* تراشق كلامي بين المسيحيين في لبنان حول تشكيل الحكومة

* باسيل: نحن مع الحريري للتأليف في يومين لا 10 أيام

* زعيم "التيار الحر" يدعو الحريري وداعميه للتنازل من أجل تشكيل الحكومة



بيروت - بديع قرحاني، (وكالات)

اصطدمت أحزب سياسية مسيحية بارزة في لبنان الجمعة حول كيفية تقاسم السلطة في حكومة وحدة وطنية جديدة مما يلقي بظلال من الشك حول توقعات رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بأنه سيتم الاتفاق على تشكيل الحكومة قريباً، فيما تبرز "العقدة المسيحية" في تشكيل الحكومة، عاملاً يقلل من التفاؤل بشأن تشكيل الحكومة.

وبعد مرور 5 أشهر على الانتخابات البرلمانية لم يكن هناك أية إشارة على التنازلات التي يسعى إليها الحريري للسماح بتشكيل حكومة قادرة على وضع الإصلاحات الاقتصادية التي تحتاجها البلاد. ويحذر السياسيون من أن لبنان يواجه أزمة اقتصادية.

كان الحريري قد قال الخميس إن الحكومة الجديدة ستتشكل خلال أسبوع أو عشرة أيام لأن اقتصاد البلاد لا يمكنه تحمل المزيد من التأخير. ودعا جميع الأطراف إلى تقديم تنازلات.

لكن لم يكن هناك أي دلالة على وجود حل وسط الجمعة من حزبين مسيحيين بارزين هما التيار الوطني الحر المتحالف مع جماعة حزب الله وحزب القوات اللبنانية المناهض لحزب الله. وينظر إلى تنافسهما على أنه العقبة الرئيسة أمام التوصل إلى اتفاق.

وفي مؤتمر صحافي قال وزير الخارجية وزعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل إنه يريد الإسراع بتشكيل الحكومة قبل أن يعيد التأكيد على تمسكه بمعايير موحدة لتشكيل الحكومة وهو ما يتعارض مع مطالب حزب القوات.

وقال باسيل إنه ينبغي حصول كتلة التيار الوطني الحر على 6 حقائب في الحكومة المؤلفة من 30 وزيراً. وأصر باسيل على المطالبة بحصة وزارية مؤلفة من 5 وزراء للرئيس ميشال عون مؤسس التيار الوطني الحر ووالد زوجته. واستشهد بنتيجة الانتخابات الأخيرة قائلاً إن حزب القوات اللبنانية يجب أن يحصل على ثلاثة وزراء.

واكد باسيل في مؤتمر صحافي ان "مهمتنا تسهيل الحكومة والفرد لا يمكن أن يعرقل نفسه"، مضيفاً "قد نكون في المرحلة الأخيرة قبل ولادة الحكومة إذا اعتمدنا المعايير الصحيحة، مشيراً إلى أننا "نريد حكومة وحدة وطنية لكن ابتزازنا تحت ذريعة حكومة الوحدة الوطنية مرفوض". وأوضح أن "حكومة الوحدة بعد الانتخابات النيابية يجب أن تعكس نتائج هذا الاستحقاق، وبالتالي يجب إعطاء وزير لكل 5 نواب".

وإذ أشار إلى أن "معيار عدم الاحتكار في الطوائف يجب أن يتم تطبيقه"، قال باسيل "يجب تحديد حصة الأطراف المسيحية في الحكومة لكن بعد اقتطاع حصة رئيس الجمهورية". وأوضح أن "رئيس الجمهورية يتخلى عن نيابة الرئاسة إذا أراد، فهذا عرف، ونحن لا علاقة لنا بالفيتو الوطني على حصول القوات على سيادية"، معتبراً أن "حصة القوات اللبنانية 3 وزراء ولا مانع في حصولها على أكثر بتنازل من رئيس الحكومة او منا".

وتابع "المصالحة المسيحية لن يهزها شيء ونحن نريد تفاهم معراب لكن كاملاً بدعم العهد ونحن مستعدون للحوار، ولكن يجب وقف الحملات علينا"، مضيفاً "الحقائب الأساسية المخصصة للمسيحيين هي ثلاث فكيف تطلب القوات اثنين منها وتقول إن هذا حقها؟".

ورأى أن "المطالبة بتفعيل الحكومة للضرورة وبأمور أخرى تدفعنا إلى الخوف من وجود عقدة خارجية".

