قالت السفيرة الفرنسية في بيروت، آن غريو، إن الانهيار الذي يشهده لبنان يأتي "نتيجة متعمدة لسوء الإدارة والتقاعس منذ سنوات، وليس نتيجة حصار خارجي"، في ردها على كلمة لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي دعا إلى عدم ربط المساعدات بتشكيل حكومة، معتبراً أن الشعب اللبناني يدفع ثمن "الحصار".

وبحسب بيان للمكتب الإعلامي للسفارة الفرنسية في لبنان، قالت غريو خلال لقاء بممثلي البعثات الدبلوماسية في مبنى السراي الحكومي، إن "الانهيار (في لبنان) هو نتيجة متعمدة لسوء الإدارة والتقاعس منذ سنوات، وليس نتيجة حصار خارجي".

وأضافت: "جميعكم تتحمّلون المسؤولية وكل الطبقة السياسية المتعاقبة منذ سنوات".



وقالت السفيرة: "اجتماع اليوم (الثلاثاء) حزين وفي غير مكانه، لأن فرنسا ودول عدة شريكة ممثلة على هذه الطاولة، لم تنتظر هذا النداء لمساعدة لبنان. عام 2020 تم تقديم 100 مليون دولار من المساعدات المباشرة للشعب اللبناني".

وأردفت: "أستطيع القول إننا نعمل مع عدد من الشركاء على تنظيم مؤتمر ثالث لدعم اللبنانيين، لأنه لا يجوز أن يكون الشعب اللبناني رهينة الوضع الحالي".

وتوجهت في كلمتها إلى دياب قائلة: "في هذه الأثناء يمكنكم أنت وكل الوزراء حتى في ظل تصريف الأعمال اتخاذ القرارات اللازمة لتفعيل قرض البنك الدولي".

ونشرت السفارة الفرنسية في لبنان تصريحات غريو، بعد أن تم قطع البث أثناء كلمتها خلال الاجتماع.

"على شفير كارثة"

وقال دياب، في كلمته أثناء الاجتماع، إن "الصورة أصبحت واضحة.. لبنان واللبنانيون على شفير الكارثة، لكن عندما يحصل الارتطام الكبير سيتردد صدى تداعياته خارج جغرافيا لبنان إلى المدى القريب والبعيد، في البر والبحر. لن يستطيع أحد عزل نفسه عن خطر انهيار لبنان".

وأضاف دياب: "أدعو العالم لإنقاذ لبنان وأناشد الأشقاء والأصدقاء أن يقفوا إلى جانب اللبنانيين، وأدعو لعدم محاسبة الشعب اللبناني على ارتكابات الفاسدين".

وأشار إلى أنه "طال انتظار تشكيل الحكومة"، محذراً من أن ربط مساعدة لبنان بتشكيلها "يشكّل خطراً على حياة اللبنانيين لأن الضغوط التي تُمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثران على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظاً يهدد حياته ومستقبله كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم".

وقال: "سمعنا الكثير من الدعوات المتكررة عن ربط مساعدة لبنان بإجراء إصلاحات. نعم، لبنان يحتاج إلى إصلاحات مالية وإدارية".

وأضاف: "لقد اتخذت الحكومة، قبل استقالتها، قرارات عديدة ووضعت خطة متكاملة للتعافي تتضمن إصلاحات مالية واقتصادية".

زيارة أميركية فرنسية إلى السعودية

وفي سياق متصل، من المتوقع أن تصل السفيرة الفرنسية ونظيرتها الأميركية دوروثي شيا إلى المملكة العربية السعودية، الخميس، للقاء مسؤولين سعوديين.

ووفقاً لبيان صادر عن السفارة الأميركية في بيروت، فإن الزيارة تأتي عقب الاجتماع الثلاثي بشأن لبنان، لكل من وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، والذي سبق أن عُقِد في 29 يونيو الماضي، على هامش مؤتمر قمة مجموعة العشرين، بمدينة ماتيرا في إيطاليا.

وستبحث السفيرة الأميركية خلال اجتماعاتها في السعودية "خطورة الوضع في لبنان، وستؤكد أهمية المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني، فضلاً عن زيادة الدعم للجيش وقوى الأمن الداخلي"، بحسب البيان.

وستغتنم السفيرة شيا فرصة هذه الزيارة لـ"تأكيد التزام الولايات المتحدة بمساعدة شعب لبنان، والإضاءة على المساهمة بأكثر من 3.7 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية والإنسانية والأمنية التي قدّمت منذ عام 2016"، وفق البيان الأميركي.

من جهتها، أشارت السفيرة الفرنسية، في بيان صادر عن السفارة الفرنسية في لبنان، إلى أنها ستؤكد خلال زيارتها إلى السعودية أنه "من المُلح أن يشكل المسؤولون اللبنانيون حكومة فعالة وذات مصداقية، تعمل بهدف تحقيق الإصلاحات الضرورية لمصلحة لبنان، ووفقاً لتطلعات الشعب اللبناني".

وأضاف أنها "ستعرب مع نظيرتها الأميركية عن رغبة فرنسا والولايات المتحدة في العمل مع شركائهما الإقليميين والدوليين للضغط على المسؤولين عن التعطيل"، وستشدّد على "ضرورة المساعدات الإنسانية الفرنسية المقدمة مباشرة للشعب اللبناني والقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي، والتي ستستمر فرنسا والولايات المتحدة بدعمها".

أسوأ ركود

وكان البنك الدولي قد وصف الأزمة اللبنانية بأنها أسوأ ركود في التاريخ الحديث. وفقدت العملة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها ودفعت الأزمة أكثر من نصف سكان البلاد إلى صفوف الفقراء.

ويتولى دياب رئاسة حكومة تصريف الأعمال منذ استقالته في أعقاب كارثة الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي. ومنذ ذلك الحين، عجز الساسة عن الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.

ويطالب المانحون منذ فترة طويلة بتنفيذ إصلاحات للقضاء على الفساد والهدر اللذين يُعدان على نطاق واسع سبباً رئيسياً للأزمة.