واشنطن - (أ ف ب): أغلقت الولايات المتحدة الجمعة قنصليتها في البصرة التي شهدت احتجاجات دامية جنوب العراق منددة بـ"نيران غير مباشرة" نسبتها إلى قوات مدعومة من إيران ومحملة طهران المسؤولية عن أي أذى يلحق بالأمريكيين.

وطلب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من جميع الموظفين غير الضروريين مغادرة البصرة ونقل الخدمات القنصلية إلى السفارة في بغداد.

وشهدت البصرة في الأسابيع الماضية تظاهرات احتجاجية ضد الوضع المعيشي والخدمات الحكومية في الجنوب الغني بالنفط.



وقال بومبيو الذي جعل التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة من أهم أولوياته، إن الحكومة الإيرانية وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي يهددان الموظفين الأمريكيين والمنشآت الأمريكية، ووجه أصابع الاتهام إلى قوات موالية لايران في "إطلاق النار غير المباشر"، وهو ما يعني عادة صواريخ أو مدفعية، على القنصلية الأمريكية.

وقال بومبيو في بيان أثناء وجوده في نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة "أبلغت حكومة إيران بأن الولايات المتحدة ستحمل إيران مسؤولية مباشرة عن أي أذى يلحق بالأمريكيين أو بمنشآتنا الدبلوماسية في العراق أو في أي مكان آخر، سواء كان ذلك مرتكبا من جانب قوات إيرانية بشكل مباشر أو من جانب ميليشيات مرتبطة بها".

وأضاف "أوضحت أن على إيران أن تفهم بأن الولايات المتحدة سترد فوراً وبشكل مناسب على أي هجوم" يستهدف منشآت أمريكية.

من جانب آخر أصدرت وزارة الخارجية تحذيرا جديدا إلى الأمريكيين بعدم السفر إلى العراق.

وحذرت الوزارة "المواطنين الأمريكيين من وجود مخاطر كبيرة باندلاع أعمال عنف وعمليات خطف".

وأضاف التنبيه بأن "العديد من المجموعات الإرهابية والمتمردة تنشط في العراق وتهاجم بشكل متكرر قوات الأمن العراقية ومدنيين على السواء".

وفي رد فعل على القرار، أعربت وزارة الخارجية العراقية السبت عن أسفها للقرار الأمريكي، مؤكدة أن "العراق ملتزم بحماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية المقيمة على أراضيه".

وأشارت الوزارة العراقية إلى أنها "تهيب بالبعثات الدبلوماسية أن لا تلتفت لما يتم ترويجه لتعكير جو الأمن والاستقرار والإساءة إلى علاقات العراق مع دول العالم".

ولاتزال الولايات المتحدة حليفاً قوياً للعراق، خصوصاً بعد دعمها له في دحر تنظيم الدولة "داعش"، من البلاد. لكن هذه العلاقة وإن بقيت مستقرة نوعاً ما، شهدت تقلبات في السياسة منذ عام 2003 حين غزت القوات الأمريكية البلاد لإسقاط نظام صدام حسين.

كما أن للولايات المتحدة مئات الجنود والمستشارين المنتشرين في مناطق عدة من البلاد.

وعلى المقلب الآخر، فإن العراق حليف لإيران، ويجد نفسه في خضم العلاقة المتوترة بين واشنطن وطهران.

ولإيران نفوذ كبير في العراق، وخصوصا في الجنوب ذي الغالبية الشيعة، رغم إحراق قنصليتها في وقت سابق خلال الاحتجاجات، من دون أن يسفر ذلك عن إصابات. وفتحت إيران بسرعة مقراً جديداً لبعثتها.

والجمعة وصفت وزارة الخارجية الإيرانية الاتهامات الأمريكية لإيران بتأجيج العنف في البصرة بأنها "مثيرة للدهشة والاستفزاز وغير مسؤولة".

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ندد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالاتهامات الأمريكية لإيران بالتدخل في شؤون جارتها متسائلاً عن سبب تدخل واشنطن في دولة على مسافة بعيدة عنها.

وفي وقت سابق هذا الشهر سقطت ثلاث قذائف هاون على المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد والتي تضم السفارة الأمريكية، دون أن يؤدي ذلك إلى إصابات. ولم تعرف الجهة المسؤولة عن ذلك.

ويعدّ الأمن الدبلوماسي أولوية للولايات المتحدة وبومبيو الذي وجه عندما كان عضواً في الكونغرس انتقادات لاذعة لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون على خلفية هجوم دام على القنصلية الأمريكية في بنغازي شرق ليبيا.

وانسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وأعادت فرض عقوبات وهي تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال تدخلها في دول مثل سوريا واليمن والعراق.

ورغم التحذيرات من تزايد العداء الإيراني قال البنتاغون إن الحوادث البحرية في منطقة الخليج توقفت نهائياً في الأشهر الماضية.