انتهى كأس العالم وطويت صفحته من منطقتنا، هذا الحدث الكروي التاريخي الذي استقطب تفاعل مليارات الأشخاص حول العالم والذي بالتأكيد كان له العديد من العبر والدروس التي استفدنا منها، أهمها الوحدة العربية، وأن هناك من لا يود أن يكفّ شره عن مملكة البحرين!

فلو تأمل البعض المواقف والمشاهد الحاصلة للجماهير العربية، خلال لعب المنتخبات الخليجية والعربية، وأبرزها السعودية والمغرب على سبيل المثال، حيث كان العرب جميعاً على الرغم من اختلافاتنا السياسية والثقافية والفكرية والدينية متّحدين رياضياً في تشجيع أي منتخب خليجي أو عربي يلعب ضد المنتخبات الأجنبية، كما كانت الجماهير العربية سواء الحاضرة بالملعب أو تلك التي تقبع خلف شاشات التلفاز تساند وتؤيد الفوز لأي فريق عربي كما هو واضح جلياً من باب وفكرة أنه عربي قبل أي شيء آخر ولكونه محسوباً علينا كعرب، أضف إلى ذلك مشهد تأهل منتخب المغرب إلى نصف نهائي كأس العالم حيث يعتبر أول منتخب عربي إفريقي يصل إليه وكيف كانت فرحة الشعوب العربية بهذا الإنجاز الرياضي الكروي وتصنيف مدرب المنتخب المغربي ضمن قائمة أفضل المدربين للعام 2022- فقد وجدنا أن كل هذه المباهج والاحتفالات ومناظر الفرح الحاصلة وتبادل التهاني بين الأشقاء العرب في جميع أقطار الدول العربية يعكس فعلاً مفهوم أننا كيان وجسد عربي واحد، وأنه مهما تعددت مسميات دولنا الخليجية والعربية فإننا في النهاية جميعنا نتجسد ونمثل فريقاً عربياً واحداً، فأي فريق عربي يصل بالتأكيد سيصل باسم العرب وسيمثلنا جميعاً، وأن أي فوز عربي هو فوز لنا جميعاً لأننا أمة واحدة.

كما أنه من المواقف التي لا ننساها، الوقفة الحازمة من قبل عدد من المؤثرين الخليجيين والعرب تجاه أغنية كأس العالم الصادمة التي أقامتها إحدى الفنانات والتي كانت لا تحمل أي معنى واضح لا من حيث الأداء ولا الكلمات ولا الألحان، والتي كانت بعيدة كل البعد عن الثقافة والهوية الخليجية والعربية، فالانتقاد اللاذع الذي حصل جعلنا نطمئن إلى أن الذائقة العربية لا تزال بخير ولا تزال ترفض أي طرح بعيد عن كياننا كعرب وكمسلمين. على الجانب الآخر، كان من الملاحظ أنه رغم انشغال العالم بهذا الحدث الكروي المهم جداً فإنه للأسف الشديد كانت هناك حملات عدائية إعلامية وإلكترونية مستمرة تجاه البحرين، بل وإساءات وشتائم بذيئة جداً، بالذات من قبل عدد من الشخصيات القطرية المعروف أنها مصنفة على أنها نوع من أنواع الذباب الإلكتروني المرتزق والمدفوع الأجر، في مشهد يذكّرنا بصورة متداولة لثلاثة أطفال فائزين بالمراكز الأولى وقد اعتلوا منصة التتويج، وأن الفرحة الكبيرة للطفل الفائز بالمركز الثالث جعلت الطفل الفائز بالمركز الأول وهو يراه فرحاً يبكي ويفقد فرحة انتصاره بالمركز الأول لأنه كان مشغولاً بمتابعة وملاحظة مباهج الفرحة لدى الطفل الفائز بالمركز الثالث، وهذا المشهد يجسّد فعلاً مشهد الذباب الإلكتروني القطري الذي رغم حجم الحدث العالمي المقام على أرضه ورغم ضخامة التنظيم وما يحتاجه من جهود مكثفة خلال فترة الاستضافة، فإنه لم ينشغل في شؤونه الداخلية ولم ينسَ أمر مملكة البحرين، بل استمر منشغلاً بشؤون البحرين والتدخل فيها ومهاجمتها، حتى وصل الأمر إلى التطرّق إلى دوري كرة قدم محلي لدينا لدرجة يخال البعض وهو يتابع كتاباتهم أن الحدث الكروي البحريني المحلي لربما لديهم أهم من مباريات كأس العالم المقامة على أرضهم، وهذا المستغرب والذي يعكس حجم العداء تجاه مملكتنا وعدم الالتزام إلى الآن باتفاق العلا الرياض!! لكن الطريف أن هذه التصرّفات الغوغائية تعكس مبدأ أنه حتى كأس العالم لم يشغلهم عنها وأننا يبدو أهم لديهم من كأس العالم الذي صرفوا عليه المليارات!

على العموم، ستكون الجماهير الخليجية والعربية على موعد مع كأس الخليج العربي «خليجي 25» الذي سيقام قريباً في البصرة العراق، وهو أمر يسعدنا بالتأكيد كخليجيين وعرب أن يقام هذا الحدث الكروي المهم على أرض العراق الشقيق وأن يعود العراق للمشاركة في محافلنا الرياضية المهمة، ونأمل أن تكون أغنية كأس الخليج العربي أغنية تمثل تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا الخليجية الأصيلة.