مريم بوجيري

أكد أستاذ الإعلام الرقمي بجامعة البحرين الدكتور حاتم الصريدي ضرورة استحداث تشريع عاجل لتنظيم ما أسماه بـ"فوضى الإعلان" عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث أصبحت وسيلة عشوائية زادت من الاستهلاك.



وأوضح أن هناك عوامل أساسية أدت إلى تزايد الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي من أهمها: ارتفاع نسبة امتلاك الهاتف الجوال والأجهزة المحمولة لدى المستخدمين (على سبيل المثال نسبة امتلاك الهاتف الجوال في البحرين تقرب لـ200%)، وانخفاض كلفة الربط بشبكة الإنترنت نتيجة المنافسة بين مزودي الخدمات، وكذلك ارتفاع سرعة الإنترنت نتيجة اعتماد تقنيات جديدة مثل حزمة الجيل الخامس لتمرير المعلومات، بالإضافة إلى سرعة وفعالية وصول المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها الفائقة في التأثير على المستخدمين ضمن إطار أكثر "استقلالية" وأقل "تعقيدا" من عمل وسائل الإعلام التقليدية، وأشار إلى أنه على هذا الأساس، وبالاعتماد على هذه الخصائص الجديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، اتجه الجميع أفرادا ومؤسسات وحكومات نحو الاستخدام الأمثل لهذه الأدوات للتأثير والترويج والدعاية كل في مجال تخصصه (ترويج سلع، تأثير أيديولوجي، تواصل، نشر الأخبار.. إلخ).

وقال: "أصبحت الإعلانات والدعاية والترويج بشكل عام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، المكان المفضل للجميع بدون استثناء بفضل سهولة الاستخدام، سرعة النشر، استهداف جمهور عالمي، قلة التكلفة، وخاصة التأثير القوي على فكر المستهلكين والمستخدمين الذي يمكن أن تلعبه هذه الوسائل، لكن في الواقع يجب التفريق بين وسائل التواصل الاجتماعي كأدوات اتصال وتواصل جماهيرية من جهة، ووسائل الإعلام من جهة ثانية، التي هي عبارة عن مؤسسات إعلامية تختلف في عملها من ناحية نموذج الأعمال ومن ناحية الضوابط المهنية والقانونية وحتى من ناحية وظيفتها المجتمعية".

واعتبر الصريدي أن مجال الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام يتسم بنوع من الفوضى، وذلك للأسباب التالية: أولا: أصبحت الإعلانات منتشرة على شبكات التواصل الاجتماعي بدون قدرة المستخدم على معرفة دقيقة بمصدر ومصداقية هذه الإعلانات، بمعنى هل مصدرها مؤسسة متخصصة في الإعلانات أو أشخاص طبيعيون، أو أشخاص متخفون وراء الشبكة، وفي كل الحالات تختلف الأهداف والغايات من هذه الإعلانات.

ثانيا: في معظم دول العالم، لا يوجد إطار تشريعي ينظم مسألة الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فالبعض يعتبرها حرية شخصية تدخل في إطار حرية الرأي والتعبير، والبعض الآخر يعتبرها مصدر رزق وفرصة جديدة للاستثمار، مشيراً إلى أنه وإن اختلفت الآراء فإن إحداث إطار تنظيمي لهذه الممارسات الجديدة على الشبكة أصبح أمرا عاجلا حتى لا تزيد الفوضى وتترسخ الممارسات العشوائية ويصبح تنظيمها لاحقا بالأمر الصعب.

ثالثا: في بعض الأحيان، تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات الكاذبة والتضليل الإعلامي، وفي هذا الإطار لا يمكن التفريق بين المعلومة الكاذبة والإعلان لأنهما من نفس الشجرة كما أن التقنيات الجديدة في تعديل الصور وملامح الوجه وتغيير شكل الصوت، عزّزت هذه الممارسات، وزادت من خطورتها مما استوجب إنشاء هياكل متخصصة لتحليل وفضح هذه المغالطات التي أصبحت دون شك خطرا على المجتمعات.

وأضاف: "يمكن القول إن نشر المعلومات والإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو شر لا بد منه، لكن وضع إطار تنظيمي لتعديل الممارسات التي توجد عبرها، والتفريق بينها وبين المؤسسات الإعلامية المهنية، شرطان أساسيان للتقليل من المخاطر التي قد تتسبب بضرر جسيم للمجتمع".