طفلة من تحت الأنقاض تخرج يدها لتساعد المنقذين بتحريك الركام من عليها وتقول «طلعوني».. ليرد المنقذ بصوته الباكي «أنتي قوية».

هذه صورة من آلاف الصور التي يتابعها العالم بصمت مرير وموحش.

وزارة الصحة الفلسطينية أعلنت ارتفاع «حصيلة الشهداء والجرحى من الهجوم المتواصل على قطاع غزة والضفة الغربية، إلى أكثر من 10569 شهيداً، ونحو 29 ألف جريح.. منذ السابع من أكتوبر الماضي، أكثر من 70% من القتلى هم أطفال ونساء ومسنّون.

جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والجهات والمنظمات الدولية العاملة في القطاع الصحي والإغاثي، يجددون إعلان حاجتهم الماسة إلى إدخال المساعدات والاحتياجات الضرورية بشكل عاجل.. فواقع الحال لا يتمثل في خطورة الإصابات والعمليات التي تُجرى في الممرات دون تخدير وأدوية، بل في الآلام التي لا يتحمل الكبار ذكرها ومشاهدتها، فكيف بالصغار في غزة الذين يعيشون ويشهدون ويعانون مع كل دقيقة تمر عليهم.

يقول أحد الأطباء الذي لم يخرج من المستشفى لمدة شهر: «نحن نعمل المستحيل ونواجه المستحيل»، فالحاجة اليوم أمسّ ما تكون من أي وقت مضى لوقف جرائم الحرب في قطاع غزة وإرسال المساعدات الإنسانية العاجلة إليهم، فيكفيهم ما حل على رؤوسهم من أنواع القنابل المطورة والمزودة بأشرس التكنولوجيات التي أودت بالمباني المأهولة والمربعات السكنية.. والمستشفيات والمدارس وكلها ضحية القصف الوحشي الذي لا يتوقف.

ميزان الإنسانية وحقوق الإنسان واحد لا يتغير باختلاف الظروف أو الدول.. فكل المكاتب المعنية بمنظمات حقوق الإنسان لم تكفِ لوقف ما حل على غزة خلال شهر من النزف الدامي.. فالمدنيون يعيشون شتى أنواع المآسي الإنسانية من قتل وتشريد ويُتْم ودمار وغيرها من الجرائم، ولم يعد بمقدورهم التحمل أكثر.

بعد كل هذه الأهوال.. ألا يحق لأطفال فلسطين اللعب برمال أرضهم، والعيش تحت ظلال أشجار الزيتون.. وفي قلوبهم أمل الحياة رغم حسرة ما أفل وارتحل من أحبابهم، وما تبقى في وجدانهم من ذكريات العنف والدمار؟