـ "الوطن"، فإنّ "قوات الاحتلال تواصل بتعزيزات عسكرية منع المواطنين والنشطاء من الوصول إلى القرية، كما نشبت هناك احتجاجات ضد الإخلاء أدت إلى إصابة 35 شخصًا".

المدير العام لدائرة العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد الله أبو رحمة قال إن "قرار الهدم الذاتي جاء نتيجة ضغوطات دولية على الاحتلال".

وأضاف أبو رحمة لـ "الوطن" أن "الاحتلال لجأ لهذا الإجراء محاولًا الضغط على المواطنين، وإظهار مشهدهم وهم يهدمون بيوتهم بأيديهم، لكي لا يظهر أمام العالم أنه يمارس عمليات التهجير القسري، ويهرب من الإدانات الدولية".

وشدد أبو رحمة على "رفض الأهالي سياسات وإجراءات الاحتلال بالهدم الذاتي أو حتى الهدم بجرافاته".

وتقع القرية شرق القدس الشرقية المحتلة على الطريق الرئيسي بين مدينة القدس وأريحا، وهي محاطة بعدد من المستوطنات الإسرائيلية.

وتسعى حكومات أوروبية ومنظمات غير حكومية إلى منع هدم القرية، معتبرة أن ذلك سيتيح لإسرائيل توسيع مستوطناتها في تلك المنطقة.

ويقطن في القرية التي تقع شرق القدس نحو 200 فلسطيني، 53% منهم أطفال، و95% لاجئين مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".