هبة محسن

كل تحفة نصنعها تمثل فصلاً من تاريخ البشرية
سنطلق مشروعين جديدين في معرض الجواهر العربية 2024
«قناطي» إحياء لإرث عريق يعود إلى حضارة بلاد ما بين النهرين
ارتباطي بهذا الإرث يأتي من ملحمة جلجامش وجذور عائلة والدتي



مزج بين الإرث والمستقبل.. أعاد القديم بلغة الثواني والدقائق.. حرك عقارب ساعاته بين حضارة دولتين.. محمود قناطي رائد الأعمال الذي قرر أن يمتلك الزمن والوقت بإبحاره في عالم تصنيع الساعات، والذي يكرر دائماً أن كل تحفة تصنعها ماركة قناطي للساعات هي فصل من تاريخ البشرية، وقطعة نادرة لن تتكرر، فهو يؤمن بالحصرية، ويحلم بأن تخترق عقارب ساعته الزمن لتدق في عالم الشهرة، وتصل إلى العالمية.
قناطي شاب بحريني بدأ في الحياة العملية منذ 19 عاماً، وامتلك المهارة في عالم التسويق والاتصال وإدارة الهوية التجارية على النطاقين المحلي والإقليمي، وكان عام 2018 النقطة الفارقة في حياته، حيث قرر في لحظة تأمل شخصية بعد عودته إلى البحرين بعد خمس سنوات من العيش في الخارج، وبعد أن رُزق بطفله الثالث، أن يبني شيئاً يتركه كإرث لأطفاله وعائلته، أحلامه كثيرة وأهمها الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه، من خلال دمج الحرف اليدوية التقليدية مع التقنيات الحديثة.
التقت «الوطن» بمحمود قناطي، وأجرت معه الحوار الآتي:
ملحمة جلجامش
ما هي القصة والسر وراء الاقتباس من حضارة بين النهرين؟
- قصة «قناطي» هي إحياء لإرث عريق يعود إلى حضارة بلاد ما بين النهرين، ولكن بروح معاصرة. في تلك الحضارة العظيمة كان الملوك المختارون يرتدون أساور عُرفت باسم «أساور الإلهية»، تحمل رمز زهرة الحياة - رمز الألوهية والقوة.
اليوم، نحن نعيد تقديم هذا الإرث لأولئك الذين أتقنوا فن إدارة الوقت في عصرنا الحديث، الأشخاص الناجحون الذين يقضون كل يوم في تحقيق أحلامهم، دون أن ينسوا تجاربهم الحياتية التي أوصلتهم إلى ما هم عليه الآن. تماماً كما نتحدث اليوم عن ملحمة جلجامش، تقوم روائع قناطي بتجميد لحظات الناس للأبدية.
ارتباطي الشخصي بهذا الإرث يأتي من مصدرين: أولاً، من خلال ملحمة جلجامش وقصته في البحث عن الخلود في دلمون (البحرين حالياً). ثانياً، من خلال جذور عائلة والدتي التي تعود إلى بلاد ما بين النهرين، وافتتاني بهذه الحضارة.
السر وراء هذا الاقتباس هو إعادة تفسير هذا التراث العريق بشكل معاصر وذي مغزى. في «قناطي»، نستلهم من رمز زهرة الحياة لنخلق قطعاً فنية تجسد لحظات حاسمة في حياة أصحابها. كل قطعة هي بمثابة كبسولة زمنية، تحفظ ذكرى أو إنجازاً أو لحظة تحول في حياة صاحبها.
نحن نؤمن بأن كل شخص ناجح لديه قصته الخاصة التي تستحق أن تُروى وتُحفظ. من خلال قطعنا الفنية، نخلق جسراً بين الماضي العريق والحاضر الديناميكي، مقدمين وسيلة فريدة لتخليد اللحظات الثمينة التي شكلت مسيرة النجاح.
في جوهرها، «قناطي» ليست مجرد علامة تجارية للساعات والمجوهرات، بل هي وسيلة لحفظ الوقت بمعناه الأعمق، حفظ القصص والإنجازات والذكريات التي تشكل جوهر وجودنا. نحن نقدم لعملائنا فرصة لارتداء تاريخهم وإنجازاتهم، تماماً كما فعل ملوك بلاد ما بين النهرين قبل آلاف السنين.
