استوقفتني مواقف تعكس رؤية جديدة وتطوراً ملحوظاً يستحق الإشادة في كيفية إدارة ملفات الدولة.. وهي طبعاً مجرد أمثلة لغيض من فيض.. فبعيداً عن سقف الطموحات العالي.. وبعيداً عن المطالبات الشعبية المشروعة لتطوير حال الناس وعلاج ملفاتهم الحياتية والمعيشية ثمة ما يستحق التوقف عنده والتأمل في دلالاته.

العامل المشترك بين المواقف التي سأسردها هو التماس احتياجات المواطنين ومتابعة شؤونهم، وهو ما يعكس النهج الثابت والراسخ عند القيادة في إدارة شؤون الدولة وكيفية العمل من أجل المواطن والإنسان، وهو ما يتطلب تعزيزه والإشادة به.

الأول: أمر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله بحصر الأضرار الناتجة عن تجمع مياه الأمطار وتعويض المتضررين وحصر المناطق التي شهدت تجمعاً للمياه وإخضاعها لبرامج التطوير.

الثاني: قرار وزارة التربية والتعليم عن تمديد تعليق الدراسة في جميع المؤسسات التعليمية من مدارس حكومية وخاصة ومؤسسات تعليم عالٍ وحضانات ورياض أطفال والعودة الأحد 21 أبريل 2024 والسبب -ولنضع خطاً أحمر تحت هذا السبب- وهو "استكمال عمليات فحص المباني والمنشآت التعليمية".. وهنا نتحدث عن فحص والتأكد من سلامة المدارس قبل عودة "عيالنه" وهو ما كان همّاً ومصدر قلق عند الأهالي نتيجة الأجواء العاصفة والأمطار الغزيرة التي أصابت البلاد.

الثالث: مباشرة الإدارات المعنية بوزارة الداخلية جهودها الخدمية في الميدان للتعامل مع تداعيات الأمطار الغزيرة التي تشهدها مملكة البحرين، وما لحقه من عمل مع مديريات الشرطة بالمحافظات الأربع والدفاع المدني والمرور باتخاذ إجراءات ميدانية من أجل مساعدة المواطنين والمقيمين في تدبير شؤونهم وقضاء مصالحهم من خلال التعامل المهني والعاجل مع مشكلة تجمع مياه الأمطار واتخاذ ما يلزم بخصوص البلاغات ذات الصلة، من مباشرة البلاغات المتعلقة بسقوط أشجار وأعمدة إنارة ومظلات وحدوث ماس كهربائي، واستخدام المضخات في سحب مياه الأمطار بالتعاون والتنسيق مع وزارة شؤون البلديات والزراعة ووزارة الأشغال.

الرابع: قيام سعادة المهندس وائل بن ناصر المبارك، وزير شؤون البلديات والزراعة، بجولة تفقدية في وقت متأخر من الليلة العاصفة ذاتها لعدد من المناطق في مختلف محافظات المملكة، ليطلع خلالها على جهود فريق الطوارئ للتعامل مع موجات المطر والتأكد من عمليات سحب مياه الأمطار المتجمعة، ووجود عدد كبير -لا يمكن ذكره هنا- من المسؤولين الذين باشروا أعمالهم في الميدان.

الخامس: قيام سعادة المهندس إبراهيم بن حسن الحواج وزير الأشغال بزيارة ميدانية للشوارع الرئيسة والأنفاق بمختلف محافظات مملكة البحرين، للاطلاع على جهود التعامل مع تجمعات مياه الأمطار والعمل على إعادة انسيابية الحركة المرورية بأسرع وقت ممكن، وتأكيد التعامل بشكل فوري مع تجمّعات مياه الأمطار بالتعاون مع وزارة شؤون البلديات والزراعة والجهات المعنية الأخرى حيث تم توفير المضخات وتوزيع الصهاريج في مختلف المواقع.

وقبل كل ذلك وهو الأمر السادس والأهم، الذي تمثل في تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، بإصدار مرسوم ملكي للعفو عن المحكومين والإفراج عن "1584"، وهو توجيه كريم أتى بمناسبة اليوبيل الفضي لتولى جلالته مقاليد الحكم وتزامناً مع الاحتفالات بعيد الفطر المبارك.. ويأتي أيضاً جرياً على عادة جلالته السنوية الكريمة بمناسبة عيد الفطر المبارك، فتجدُّد هذه العادة السنوية الكريمة دليل على روح الإنسانية والتسامح التي تنعكس في مفاصل عمل الدولة، فهذا العفو الكريم يترجم المبادئ الإنسانية على أرض الواقع، وله آثار اجتماعية ونفسية تنعكس على نفوس النزلاء وعائلاتهم.

ليس هذا فحسب بل تم على ضوء المرسوم الملكي السامي ذاته، توجيه صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله معالي وزير الداخلية وسعادة وزير العمل بالتنسيق لتسجيل المشمولين بالعفو الملكي السامي ضمن المستفيدين من إعانة التعطل للباحثين عن عمل والتوجيه لتوظيفهم وانخراطهم في الحياة العملية لتكون أيامهم القادمة مفعمة بالأمل لبدء حياة جديدة زاخرة بالخير والعطاء وحب الوطن، لتعوضهم عن ما فاتهم.

هكذا تدار شؤون المملكة وملفاتها، فبدون الإدارة تتحول حياتنا إلى فوضى في جميع مفاصلها، من هنا وجب إكبار كل ما يصب في مصلحة الناس، ودعم كل ما يخدمهم ويسهم في تسيير وتسهيل شؤون حياتهم، فالمجتمع بحاجة دائماً إلى تلمس أثر الإدارة في تفاصيل الحياة اليومية وكسب الثقة عند مواجهة التحديات المختلفة أو الكوارث، واستشعار أثر ونتائج التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة على الإنسان، والأهم كسب ثقة الناس في مواقف معينة بالصدق والحقيقة واحترام الإنسان، ودعم الممارسات الجيدة في كل وقت وحين.