إنجاز عربي تاريخي الأول من نوعه في مجال استكشاف القمر

ضمن مساعي الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء لتعزيز التعاون الدولي في مجال استكشاف الفضاء، أعلنت الهيئة عن تحقيق إنجاز عربي تاريخي الأول من نوعه في مجال استكشاف القمر من خلال فوز المشروع البحريني المصري المشترك في المسابقة العالمية التي نظمتها وكالة الفضاء الصينية. هذه المسابقة العالمية تهدف إلى إطلاق الحمولات الفائزة بشكل مجاني على مهمة استكشاف القمر الصينية Chang'e-7 المقرر إطلاقها عام 2026، لاستكشاف مختلف عناصر وتركيبات تربة القطب الجنوبي للقمر، بما في ذلك استكشاف الماء المتجمد.

يتضمن المشروع الفائز تصميم وبناء واختبار كاميرا متعددة الأطياف لدراسة مواد سطح القمر، وسيُنفذ بالكامل بأيدي مهندسي الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء ووكالة الفضاء المصرية. يمثل هذا الإنجاز نقطة تحول في مساهمات العرب في المشاريع الفضائية العالمية ويبرز تميز الكفاءات الوطنية والعربية القادرة على المنافسة في مجال استكشاف القمر، الذي لا يزال مقتصراً على عدد قليل من دول العالم.

يأتي التعاون بين مملكة البحرين وجمهورية مصر في هذا المشروع كنتاج لمذكرة التفاهم المبرة بين الطرفين في 2022، ويُظهر التعاون الأهمية البالغة للعمل المشترك في القطاعات العلمية والتقنية، مما يعزز من مكانة البلدين الشقيقين في المجتمع العلمي الدولي لعلوم الفضاء. ويُعد هذا المشروع خطوة رئيسية نحو استغلال التقنيات الحديثة في استكشاف موارد القمر المحتملة.

حول هذا الإنجاز التاريخي، صرح الدكتور محمد إبراهيم العسيري، الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، قائلًا: "نفخر بالتعاون البحريني المصري الذي أثمر عن هذا الإنجاز العلمي، وهو باكورة لتعاون مستمر وحافل بالعديد من المشاريع المشتركة بين البلدين في المستقبل. هذا النجاح يعد نموذجا على التعاون العربي في مجال علوم المستقبل، وهو مصدر اعتزاز بالقدرات العربية الشابة التي شاركت في هذه المنافسة الدولية واستطاعت أن تثبت تميزها. كما انه يعد شاهدا على المستوى المتقدم الذي وصلت إليه الكفاءات البحرينية المشاركة في تحقيق هذا الفوز، الأمر الذي يمثل نقلة نوعية في تطوير القدرات الوطنية التقنية والعلمية لاستكشاف الفضاء الخارجي. وهو ليس بالأمر المستغرب أن تتميز الكفاءات البحرينية، التي لطالما برزت في مختلف المحافل الدولية في هذا القطاع الحيوي."

من جانبه، عبّر الأستاذ الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، عن بالغ اعتزازه بالإنجاز قائلًا: "هذا الفوز يعكس التزامنا بتعزيز التعاون الدولي في مجال الفضاء وبالمشاركة الفعالة في مهمات استكشاف الفضاء الخارجي. إن هذا الإنجاز التاريخي المشترك يُثبت أن التعاون العربي قادر على تحقيق نتائج ملموسة في الساحة الدولية، ويُمهد الطريق لمزيد من الإنجازات والمساهمات في علوم الفضاء وتقنياته."

وحول تفاصيل أكثر عن هذا المشروع، صرح الدكتور أيمن محمود، مدير عام قسم الحمولات الفضائية بوكالة الفضاء المصرية وعضو مجلس إدارتها، قائلاً: "تعتمد هذه الكاميرا على تقنية متطورة تُمكننا من استكشاف عناصر وبنية سطح القمر بدقة عالية، ما يُسهم في إجراء سلسلة من الدراسات لتحديد الموارد المحتملة على سطح القمر، وخاصةً في القطب الجنوبي حيث يُتوقع وجود مياه متجمدة تحت سطحه. إن استخدام هذه التقنية سيُساعد في فهم تركيبة القمر وبالتالي تحديد مواقع مثالية لهبوط المستكشفات المستقبلية ومواقع استخراج الموارد. كما ان دراسة عناصر ومكونات سطح القمر ستُمكن العلماء من استخدام البيانات في تحديد مواقع وجود المياه التي قد تكون مصدراً قيماً للموارد الهامة في المستقبل، مثل توفير الأكسجين للتنفس وإنتاج الوقود."

ومن جهتها، صرحت المهندسة عائشة الحرم، رئيسة قسم تصميم الأقمار الصناعية بالهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، عن أهمية المشروع التقنية، قائلةً: "إن المشاركة في هذا المشروع العالمي سيضيف الكثير إلى خبرات فريق البحرين للفضاء في مجال استكشاف الفضاء الخارجي، حيث تتميز مهمات استكشاف القمر بتحدياتها الفريدة ومنها على سبيل المثال درجات الحرارة المتفاوتة بشكل كبير، مما يُشكل تحدياً في تصميم الحمولة بما يتوافق مع درجات الحرارة العالية جداً والمنخفضة جداً إلى جانب سرعة معالجة البيانات وكفاءة عمل الحمولة. بالإضافة إلى ذلك، فإن بناء مثل هذه الحمولة سيوفر بيانات قيمة للعلماء والباحثين والمستثمرين في هذا المجال، حيث تشير دراسات عالمية إلى وجود معادن ثمينة وبكميات تجارية على سطح القمر والتي قد تكون موجودة بكميات كبيرة تحت سطحه، مما يجعل استغلالها فرصةً ثمينة للأبحاث والتطوير الاقتصادي."

الجدير بالذكر أن مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية تشارك في هذه المهمة الفضائية الصينية إلى جانب كل من إيطاليا، وروسيا، وسويسرا، وتايلاند وجمعية المرصد القمري الدولي. ويُعادل هذا الفوز توفير 4 ملايين دولار أمريكي، وهو المبلغ الذي سيتكفل به الجانب الصيني لتغطية تكلفة إطلاق الحمولة على متن مهمة لاستكشاف القمر.