متى بدأت الفكرة ومراحل تطورها؟
- بدأت فكرة «قناطي» في عام 2018، في لحظة تأمل شخصية بعد عودتي إلى البحرين بعد خمس سنوات من العيش في الخارج، وبعد أن رُزقت بطفلي الثالث. كانت لحظة أردت فيها بناء شيء يمكنني تركه كإرث لأطفالي وعائلتي ككل. اخترت اسم «قناطي»، وهو اسم عائلتي، ما يحملني مسؤولية كبيرة للنجاح.
لقد اخترت الساعات كموضوع لمشروعي؛ لأنني أحببتها منذ طفولتي. كانت أول ساعة امتلكتها هي كاسيو CMD-40، التي كانت تحتوي على ميزة التحكم عن بعد في التلفاز، وكان ذلك في عام 1988 تقريباً.
مرت الفكرة بعدة مراحل مهمة في تطورها:
1- اختيار مفهوم «الفن القابل للارتداء» كاتجاه، مستوحى من ملوك بلاد ما بين النهرين.
2- لقائي مع كاترينا بيريز، أفضل مدونة وصحفية مجوهرات في العالم، التي صدقت فكرتي، وأخبرتني أنها لم تر مثلها من قبل.
3- لقائي مع فريدريك مانيه، المدير الفني، وجوثي سيروج إبروسارد، النحات وصانع المجوهرات، اللذين ساعداني على تحقيق هذه الفكرة.
4- العرض الإعلامي الحصري الأول لمجموعة «الاحتفال بالزمان» في دبي في مايو 2022، وكانت المرة الأولى التي يرى فيها الناس المجموعة.
5- إطلاق العلامة التجارية في باريس، وأول عملية بيع، وأول جائزة عالمية، وغيرها الكثير من الإنجازات.
إلهام للجيل القادم
ماذا يعني لك العمل الخاص وما هو طموحك المستقبلي؟
- العمل الخاص بالنسبة لي هو تجسيد لشغفي وحلمي في صناعة قطع فنية فريدة تجمع بين التراث العريق والتصميم المعاصر. إنه يمثل رحلة إبداعية أسعى من خلالها لتقديم شيء مميز في عالم الساعات والمجوهرات الفاخرة.
في «قناطي»، نركز على «فن حفظ الوقت» عوضاً عن مجرد قياسه. نؤمن بأننا جميعاً مسافرون عبر الزمن دون الحاجة إلى التكنولوجيا المتقدمة. يمكننا السفر ذهاباً وإياباً إلى لحظات أو رؤى في حياتنا باستخدام حواسنا. قد تشم عطراً معيناً يعيدك إلى مرحلة في حياتك، أو ترى شيئاً يجعلك تعيش لحظة مجدداً. في «قناطي» نستخدم فن حفظ الوقت لالتقاط لحظات محددة في حياة عملائنا ليحتفظوا بها، ويجمدوا هذه اللحظات داخل روائع قناطي.
أما عن طموحي المستقبلي فهو أن تصبح «قناطي» علامة عالمية رائدة في مجال القطع الفنية القابلة للارتداء، معروفة بابتكاراتها الفريدة وجودتها العالية. أطمح إلى توسيع نطاق أعمالنا ليشمل أسواقاً جديدة، وتطوير مجموعات جديدة تلهم وتبهر عملاءنا حول العالم. كما أتطلع إلى أن تلعب «قناطي» دوراً في الحفاظ على التراث الثقافي وتعزيزه، من خلال دمج الحرف اليدوية التقليدية مع التقنيات الحديثة. وأخيراً، أحلم بأن تكون «قناطي» مصدر إلهام للجيل القادم من المصممين والحرفيين، مساهمة في تطوير صناعة الساعات والمجوهرات الفاخرة في المنطقة والعالم.
ماذا تعني كلمة شغف بالنسبة لمحمود القناطي؟
- الشغف بالنسبة لي هو عندما تكون مرتبطاً عاطفياً بما تفعله وتؤمن بأنه مقدر لك وجزء من هويتك. إنه أمر لا ينفصل عن شخصيتي. الشغف هو أيضاً شيء تتفوق فيه حقاً، ويأتي إليك بشكل طبيعي.
