أكدت دراسة بعنوان "تقييم استدامة إدارة الموارد المائية في المملكة العربية السعودية" نوقشت حديثاً بجامعة الخليج العربي أن المملكة العربية السعودية تواجه تحديات كثيرة في إدارة مواردها المائية خصوصا بعد تضاعف استهلاك المياه البلدية بسبب تزايد عدد السكان، وتحسن مستوى المعيشة الذي ساهم في زيادة معدل استهلاك الفرد للمياه، والنمو العالي في معدلات استهلاك القطاع الزراعي للمياه، إذ أصبحت الزراعة مصدر استثمار لكثير من رجال الأعمال بسبب الدعم الكبير والإعانات المتعددة التي وفرتها الدولة للقطاع الزراعي مما أدى إلى زيادة المساحات المزروعة.

وقال الباحث سامي إبراهيم العبود في أطروحته التي ناقشها كجزء من متطلبات الحصول على درجة الماجستير في برنامج إدارة المواد المائية بقسم الموارد الطبيعة والبيئة بكلية الدراسات العليا أن التحدي الرئيسي الذي يواجه إدارة وتخطيط المياه في المملكة العربية السعودية، هو في كيفية الموازنة بين توفر المياه واستخداماتها، أي تقليص الفجوة بين العرض والطلب، على أسس مستديمة على المدى الطويل في مواجهة الطلب المتصاعد بأقل تكلفة مالية واقتصادية وبيئية دون إلحاق الضرر بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية، معتبراً أن سد الفجوة بين معدلات استخراج المياه الجوفية ومعدلات تغذيتها الطبيعية من أهم التحديات وأكبرها التي تواجه المملكة، مطالباً بإيجاد نوع من التوازن بين الموارد المتاحة والطلب عليها إذ سيتطلب ذلك تطبيق إجراءات صارمة وفاعلة لإدارة الطلب، والاستفادة القصوى من موارد المياه غير التقليدية (المياه المعالجة)، والمحافظة على موارد المياه وضمان استدامتها وحماية مصادرها، من خلال المحافظة على الموارد المائية غير المتجددة، وتحقيق التغطية الشاملة لخدمتي المياه والصرف الصحي، وترشيد استهلاك المياه في جميع الاستخدامات، وتنمية موارد المياه المنتجة.

وبين البحث الذي أشرف عليه كل من الأستاذ الدكتور وليد زباري، والأستاذ الدكتور علاء الصادق أن نظام إدارة المياه المتبع حالياً في السعودية يركز على جانب إدارة العرض مما يساهم بشكل كبير في استنزاف المياه الجوفية وزيادة استنزاف مصادر الطاقة، ويؤدي ايضا إلى زيادة التكاليف الاقتصادية والمالية والبيئية، ولمواجهة الزيادة في معدلات الطلب المتسارعة، تم اقتراح عدد من الخيارات الإدارية القابلة للتطبيق لأصحاب القرار في المنطقة الشرقية من المملكة تركز على جانب إدارة الطلب ورفع الكفاءة، وتم تقييم هذه الخيارات بدلالة فاعليتها في رفع كفاءة واستمرارية إدارة قطاع المياه باستخدام النموذج الديناميكي الذي تم تطويره لنظام إدارة المياه في المنطقة.



وقال العبود إن هذه الخيارات عمدت إلى تقليل معدل استهلاك الفرد وذلك برفع الوعي المائي للمستهلكين، واستخدام الأدوات المرشدة، ومراجعة نظام التعرفة، وتقليل التسربات في شبكة القطاع البلدي العامة، إلى جانب زيادة كفاءة الري في الزراعة، وزيادة تجميع ومعالجة مياه الصرف الصحي وزيادة إعادة استخدامها في الزراعة، وتطبيق هذه الخيارات مجتمعة، موضحا إن تقليل معدل استهلاك الفرد برفع الوعي المائي للمستهلكين، واستخدام الأدوات المرشدة، ومراجعة وتصحيح نظام التعرفة، يمكن أن يخفض من كمية المياه المطلوبة في القطاع البلدي بشكل كبير.

وأضاف: "ارتفاع معدل استهلاك الفرد عامل أساسي لزيادة جانب الطلب على المياه، ويجب تغيير ممارسات استخدام المياه لتحقيق استدامة المياه في البلاد وذلك بخلق مجتمع موجه مائياً، بتغيير السلوكيات في المنظمات الاجتماعية ولدى المؤسسات والمهنيين، وإدراج موضوعات إدارة المياه المستدامة في التعليم بجميع مراحله، مع عدم تجاهل دور المؤسسات والبرامج الإعلامية الحديثة، ومشاركة المجتمع المدني في عمليات صناعة القرار للمساهمة في تنمية المجتمع المستدامة".

وأوصى العبود بتكثيف الدراسات التي تتعلق بطرق كشف التسربات والتحكم بها في شبكة المياه العامة، وإنشاء إدارات وأقسام متخصصة تكون مهمتها تنفيذ هذه الدراسات، ووضع الحلول إزاءها بما يتناسب مع الخطط الاستراتيجية، ويجب أن يكون العاملون في إدارات كشف التسربات من ذوي المؤهلات والكفاءات المتخصصة في نفس المجال، مقترحاً عدداً من الإجراءات الإدارية لرفع مستوى استدامة المياه في خدمة أهداف التنمية بالمملكة العربية السعودية، مؤكداً أهمية إجراء دراسة تقارن بين تكلفة تطبيق هذه الإجراءات الإدارية مقارنة بعوائدها لمساندة عملية اتخاذ القرار.

وتشكلت لجنة المناقشة من الأستاذ الدكتور وليد زباري والأستاذ الدكتور علاء الصادق كمشرفين رئيسين، وإبراهيم المعتاز كممتحن خارجي والأستاذ الدكتور عودة الجيوسي كممتحن داخلي.