طرح الكاتب المتخصص في قصص الخيال العلمي كيم ستانلي روبنسون في أحدث مؤلفاته، فكرة يعتبرها الكثيرون إبداعية ويمكن أن تتجسد على أرض الواقع خلال السنوات القادمة، وهي التي منحها عنوان «وزارة المستقبل».

ويدعو المؤلف إلى تأسيس وكالة أو منظمة عالمية جديدة تابعة للأمم المتحدة، تكون مهمتها الدفاع عن الأجيال القادمة، وهدفها – بحسب ما ذكر الكاتب – صيانة مصالح أجيال المستقبل في العالم، وحماية جميع الكائنات الحية في الحاضر والمستقبل، وتتكفل بالدفاع عن قضايا البيئة والتصدي الميداني لآثار الاحتباس الحراري.

هذه الفكرة رغم أنها جيدة، إلا أنها – وعلى رأي ردود الوزارات في اقتراحات النواب – متحققة على أرض الواقع، حيث تنتشر العديد من المؤسسات والمنظمات التي تعمل على حماية الكوكب من مخاطر قد تواجه الأجيال القادمة، ومن أبرزها التغير المناخي وندرة الموارد وغيرها من القضايا التي تمثل هاجساً أممياً تحاول كل الدول العمل على مكافحته بالقدر الممكن من الخطط والمبادرات والبرامج.

وهنا أصل إلى الواقع المحلي لمثل هذه الوزارة التي طرح فكرتها روبنسون، حيث أجد كثيرين لا يعرفون الهدف من إنشاء وزارة «التنمية المستدامة» ضمن التشكيل الحكومي الأخير، وهذا الأمر ظهر بوضوح في العديد من أسئلة أعضاء مجلس النواب على الوزيرة نور الخليف.

أستطيع القول بأن وزارة التنمية المستدامة، هي الترجمة العربية لما ورد في مؤلف واقتراح كيم ستانلي، فهذه الوزارة تعنى بالتخطيط للمستقبل بحيث يمكن تحقيق الاستدامة في الموارد بما يضمن حقوق الأجيال القادمة.

وقد لا يدرك كثيرون ما تفعله الوزارة في الوقت الراهن، إلا أن النتائج ستكون ملموسة بعد سنوات طويلة، وعندما نرحل ويأتي أبناؤنا ليلمسوا أثر جهود هذه الوزارة في حياتهم وحاضرهم.

فرغم أن جميعنا يبحث عن رفع مستوى معيشته اليوم ويطالب المسؤولين بانعكاس النمو على واقع حياتهم، فقد لا يدركون أن الحفاظ على موارد الدولة في هذه الأيام، هو حفظ لمستقبل أبناءهم، ولذلك أجد أن النظرة الاستشرافية للحكومة ورؤيتها الاقتصادية 2050، تمثل هذا النهج الحكيم في أن يجد الجيل القادم ما يصون حاضره.

لقد لمسنا فعلاً أثر النمو الاقتصادي على واقعنا اليوم بعد تنفيذ رؤية البحرين 2030، وذلك من خلال احتساب الفرق بين معيشة المواطن عند بداية الرؤية وبين ما يعيشه اليوم، ولا ينكر أحد هذا الواقع، ولذلك يجب أن نلتمس العذر في سياسة الاقتصاد المتوازن للدولة الذي يحمي مستقبل أبنائنا.