أودّ أن أطرح هذا السؤال، هل السّفر فريضة إلزامية على مواطني دول الخليج الذين يفرغون جيوبهم سنوياً للسفر إلى دول العالم للهروب من الجوّ الحارّ إلى نسانيس البراد والهواء العليل؟ لكنّ هذا الصيف أتى مخيّباً للآمال فقد سجّلت عواصم عالمية درجات حرارة وصلت إلى فوق الخمسين درجة مئوية، فعلى سبيل المثال في اليونان تسبّبت الحرارة باشتعال الحرائق في الغابات ممّا دعي سكان بعض المُدُن والمنتجعات السياحية إلى مغادرة بيوتهم خوفاً من امتداد الحرائق، أيضاً اضطرت الفنادق إلى إخلاء غرفها من السيّاح وطلبت الحكومة منهم المغادرة خوفاً من إصابتهم بحريق أو خلافه، وخلت المنتجعات السياحية تماماً من روّادها لأن الحرّ والحرائق حاصرت سكان هذه المنتجعات. وممّا يُستغرب له أنّ مُدُناً سياحية كانت مقصداً سياحياً كبيراً مشهورة باعتدال مناخها صيفاً تساوت مع مدن حارّة جداً وأصبحت متساوية في درجة حرارة الجوّ، أيضاً تعرضت كثير من المُدُن السياحية إلى خسائر كبيرة جداً لأن روّادها غادروا هذه المُدُن من شدّة الحرّ لديهم. بقي شيء مهم، مادام الحال متساوياً في ارتفاع درجات الحرارة لدينا في الخليج العربي أو قريباً من لندن وباريس وروما ومدريد وهولندا، إذن لماذا نُسافر ونفرغ ما في جيوبنا ونعود وسندرك ما تبقّى من الحر؟!

فالموضوع برمّته عند كثير من المواطنين، السفر ليس للمتعة إنما للتبضّع، ولكي يُقال إنّ فلاناً وفلانة سافَرَا إلى باريس وأغلب هذه الفئة استحوذت عليهم البنوك بالاقتراض والكمبيالات، المهمّ يسافر وبعد العودة يبدأ في التفكير بسداد هذا القرض، علماً بأن الله عزّ وجلّ أنعم علينا في بلادنا بنِعَم لا تُعدّ ولا تُحصى، فالمنازل مكيّفة، والمولات مكيّفة، والسيارات مكيّفة، والمساجد مكيّفة، ولدينا الشواطئ الخلابة والحدائق الغناء، وإذا أردت التسوّق ترى لدينا العجب العُجاب، كلّ السّلع متوفرة ورخيصة أكثر من الدول المقصودة للهروب من الحرّ، كما توجد لدينا نعمة الأمن والأمان، بينما لدى تلك الدول أنواع الجرائم التي لا يوجد لها عقاب. هذا هو سؤالي، أما الجواب: نحمد المولى على ما أنعم به علينا من نِعِم ويا حلو خليجنا ويا حلو حرّنا.