نشرت مؤخرا دراسة علمية مُحكّمة بعنوان «نشأة مجلة «صوت البحرين»: قراءة في محضر الجلسة الأولى للجنة التأسيسية لإصدار أول مجلة بحرينية المؤرَّخ في 28 ديسمبر 1948.

حيث قامت الدراسة بتحليل محضر الجلسة الأولى للجنة التأسيسية لإصدار مجلة «صوت البحرين»؛ وبيان أهمية مجلة «صوت البحرين» في تاريخ الصحافة البحرينية، وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج كان من أهمها: أن ما يحتويه محضر الجلسة الأولى هو البحث في شأن إصدار مجلة أدبية اجتماعية تكون لسان حال الشباب المثقف، واتفق على تسميتها «صوت البحرين»، على شكل شركة مساهمة، وتباع أسهمها على حاضري الجلسة فقط، كما كشف المحضر أن فكرة إصدار مجلة «صوت البحرين» بدأ عن طريق نخبة من شباب البحرين وذلك بعد توقف جريدة «البحرين» (1939-1944) بخمس سنوات فأخذوا على عاتقهم الاتصال بزملائهم المثقفين لوضع اللبنات الأولى لإصدار المجلة، وأظهر المحضر أن إصدار ترخيص للمجلة جاء بعد تكليف اللجنة التأسيسية للسيد محمود المردي سكرتير عام اللجنة الذي قام بدوره بمخاطبة الحكومة لاستصدار الترخيص، وفي عام 1949، أصدر مستشار حكومة البحرين الإنجليزي «تشارلز بلجريف» قرارا إدارياً، يتضمن الموافقة على منح رخصة لإصدار المجلة، شريطة أن يتعهد رئيس التحرير بالالتزام بشرطين هما: ألا تكون المجلة سياسية، كما أن على رئيس التحرير أن يقدم نسخة من المجلة للرقابة قبل النشر أيضا، كما تبين في المحضر أن من أسهم في تأسيس مجلة «صوت البحرين» ثلة من الشخصيات البحرينية التي تنتمي إلى توجهات فكرية وسياسية متنوعة يمثلون مختلف الفعاليات والميول والاتجاهات التي كانت حاضرة في الساحة البحرينية في تلك المدة، وهو ما أغنى أطروحاتها وحقق تنوّعاً في الأفكار والرؤى على صفحاتها، وقدمت حينذاك أنموذجاً لمشروع بحريني وطني حضاري.

وفي ما يتعلق بأبرز القضايا التي تناولتها مجلة «صوت البحرين»، تطرقت المجلة إلى مختلف القضايا المحلية من اقتصادية وسياسية واجتماعية بالإضافة إلى تناول القضايا العربية، فلم يخْلُ عدد من أعدادها من التطرق إلى أهم القضايا العربية المعاصرة والتحديات التي تواجه الشعوب العربية من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، فقد تصدَّت لمحاربة الهيمنة الاستعمارية وكبْت الحريات ومحاولات التدخل المستمرة في شؤون الدول العربية التَّوَّاقة إلى الاستقلال والحرية.

وطرحت المجلة أخبار القضية الفلسطينية، وبيان الخطر الصهيوني على القدس والمسجد الأقصى، كما اهتمت بالقضايا المحلية والاجتماعية، وخصصت على صفحاتها باباً بعنوان (اسألونا) لمعالجة مشاكل القراء وتبَنِّي قضاياهم والإجابة بكل صراحة ووضوح عن استفساراتهم، كما دافعت المجلة عن حقوق العمال، وتأييد الحركة العمالية، وكانت تنادي بالوحدة والعدالة الاجتماعية.

وحفلت المجلة ببعض التحقيقات الصحفية التي تناولت الكثير من القضايا والسلبيات، ناقدة وداعية إلى معالجتها بالحلول المناسبة، واتَّسمت موضوعاتها بأساليب رصينة، فقد عالجت القضايا السائدة المطروحة على الساحة معالجة منطقية، وبذلك حازت على إقبال القراء عليها الأمر الذي انعكس على زيادة توزيعها، وكان للأقلام التي احتضنتها المجلة الأثر البالغ في نجاحها وذيوع صيتها في المنطقة وإقبال المثقفين بالخصوص على اقتنائها وقراءتها داخل البحرين وخارجها.

والجدير بالذكر أن هذه الدراسة تكتسب أهميتها من أنها تسد جانباً من الفجوة البحثية في البحرين في هذا الحقل الدراسي من بحوث الإعلام، ويفتح طريقاً لدراسات متنوعة أخرى في مجال الصحافة المحلية، حيث إن من الملاحَظ والمرصود وجود غياب تامّ لأية دراسات علمية تناولت بالتحليل وثيقة محضر الجلسة الأولى للجنة التأسيسية لإصدار «صوت البحرين» باعتبارها أول مجلة بحرينية، بعد توقف أول جريدة بحرينية «جريدة البحرين» عن الصدور عام 1944.

تجدر الإشارة إلى أن من أعد هذه الدراسة هو كاتب هذه المقالة، وقد نشرت الدراسة في مجلة «دلمون» بعددها رقم (32) الصادر في يناير 2024، وهي مجلة علمية مُحكّمة تصدر عن جمعية تاريخ وآثار البحرين»، معنيَّة بالدراسات والبحوث عن تاريخ وآثار وتراث مملكة البحرين والخليج العربي.

* أستاذ الإعلام المساعد - عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي - جامعة البحرين