كتب لطفلة بحرينية تعاني مرضاً نادراً الشفاء بعد تلقيها العلاج في مستشفى جريت أورموند ستريت في لندن ضد فرط نقص سكر الدم.

وولدت سارة بمتلازمة ضخامة النمو المركب الخلقية التي تدعى متلازمة بكوث-فيدمان، التي تصيب واحداً من كل 15000 مولود. وأبرز أعراضها الشائعة ضخامة النمو وعدم التناظر في النمو وكبر اللسان وانخفاض مستوى الجلوكوز في الدم وعيوب في جدار البطن. وكان لدى سارة فرط شديد في نقص سكر الدم، وهو أحد الأعراض المعروفة المقترنة بهذه المتلازمة.

فرط نقص سكر الدم حالة معقدة جداً. ولعلاج حالة سارة نقلت من البحرين إلى مستشفى جريت أورموند ستريت في لندن الذي يعالج 1500 طفل من الشرق الأوسط سنوياً.

وأوضح استشاري الغدد الصماء لدى الأطفال في مستشفى جريت أورموند ستريت د.براتيك شاه «يجب أن تبقى مستويات الجلوكوز (السكر) في جسمك ثابتة في نطاق معين حتى يعمل الدماغ بصورة جيدة، فهو يحتاج إلى السكر ليعمل عملاً طبيعياً، ويشبه ذلك حاجة السيارات إلى البنزين كي تسير. وينتج البنكرياس -وهو عضو صغير في البطن- عدة هرمونات تعمل على المحافظة على مستوى الجلوكوز في الدم ثابتاً، منها الأنسولين والجلوكاجون والسوماتوستاتين. لكن البنكرياس لدى بعض الأطفال، ينتج كميات ضخمة غير طبيعية من الأنسولين ما يتسبب في انخفاض مستويات الجلوكوز في الدم. ويسمى هذا فرط نقص سكر الدم".



وبعد أن تأكد الأطباء في المستشفى من صحة تشخيص سارة بمرض فرط نقص سكر الدم، بدأ علاجها بأدوية إيقاف إنتاج الأنسولين. إلا أنها لم تستجب للعلاج. وقرر الأطباء إجراء عملية تصوير للبنكرياس، فلاحظوا وجود كيس بنكرياسي كبير غير طبيعي على بطنها وبنكرياسها، وظن الأطباء في البداية أنه ورم. ولهذا أجروا تصويراً للبنكرياس يسمى 18F-DOPA PET، وهي تقنية تصوير خاصة تنتج صوراً دقيقة جداً ثلاثية الأبعاد للبنكرياس.



وقال د.شاه إن نتيجة التصوير أكدت أن لدى سارة «آفة كيسية كبيرة على رأس البنكرياس، وأنها مصابة بنموذج حاد من فرط الأنسولينية. وبعد أن اجتمع لدراسة الحالة فريق متعدد التخصصات يضم جراحاً، وطبيب أشعة، وطبيب أورام، أوصينا بإجراء جراحة لإزالة تلك الآفة. وبعد إجراء العملية أصبحت حالة نقص السكر في الدم أكثر اعتدالًا، وبإمكاننا الآن السيطرة عليه عبر أنبوب الطعام والأدوية المناسبة".



وقال رئيس فريق الجراحة البروفيسور دي كوبي «كانت سارة تعاني من آفة نادرة جداً في زاوية شديدة الخطورة من البنكرياس، وهي المنطقة التي تندمج فيها معاً الأوعية الدموية المغذية للأمعاء والكبد والبنكرياس. كانت الجراحة صعبة جداً لكننا سعداء كثيراً أنها نجحت وأن سارة تتعافى منها سريعاً. ولا بد من الإشادة بالخبرات المتقدمة التي يتمتع بها فريق مستشفى جريت أورموند ستريت، فبفضلها أمكننا تجاوز تحدي هذه العملية الجراحية الصعبة".



أقامت سارة في المستشفى لمدة عام وثلاثة أشهر لعلاج المشكلات الناجمة عن إصابتها بشدة نقص السكر في الدم في الأعوام الأولى من حياتها. وتطلبت حالتها تعاون فريق متعدد التخصصات من الأطباء في المستشفى، وتعاونوا أيضاً على حالتها مع متخصصين من المستشفيات الأخرى.

وقال د. شاه "خرجت سارة من المستشفى وحالتها مستقرة حالياً من ناحية مستوى جلوكوز الدم. وهي تعيش اليوم في وطنها في البحرين وتستجيب جيداً للتغذية المنتظمة عن طريق أنبوب الفم/المعدة. وسيستمر مستشفى جريت أورموند ستريت في متابعة تحسن حالة سارة لعلاج القضايا الأخرى الناجمة عن متلازمة فرط نموها. ولديها موعد لمراجعة الأطباء في المستشفى خلال الشهور الستة المقبلة. ورغم أن طريقها نحو الشفاء الكامل ما زال طويلاً، فإن المستقبل يبدو حاليًا أكثر إشراقاً بالنسبة لسارة وأسرتها".