«المواطن شريك أساسي في رفد مختلف مسارات التنمية» لم تكن تلك الكلمات عابرة في سطور الحديث الملكي السامي وإنما كلمات جاءت من العلم والدراية المتأصلة بالحكمة والمسؤولية الوطنية أطلقها حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء هذا الأسبوع وبعد الإشادة بجهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وأعضاء الفريق الوطني على جهودهم التي ساهمت في تحقيق الكثير من الإنجازات والنجاحات لمملكة البحرين فقد كانت هي الرسالة الثقيلة الموزونة الموجهة التي تحمل الكثير من المعاني إلى الشعب الكريم وجميع مواطني مملكة البحرين مؤكداً من خلالها أن أي عمل نهضوي في البلاد لا يقوم إلا بالتعاون المشترك من جميع طوائف المجتمع والقيادات المسؤولة لمواصلة مسيرة البناء ومواجهة مختلف التحديات التي تواجهها البلاد على المستوى الأمني وغيره المحلي والخارجي من قضايا تؤثر على المستوى المعيشي للمواطن في مملكة البحرين، حيث تحرص القيادة على الاستثمار المستمر في العنصر البشري ودعمه من الناحية الثقافية والعلمية وما يعزز تنميته المهارية لدفع عجلة التقدم في البلاد والذي ساهم بشكل ملحوظ بالتقدم ومواكبة كل التطورات العصرية منذ العام 2021م.

كما توجت هذه العبارة من جلالته حفظه الله ورعاه بالتأكيد على ضرورة المحافظة على منظومة القيم والعادات والتقاليد البحرينية الأصلية التي لا تقدر بثمن والتي تنطلق من القيم العربية والإسلامية حيث النهج الذي سار عليه هذا المجتمع منذ القدم مشدداً ومؤكداً على أهميته ومواصلة السير عليه لكونه نهجاً إنسانياً عظيماً ميز مملكة البحرين عن غيرها مما جعلها بلد الأمن والأمان لتحتل المرتبة الثالثة خليجياً والـ20 عالمياً وفق تقرير مجلة EOWORLD.

كما جاء جلالته محدداً الخطوط العريضة لكثير من العبارات والكلمات الثمينة الموزونة بالحكمة الرصينة والتي جاءت متسلسلة بنهج رصين كالبناء القوام مؤكدة في مضمونها على الاستثمار في العنصر البشري والاستمرار على هذا النهج لما له من دور في تنمية المهارات التنموية التي تبني الوطن والمواطن وتواصل مسيرته وتساهم في القدرة على طرح المشاريع التنموية الكبرى التي تعود بأثر إيجابي على خير ونماء المواطنين وخلق الفرص حيث إن في طرحها والعمل عليها ومتابعتها قدرة وصبراً وانتماء وطنياً مخلصاً يعكس ما قاله جلالته حفظه الله ورعاه بأن البحرين للبحرينيين جميعاً وأن وحدتهم وترابطهم كأسرة واحدة هي مصدر منعتنا وافتخارنا واعتزازنا، والمواطنة الحقة هي أداة الإنجاز والعمل البناء من أجل النهوض بالبحرين وازدهارها.

ولم يكتفِ جلالته في كلمته بالتأكيد على أهمية المواطن ومشاركته وأهمية القيم التي تقوم وتقوي النسيج المجتمعي في بناء الوطن وتطوره ونمائه وإنما شمل أيضاً ضمن خارطة الكلمة الرصينة المدروسة الحكيمة مدى أهمية التعايش المجتمعي واللحمة الوطنية والتسامح من خلال توجيهه بتوفير كافة السبل والمقومات اللازمة لإنجاح موسم عاشوراء مؤكداً على أن هذا الدعم ضرورة تؤكد على حرص القيادة وشعبها على احترام وتقدير المشاعر الدينية لمختلف الطوائف البحرينية حيث التكامل والترابط.

ومن عدد المقومات التي حرص جلالته على ذكرها والتأكيد عليها: العمل على حفظ الهوية التاريخية والثقافية الأصيلة لمملكة البحرين والتي جاءت من خلال مضمونه بضرورة استكمال تطوير مدينة المحرق وإطلاق خطة متكاملة لإعادة تطوير المنطقة التاريخية بسوق المنامة ما يؤكد ويعكس حرص جلالته على هذه المقومات، ومن جانب آخر حرصه على المحافظة على الحياة الفطرية وتنمية الثروة السمكية لرفع مستوى الأمن الغذائي ومدى أهمية دعم المنتج الوطني ليكون كما يقول المثل الشعبي «دهنا في مكبتنا» حيث الجوهر الحقيقي من الرسالة السامية بأن نكون مستثمرين بدلاً من أن نكون مستهلكين إنها رؤية جلالته النيرة تحسباً لأي كوارث مستقبلية تضر بالأمن الغذائي.

ولم يكتفِ جلالته بالشاغل الوطني في هذه الجلسة الوزارية بل كان أيضاً الشاغل الدولي الإنساني الذي عكس مسؤوليته وحرصه الشديد على متابعة ما تم إطلاقه من مبادرات في القمة العربية وذلك بتعزيز الجهود القائمة على هذه المبادرات والإشادة بها للدفع بمسيرة العطاء والاستمرار بنفس النهج الوطني المحب الإنساني لإيمانه بأهمية هذه الإشادة وما تثمره من إيجابيات مستقبلية.

العديد من الرسائل التي عدت نبراساً مضيئاً في كلمات جلالته الحكيمة ومنها أهمية تعاون الأمة العربية لما لها من دور مهم وحيوي وإيجابي على العالم كونها المصدر الأهم للطاقة وخطوطها التجارية المرتبطة بالعالم أجمع حيث الأمن والأمان لمواصلة مسيرة البناء والنهضة العصرية، لمستقبل الشعوب من خلال الحلول المشتركة والتي لها أثر إيجابي على بقية دول العالم من الأصدقاء والشركاء لمنع الأخطار والسياسات الهدامة وسياسات الاعتداء والحروب بالوكالة ونبذ الخلافات حتى يكون التكاتف حيث العلاقات الثنائية والإقليمية وذلك بالالتزام بتشغيل اتفاقيات التعاون الاستراتيجية الشاملة في الأمن والاقتصاد والتنمية لما لها من أهمية ودور فاعل يعزز من مستوى الصداقة ويرفع من قوة التلاحم والتضامن في المجتمع الدولي لإيمان جلالته بأن السلم وحسن الجوار من ضرورات التعايش على المستوى الدولي، والذي جاء جلياً من خلال التهنئة التي رفعها جلالته لفخامة الرئيس الإيراني حيث هي الرسالة المتوجهة بالسلام والعلاقات الطيبة.

* إعلامية وباحثة أكاديمية