واردف "نريد حكومة منتجة وهذا همّنا الأساسي ولهذه الغاية لا مشكلة في وزارة بالزائد او بالناقص"، مشيراً إلى أن "للوصول إلى حكومة تعمل وتصلح يجب اختيار وزراء جديين يضعون خططاً ولا يعملون بالزفت الانتخابي".

وقال باسيل "لو أردنا العرقلة لتمسكنا بحقيبتي الداخلية أو المالية ويتهموننا أيضاً بالعمل للثلث الضامن".

وتابع "نطالب بحكومة منتجة على أسس عادلة بمعايير واحدة تعطي الثقة للبنانيين للنهوض بالاقتصاد ونحن أمام الرئيس المكلف لإنهاء المهمة في يومين لا 10"، قائلاً "ليضع الرئيسان عون والحريري التركيبة التي يريانها وليحكم عليها مجلس النواب وإذا سقطت سنسمي الحريري مجدداً وإن لم تعجبنا نحن كتيار فمستعدون للبقاء خارجها"، مضيفاً "نحن نلاقي إيجابية الرئيس الحريري وعلى الجميع التنازل بتنازلات حقيقية لا وهمية".

وعن مهلة العشرة أيام التي حددها الحريري للتشكيل أجاب باسيل "لا أحب أن نعطي الناس تفاؤلاً مفتعلاً حتى لا يحصل إحباط والإحباط الأكبر إذا شكلت حكومة لا تعمل ولننتظر لنعرف المعطيات التي لديه ونحن دائماً إيجابيون".

وعن مطالبة الحريري الرئيس عون بالتنازل، قال باسيل "ليتنازل الحريري وليفرض على من يدعمهم التنازل أيضاً".

ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك "بصيص أمل"، كما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري هذا الأسبوع، قال باسيل "أنا لا أحب أن أعمل للناس تفاؤل مفتعل وكل مرة نوهمه بإيجابية لأن بيصير الإحباط أكبر".

وفي بيان شديد اللهجة رد حزب القوات اللبنانية على باسيل قائلاً "ليس هو من يضع المقاييس والمعايير للحكومة بل رئيس الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية".

ويقول حزب القوات اللبنانية إن نتيجة الانتخابات تؤهله للحصول على ثلث التمثيل المسيحي في الحكومة. وأسفرت الانتخابات التي جرت في مايو الماضي عن مضاعفة عدد مقاعد حزب القوات اللبنانية تقريباً إلى 15 مقعداً من مقاعد البرلمان المؤلف من 128 مقعداً. ويشكل التيار الوطني الحر وحلفاؤه كتلة من 29 نائباً.

وتعكس المنافسة تناحراً دام عقوداً من الزمن بين عون وزعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، العدوين خلال الحرب الأهلية التي دارت بين عام 1975 و1990.

ووفقا لنظام تقاسم السلطة السياسي في لبنان فإن المقاعد الحكومية تتوزع بين الطوائف. وأفرزت الانتخابات التي جرت في السادس من مايو الماضي برلماناً مائلاً لصالح "حزب الله" وحلفائه الذين فازوا بأكثر من 70 مقعداً.

وبالإضافة إلى ما يسمى "العقدة المسيحية" في تشكيل الحكومة فإن هناك توتراً حول التمثيل الدرزي أيضاً. ويطالب وليد جنبلاط بالمقاعد الدرزية الثلاثة المخصصة لطائفته فيما يطالب عون بأن يتمثل حليفه وحليف "حزب الله" أيضاً طلال أرسلان.

ويريد صندوق النقد الدولي أن يرى تغييرات مالية فورية وجذرية لتحسين القدرة على خدمة الدين العام للبنان الذي بلغ أكثر من 150 % من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2017.

وقدم مؤتمر للمانحين في باريس في أبريل نيسان تعهدات بمليارات الدولارات لكنها كانت مشروطة بالإصلاح.

والشهر الماضي عانت السندات الخارجية اللبنانية من أسوأ صدمة لها خلال عقد من الزمن مما زاد من الضغوط على بيروت لإجراء إصلاحات.

وفي الوقت الذي أعرب فيه صناع القرار السياسي في لبنان عن قلقهم بشأن حالة الاقتصاد والنمو، فقد قالوا مراراً وتكراراً إن الليرة اللبنانية- المربوطة منذ عقدين عند مستواها الحالي- مستقرة وثابتة بسبب احتياطات العملات الأجنبية المرتفعة.