مثل ما قيل، لكل زمان دولة ورجال، أيضاً لكل قوة ضاربة ضعف وانحلال. سيّدة العالم الولايات المتحدة الأمريكية قد تزامنت عليها الأحداث والمستجدات، ويبدو أن زمن إدارة الرئيس بايدن زمن أغبر مليء بالمآسي على أمريكا والشعب الأمريكي، شأنه شأن فترة ولاية الرئيس أوباما التي يعتبرها الأمريكيون فترة رئاسية مشؤومة، وما تبقّى من ولاية بايدن سيكون مليئاً بالكوارث على الولايات المتحدة. ففي عهد بايدن خسرت أمريكا حلفاء استراتيجيين لها، وخسرت دولاً صديقة لها أيضاً، وذلك لسوء الخبراء المتواجدين في البيت الأبيض، كذلك انقسام شنيع في صفوف الحزب الديمقراطي بسبب سياسة بايدن الخارجية المستمدة من السياسة الأوبامية. ولكن أن تخسر الولايات المتحدة حلفاءها الأوروبيين المطالبين بالاستقلال عن التبعية الأمريكية فتلك تعتبر أكبر كارثة في تاريخ أمريكا. نعلم جيداً أن هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية كانت على يد أمريكا بعد أن قصفت ألمانيا لندن وباريس بالطائرات، وكادت أن تنتهي الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لولا تدخّل أمريكا في الحرب التي انتهت لصالح الحلفاء بقيادة أمريكا. وبعد الحرب وضعت أمريكا الدول الأوروبية تحت عباءتها وأنشأت في كلٍّ من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا قواعد عسكرية لها. وفي سنة 1996 شنت الأرجنتين حرباً على بريطانيا وذلك بغرض استعادة جزر الفوكلاند التي تحتلها بريطانيا، وكادت الأرجنتين أن تقضي على الأسطول البحري البريطاني كاملاً لولا تدخّل أمريكا في الحرب لمساعدة حليفتها بريطانيا. ولكن أصبحت الدول الأوروبية بمثابة الدول المأمورة من قبل أمريكا، وأصبحت تتحكم في اقتصادها وفي سياستها، حتى ضاقت الدول الأوروبية ذرعاً ليقف الرئيس الفرنسي ماكرون بكل شجاعة ويدعو أوروبا إلى الاستقلال الاستراتيجي عن أمريكا، ودعا الرئيس الفرنسي أن يكون الاستقلال الاستراتيجي عن أمريكا هو معركة أوروبا، كما دعا إلى تعزيز الصناعات الدفاعية من أجل الطاقة النووية. فهل سيكون للولايات المتحدة وإدارة بايدن، التي أخفقت في كل الاتجاهات، حلٌّ آخر بعد أن تكون أمريكا وحيدةً بلا حلفاء؟

* كاتب ومحلل سياسي