أمسِ تَرقبٌ حبست له الأنفاس لأسابيع عدة، وتضاربت فيه التوقعات، بين استبعاد البعض إمكانية تورط العدوان الإسرائيلي بإطلاق نيرانه على رفح، في كارثة إنسانية أخرى، تكون لا سابق لها في حجم إسقاط الأرواح البشرية، حيث خيّم آلاف النازحين ويقدر عدد المقيمين بحوالي مليونين، وبين إنذار البعض الآخر بوشك وقوع مأساة إبادة جماعية، تعالت الأصوات دون مجيب لمنع حدوثها.

واليومَ مناشدات دولية وعربية لوقف التوغل الإسرائيلي في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، لا سيما بعد ضرب مناطق نزوح صنفت آمنة، أشعلت نيرانه لهيباً أحمرَ لمجازر متتالية، والعدوان الإسرائيلي يواصل إضرام النار بغاراته بمسيّرات وقصف مدفعي مكثّف على المدينة، استهدف عدة مناطق في رفح تزامناً مع إطلاق نار من آليات عسكرية وطائرات مسيرة ومروحيات «الأباتشي»، والدبابات الإسرائيلية قد تقدمت نحو وسط رفح.

نفّذت القوات الإسرائيلية كل ذلك العدوان والاختراق للمواثيق والاتفاقات الدولية، وآخرها اتفاقية كامب ديفيد وفي 2005 على مستوى محور فيلادلفيا، في ظل اختلاف الآراء والمواقف والتوقعات، وبات الجيش الإسرائيلي على بعد كيلومتر واحد من قلب المدينة، وفق ما أكد مراسل «العربية»، ولا تزال ردود الفعل الدولية غير موحدة لحقن دماء الأبرياء المدنيين من الأطفال والنساء، بل يتضارب بعضها ويتعارض مع واقع الحال، كما جاء في ردود بعض الدول الكبرى.

فما كان من إدارة بايدن إلا التصريح الذي جاء على لسان كيربي بأنّها «لا تعتقد أن أفعال إسرائيل في رفح ترقى إلى عملية واسعة النطاق من شأنها أن تتخطى «الخطوط الحمراء» التي حدّدها بايدن»!! مضيفاً في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض» لا تغيير في السياسة نتيجة لهذه الضربة التي وقعت الأحد». أتت تلك التصريحات بعد يومين على قصف إسرائيلي دامٍ استهدف مخيم السلام للنازحين في رفح وأدى إلى استشهاد 45 شخصاً، أغلبهم من النساء والأطفال الذين تفحمت جثثهم نتيجة الحريق الكبير الذي سبّبته الضربة.

فهل بقي من خطوط حمراء فوق ألسنة اللهيب الحمراء لنيران اجتياح رفح؟! وهل أفعال إسرائيل في رفح وتجاوزها مستوى محور فيلادلفيا اكتساحاً إلى مشارف مركز رفح لم ترقَ بعد إلى عملية واسعة النطاق؟! فما عسى أن يكون مدى العملية الواسعة النطاق؟!

فيما صرّح الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه على استعداد للاعتراف بدولة فلسطين لكن في الوقت المفيد، فما هو الوقت المفيد يا ترى؟! وهل هناك من وقت مفيد عقب الإبادة والتّشريد؟!