مريم بوجيري




أقرت لجنة الخدمات بمجلس النواب مرسوماً بقانون يهدف لفصل المسؤولية التنفيذية لجامعة البحرين عن مسؤولية الجهة الرقابية المتمثلة في مجلس التعليم العالي الذي يشرف على جميع مؤسسات التعليم العالي لمنح المرونة في تشكيل مجلس أمناء جامعة البحرين؛ و تعزيز الحرية الأكاديمية فيها، وذلك تماشياً مع أفضل ممارسات الحوكمة، كما تشير مبررات الاستعجال في إصدار القانون بأداة المرسوم نظراً لقرب انتهاء مدة مجلس أمناء جامعة البحرين الحالي، ما يتطلب السرعة في تعديل القانون، بما يؤدي إلى تحقيق الغايات المرجوة منه من خلال الفصل بين منصبي رئاسة مجلس التعليم العالي، ورئاسة مجلس أمناء جامعة البحرين.


من جانبه ذكر المجلس الأعلى لتطوير التعليم والتدريب، أنه في إطار استراتيجية تطوير التعليم ما بعد المدرسي (ما بعد المرحلة الثانوية) التي وافق عليها المجلس الأعلى لتطوير التعليم والتدريب، واللجنة التنسيقية في أكتوبر 2019، والتي تضمنت تشكيل عدد من فرق العمل التي ضمت في تشكيلها أكثر من (88) ممثلاً عن (36) جهة حكومية وخاصة لدراسة الوضع الحالي لقطاع التعليم ما بعد المدرسي، ورفع توصيات من شأنها تطوير القطاع لتلبية احتياجات سوق العمل وتطلعات رؤية البحرين الاقتصادية 2030.

وكان من بين فرق العمل المعني بدراسة حوكمة وقيادة مؤسسات التعليم والتدريب الحكومية، والذي أوصى في فبراير 2020، بتبني معايير مبنية على أفضل الممارسات العالمية في حوكمة مؤسسات التعليم والتدريب، ومراجعة تشكيل مجالس إدارات المؤسسات التعليمية الحكومية، وفق المعايير التي أوصى بها الفريق لتضم أعضاء يمتلكون الخبرة، والكفاءة، ويمثلون جهات متعددة لضمان التنوع في الخبرات بما فيها كفايات من أهمها القيادة الاستراتيجية، والمعرفة والخبرة بأنظمة التعليم والتدريب، والخبرة في حوكمة المؤسسات، ومهارات التحليل المالي وإدارة الميزانيات، وإدارة المخاطر والتدقيق، وإدارة الموارد البشرية، على أنّ يتم التأكد من عدم وجود تضارب للمصالح عند اختيار الأعضاء وأنّ تكون المجالس مسؤولة عن أداء مؤسساتها، وتقوم بالمهام الاستراتيجية، ويكون لها لوائح تحدد مهامها بوضوح وشفافية.

كما كان من بين الفرق فريق معني بتطوير جامعة البحرين لتكون جامعة أكاديمية بحثية قادرة على المنافسة إقليمياً ومحلياً، وذلك من خلال إعادة تركيز برامج الجامعة على المؤهلات الأكاديمية والدراسات العليا في تخصصات مرتبطة بسوق العمل، ووضع استراتيجية وطنية للبحث العلمي، ورفع جودة المدخلات من خلال مراجعة معايير القبول والرسوم الدراسية، وكان من أهم التوصيات المبنية على المقارنات مع أفضل الممارسات العالمية ما مفاده تطوير آليات الحوكمة.

وعليه، تم خلال العامين الماضيين إعادة تشكيل عدد من مجالس أمناء وإدارات مؤسسات التعليم والتدريب (كلية البحرين للمعلمين، وهيئة جودة التعليم والتدريب، ومجلس أمناء مجلس التعليم العالي، وكلية البحرين التقنية "بوليتكنك البحرين")، وحيث إنّ مجلس أمناء جامعة البحرين يعدّ أحد مجالس الإدارات المستهدفة، ولضرورة مواكبة التعديلات التشريعية التي أجريت على قانون التعليم العالي، وتطبيق متطلبات الحوكمة، وأفضل الممارسات، استهدف التعديل على القانون رقم (12) لسنة 1986 تعديل المادة رقم (11)، ليصبح تشكيل مجلس أمناء جامعة البحرين أكثر مرونة وفقاً للمرسوم، الأمر الذي تطلب مراجعة الأداة القانونية لتحقيق الغايات المرجوة عند إعادة التشكيل.