كل ما أقوم به داخل «قناطي» هو أصيل جداً وجانب حقيقي من شخصيتي. إنه التزام عميق بالإبداع والجودة، ورغبة في تقديم شيء فريد وذي معنى للعالم. الشغف هو ما يدفعني للاستمرار في الابتكار والتحسين، وهو ما يجعل كل قطعة نصنعها تحفة فنية فريدة.
في «قناطي» يتجلى شغفي في كل تفصيل، من اختيار المواد إلى عملية التصميم والتصنيع. إنه ما يجعلني أستيقظ كل صباح متحمساً لخلق شيء جديد ومميز. الشغف هو ما يدفعنا لتحدي الحدود التقليدية لصناعة الساعات والمجوهرات، وابتكار قطع تجمع بين الفن والتكنولوجيا والتراث بطريقة لم يسبق لها مثيل.
كل قطعة فريدة من نوعها
هل تحلم بأن يكون اسم قناطي على منتجات أخرى غير الساعات، على سبيل المثال الملابس والشنط والأحذية؟
- في الوقت الراهن، تركيزنا الرئيسي في «قناطي» هو على صناعة الساعات والمجوهرات الفاخرة كقطع فنية قابلة للارتداء. هذا المجال يمثل جوهر رؤيتنا وشغفنا، حيث نسعى لتقديم قطع فريدة تجمع بين التراث العريق والتصميم المعاصر.
فلسفتنا في «فن حفظ الوقت» تنعكس بشكل رئيسي في الساعات والمجوهرات التي نصنعها. كل قطعة هي فريدة من نوعها (واحدة فقط)، لأن كل شخص فريد، ولكل منا لحظات فريدة نرغب في تخليدها. هذا المفهوم يتجسد بشكل مثالي في الساعات والمجوهرات التي نصممها.
ومع ذلك، فإن عالم الأزياء والإكسسوارات الفاخرة مترابط بشكل وثيق، ونحن منفتحون دائماً على الفرص الجديدة التي تتماشى مع قيمنا ورؤيتنا. إذا وجدنا في المستقبل فرصة لتوسيع نطاق علامتنا التجارية بطريقة تحافظ على جوهر «قناطي»، وتعزز من قيمتها، فسندرس ذلك بالتأكيد.
في الوقت الحالي، نركز على إتقان فننا في صناعة الساعات والمجوهرات، وعلى ترسيخ مكانة «قناطي» كعلامة رائدة في هذا المجال. أي توسع مستقبلي سيكون مدروساً بعناية؛ لضمان أنه يضيف قيمة حقيقية لعلامتنا التجارية ولعملائنا، ويعكس فلسفتنا في تخليد اللحظات الثمينة.
كيف توازن بين عملك الخاص والوظيفة والحياة الشخصية؟
- الحقيقة أن تحقيق التوازن بين العمل الخاص والوظيفة والحياة الشخصية ليس بالأمر السهل. لدي وظيفة بدوام كامل أستمتع بها وأحبها حقاً، بالإضافة إلى مشروعي الشغفي «قناطي»، وبالطبع عائلتي.
أحاول وضع الأولويات والتركيز على الـ20% من الأشياء التي لها 80% من التأثير، هذا النهج يساعدني على إدارة وقتي بشكل أكثر فاعلية، وتحقيق أقصى استفادة من جهودي في كل مجال.
ومع ذلك، أشعر بأنني بحاجة إلى تخصيص المزيد من الوقت لعائلتي. لا أريد أن يأتي بناء إرث على حساب عيش أفضل اللحظات مع الأشخاص الذين أرغب في ترك هذا الإرث لهم. إنه تحدٍ مستمر لإيجاد التوازن الصحيح، ولكنه أيضاً ما يدفعني للاستمرار في التحسين والنمو في جميع جوانب حياتي.
في نهاية الأمر، أؤمن بأن الشغف الذي أشعر به تجاه «قناطي» يساعدني على الاستمرار، حتى عندما يكون الأمر صعباً. إنه يذكرني دائماً بسبب قيامي بكل هذا، ويلهمني للاستمرار في السعي لتحقيق أحلامي مع الحفاظ على التوازن في حياتي.
ابتكار تصاميم جديدة
هل ستتفرغ يوماً ما للعمل الخاص؟
- نعم، أتصور مستقبلاً أتفرغ فيه بشكل تام لـ«قناطي». في الواقع، إلا أن هذا سيكون مشروع تقاعدي والتزامي بدوام كامل في المستقبل القريب.
