ستكون أنظار كل العرب صوب الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بلد المليون شهيد، بلد الحضارات، التي تستضيف اليوم الثلاثاء القمة العربية في دورتها العادية الحادية والثلاثين، وهي القمة التي نأمل أن تكون مختلفة في قراراتها لتحقيق تطلعات الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط.

وكلنا يعلم جيداً بأن هناك ملفات عديدة مطروحة على جدول أعمال القمة التي تنعقد وسط ظروف صعبة شهدتها السنوات الثلاث الماضية منها أزمة كورونا وتبعاتها وحرب أوكرانيا وأسعار الغذاء وأزمة النفط والغاز والأزمة المالية وغيرها، ملفات تحتاج لتوافق وقرارات صائبة وقراءة واقعية للأحداث العالمية وما يمكننا تجاوزه بكل صراحة من أجل شعوبنا العربية ووحدة الصف العربي.

قمة تتطلب من القادة العرب ومن يمثلهم، التمسك بالحقوق الفلسطينية، ولم الشمل العربي، وطي صفحة الماضي والخلافات والنظر للمستقبل بعين واحدة للمستقبل، ودعم المبادرة الجزائرية لتعزيز الوحدة الفلسطينية، فالمصارحة هي أساس المصالحة والتفاوض هو أساس النجاح، لذا نأمل أن تكون قمة الجزائر قمة الصلح ولم الشمل العربي وعودة سوريا لمكانها الطبيعي.

فهذه القمة تنعقد على وقع ملفات عديدة شائكة ترحّل من قمة لقمة، على أمل أن تكون مدينة الحضارات العريقة الجزائر، هي فاتحة خير لحلحلة بعض هذه الملفات والقضايا التي فرضت نفسها على الواقع العربي، ولم تجد المعالجة أو العناية الكافية لها خلال الفترة الماضية لأسباب عدة إقليمية ودولية.

واليوم ليس هناك عذر، فالوحدة العربية التي تجمعنا لغوياً ودينياً وعادات وتقاليد تجعلنا نخطو خطوة للأمام في الجوانب الاقتصادية والأمنية والاستثمارية واستغلال كل مقوماتنا الاستراتيجية في بناء أمن غذائي وتوفيره، وفي جلب الأيدي العاملة الناجحة والابتكارات واستقطاب الكفاءات العربية ودعمها، وخلق أجواء من الثقة المتبادلة وفتح صفحة بيضاء للمصالحة المغربية الجزائرية، وأن يكون البيان الختامي في هذه القمة مغايراً للقمم السابقة ومتضمناً فقرات وتوافقاً واتفاقاً حول حل الأزمات العربية العالقة.

نؤمن بقدرة القادة العرب في قمة الجزائر على إدارة القمة بواقعية حتى نتمكن من تجاوز الخلافات والانشقاقات، والتوصل لقواسم مشتركة لحلها، في إطار المنظومة العربية، بما يحفظ ويصون هوية الأمة ووحدة مصيرها من الخليج للمحيط.

فالعيون متجهة نحو الجزائر لتشخيص الوضع العربي بشكل عام وعسى أن تكون هذه القمة صاحبة السبق في بدء ترميم البيت العربي، وتفعيل التكامل العربي الاقتصادي والأمني، التي بقيت من دون تنفيذ خلال السنوات الماضية، خصوصاً أنه لا خيار أمام البلدان العربية، إذا شاءت اللحاق بركب التقدم، سوى إعادة ترتيب البيت العربي داخلياً وتقويته خارجياً سياسياً واقتصادياً.

إن شعوبنا العربية تعرف أننا نمر بمرحلة خطيرة تتطلب معالجة الأزمات المختلفة دون هوادة، فهل تشهد قمة الجزائر بداية العهد الجديد من التعاون والتسامح والتصالح وتسوية النزاعات وتنمية الاقتصاد العربي المشترك، هذا ما نأمله، وهل تكون هذه القمة فعلاً قمة لم الشمل، هذا ما نرجوه، والله من وراء القصد.

* كاتب عماني