أما مجلس التعليم العالي أشار إلى أن إصدار المرسوم بقانون جاء بناءً على موافقة مجلس الوزراء على إصدار مشروع قانون يتضمن تعديلاً لنص المادة (11) من المرسوم بقانون رقم (12) لسنة 1986 بإنشاء وتنظيم جامعة البحرين، ولتحقيق أفضل ممارسات الحوكمة في مؤسسات التعليم العالي التي وافق عليها المجلس الأعلى لتطوير التعليم والتدريب ضمن إطار الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم ما بعد المدرسي، ومبادرات تطوير التعليم والتدريب المدرجة على الإطار الموحد للأولويات الحكومية في نسخته الثالثة المحدثة.

واتفق المجلس مع ما ورد في مذكرة رأي هيئة التشريع والرأي القانوني من أنّ الغاية من إصدار هذا المرسوم هي مواكبة التعديلات التشريعية التي أجريت على قانون التعليم العالي، من خلال صدور المرسوم بقانون رقم (31) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 2005 بشأن التعليم العالي؛ ولتنسجم أحكامه مع متطلبات الحوكمة وأفضل الممارسات العالمية في مؤسسات التعليم العالي، وذلك من خلال إعادة تشكيل مجلس أمناء جامعة البحرين بموجب مرسوم من رئيس وعدد من الأعضاء لا يزيد عددهم على اثني عشر عضواً بمن فيهم رئيس المجلس، وفقاً للتنظيم الذي جاء به المرسوم بقانون الماثل.

وذكرت جامعة البحرين أنّ المادة الأولى من المرسوم بقانون تحقق الاعتبارات التي انطلق منها التعديل على النحو المشار إليه في المذكرة الإيضاحية، وبما يتوافق مع التعديلات التي أجريت على قانون التعليم العالي، وما يتفق مع حوكمة المؤسسات التعليمية، والاتجاهات التشريعية العالمية في مجالات التعليم الجامعي، وعدم التداخل أو الازدواجية في عضوية المجالس الجامعية من ناحية، وعضوية مجالس التعليم الرقابية أو العليا، من ناحية أخرى، وذلك دفعاً للتضارب ودرءاً للتعارض، وتحقيقاً للفصل بين المسئولية التنفيذية، وتعزيزاً للحرية الأكاديمية، وتماشياً مع أفضل ممارسات الحوكمة في مؤسسات التعليم العالي.

أما بالنسبة للمادة الثانية من المرسوم بقانون، فهي تعدّ تطبيقاً وإنفاذاً للتعديلات الدستورية التي أجريت على الدستور البحريني، من حيث ما أوردته المادة الأولى من تغيير تسمية (دولة البحرين) إلى (مملكة البحرين) وتعديل تسمية رئيسها جلالة الملك المفدى (حفظه الله ورعاه) من (أمير دولة البحرين) إلى (ملك مملكة البحرين)؛ إعمالاً لما هو منصوص عليه في الدستور، وذلك في المواد الأولى من الباب الرابع المعنون بـ (الملك)، ولذا كان من موجبات مبدأ سمو الدستور ومفترضاته ألا تخالفه التشريعات التي تدنوه في مقام التدرج التشريعي، وأن تأتي أحكام المرسوم بقانون متوافقة معه، وعلى ذلك كان التعديل أمراً لازماً؛ ليتوافق المرسوم بذلك مع أحكام الدستور، بأن يعدل مسمى (المملكة) في مرسوم إنشاء الجامعة إلى (مملكة البحرين)، وأن يعدل فيه أيضاً مسمى (أمير البلاد) إلى (ملك)، وأن يعدل مسمى (المرسوم الأميري) إلى (المرسوم)؛ على اعتبار أنه لم يعد هناك من الأدوات التشريعية في مملكة البحرين بعد التعديلات الدستورية اصطلاح (المرسوم الأميري)، إذ اقتصرت هذه الأدوات على (الدستور، القانون، المرسوم بقانون، المرسوم، الأمر الملكي، اللائحة، والقرار)؛ لتغدو بذلك المراسيم آليات تشريعية يصدرها جلالة الملك بمشاركة رئيس الوزراء (حفظهما الله ورعاهما) والوزراء، كلٌّ فيما يدخل في دائرة اختصاصاته، وبالتالي فإن التعديلات المقترحة جاءت تنفيذاً للاستحقاقات التي وردت عليها التعديلات الدستورية، مما يجعلها تعكس استجابة لازمة لأحكام الدستور.