هذا التوجه يعكس مدى شغفي وإيماني بـ«قناطي». إنه ليس مجرد عمل تجاري بالنسبة لي، بل هو تجسيد لرؤيتي وإرثي. التفرغ الكامل سيتيح لي الفرصة لتكريس كل طاقتي وإبداعي لتطوير العلامة التجارية وتوسيع نطاقها.
في هذه المرحلة، سأتمكن من التركيز بشكل أكبر على ابتكار تصاميم جديدة، واستكشاف أسواق جديدة، وتعزيز فلسفة «فن حفظ الوقت» التي تميز «قناطي». كما سيتيح لي ذلك فرصة أكبر للتواصل مع عملائنا وفهم احتياجاتهم بشكل أعمق.
هذا الانتقال سيكون خطوة طبيعية في رحلة قناطي، وأنا متحمس لرؤية كيف ستتطور العلامة التجارية عندما أكرس لها كل وقتي وجهدي.
«قناطي لاب» و«ليدي قناطي»
حدثنا عن مشاركتكم في معرض الجواهر العربية، وما هي أحدث إصدارات «قناطي» التي ستعرض هناك؟
- مشاركتنا في معرض الجواهر العربية 2024 ستكون مميزة على نحو خاص هذا العام، حيث سنطلق مشروعين جديدين ومثيرين يمثلان توسعاً كبيراً لعلامة «قناطي».
المشروع الأول هو «قناطي لاب» Qannati Lab. هذا المشروع يمثل توجهاً جديداً لعلامتنا التجارية، حيث نهدف إلى توسيع نطاق إبداعاتنا وجعلها متاحة لشريحة أوسع من الجمهور. «قناطي لاب» سيكون بمثابة مختبر للإبداع والابتكار، حيث نستكشف تقنيات جديدة، ونجرب أفكاراً مبتكرة في تصميم وصناعة الساعات والمجوهرات. سيتيح هذا المشروع لنا تقديم قطع فريدة بأسعار أكثر تنافسية، مع الحفاظ على جودة وروح «قناطي». ما يميز «قناطي لاب» على نحو خاص هو بعده الخيري. لكل ساعة يتم بيعها من قناطي لاب، سنتبرع بمبلغ 100 دولار لقضية خيرية. هذا النهج يجسد التزامنا بالمسؤولية الاجتماعية ورغبتنا في إحداث تأثير إيجابي في المجتمع. ومن خلال هذه المبادرة، نهدف إلى جعل الفخامة أكثر شمولية وذات مغزى، حيث يمكن لعملائنا الاستمتاع بقطعة فنية فريدة مع العلم أنهم يساهمون في قضية نبيلة.
المشروع الثاني هو مجموعة «ليدي قناطي» Lady Qannati، وهي مجموعة موجهة خصيصاً للسيدات. الفكرة الرئيسية وراء هذه المجموعة هي الاحتفاء بفكرة أن النساء جميعهن كائنات سماوية خاصة وفريدة. وتكريماً لتراث البحرين الغني، ستكون هذه المجموعة مبنية على استخدام اللؤلؤ كعنصر أساسي في التصميم، ما يعكس تاريخ البحرين العريق في صيد اللؤلؤ وصناعة المجوهرات. هذان المشروعان يمثلان خطوة جديدة ومهمة في مسيرة «قناطي»، حيث نسعى لتوسيع نطاق إبداعاتنا وتقديم تجارب جديدة لعملائنا. ومع ذلك، فإن التفاصيل الكاملة لهذه المشاريع ستبقى مفاجأة حتى الكشف عنها رسمياً في معرض الجواهر العربية.
نحن متحمسون جداً لمشاركة هذه الإبداعات الجديدة مع زوار المعرض، ونتطلع إلى رؤية ردود أفعالهم. معرض الجواهر العربية سيكون المنصة المثالية لإطلاق هذه المشاريع الجديدة والكشف عن الوجه الجديد لـ«قناطي».
ندعو الجميع لزيارة جناحنا في المعرض للتعرف عن قرب على هذه المشاريع الجديدة والاستمتاع بتجربة «قناطي» الفريدة في عالم الساعات والمجوهرات الفاخرة.