من مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات في الرياض بالمملكة العربية السعودية خضنا المستقبل حيث القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي أبحرت بنا في كل تفاصيل الذكاء الاصطناعي من النواحي التقنية والفنية والنظرية والعملية ومجالات العمل وآثاره وتأثيراته من فكر الخبراء والمعارف والشركات والمؤسسات الحكومية وغيرها التخصصية خلال ثلاثة أيام متواصلة في الفترة من 10 إلى 12 من الشهر الجاري حيث كانت أكبر فعالية من الفكر للذكاء الاصطناعي تجاوزت التوقعات شملت أكثر من 400 متحدث في 185 جلسة و33 ألف مشارك من الحضور و3 ملايين متابع على الشاشة الإلكترونية، والتي مهدت لعقد أكثر من 78 اتفاقاً وأكثر من 800 اتفاقية تعاونية؛ مما أكد على حرص الجميع من المهتمين والمتابعين لهذه الفعالية العالمية للمستقبل الرقمي والتقني وتأثيره على حياتهم حيث كانت التفاعلات الحية والتساؤلات النشطة في قاعات الحدث موجة شاسعة من الاهتمام الكبير بالذكاء الاصطناعي ما تم منه وما هو قائم في الوقت الحالي وما يتم العمل عليه للقادم.

كما كان معرض القمة العالمية للذكاء الاصطناعي الذي أوضح جهود الجامعات والمراكز التدريبية والشركات التخصيصة في هذه التقنية وما تقدمه لخدمة البشرية في داخل المنزل والحياة والعمل في كل تفاصيل الفرد الحياتية واهتماماته الإنسانية وما قامت به الدول من جهود في وضع استراتيجيات متقنة للعمل على هذه التقنية وجهود مقابلة لمواجهة مخاطرها والحذر من أضرارها، كما كشف معرض القمة عن مستوى العمل الذي يعمل عليه جيل الحاضر والمستقبل حيث كانت هناك خلية عاملة كبيرة وشغوفة ومفكرة في هذه القمة أظهرت نماذج العمل من خلال روبوتات قامت بالضيافة وأخرى تسامرت وتحدثت مع الحضور وغيرها قامت بحفر هدايا تذكارية لتقديمها ذكرى لهذا الحدث العالمي وروبوتات أخرى استعرضت عملها في المجال الهندسي والتنقيبي وغيرها من البرامج التي كشفت مستوى عمل المخ البشري، ومنها من قام بتصوير الشخص وتحويله إلى لوحة فنية بالخط، ومنها من قام بالترجمة حيث العديد من العروض التي أكدت على عمق الذكاء الاصطناعي ودخوله في كل تفاصيل قدراتنا المهارية والفنية والوجدانية والفكرية بتقنية مذهلة من خلال هندسة تفصيلية لحركة ودينامية الإنسان وتفاصيله الفيزيائية والتشريحية.

ومن جانب آخر، وفي القاعات المتعددة لمركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات، والتي عدت بتقنية فنية وعروض مشوقة وتصاميم مبهرة جذبت الحضور لمتابعة المتحدثين بالموضوعات الشيقة والقيمة، والتي جاء في مجملها التركيز على مدى أهمية التطوير وبالأخص للمواهب والبرامج والبيانات التي تساهم في تطوير الاستراتيجيات الوطنية التي بدورها تساهم في تطوير السياسات وحوكمة البيانات ليكون هناك نظام عالمي يصب في مصلحة وسيادة الدول، كما كان هناك ضرورة وأهمية تم الكشف عنها من خلال محتوى ومضمون المتحدثين بأن لابد من خلق التوازن في المهارات والقدرات لهذا العالم ما بين المهارات الفنية والتقنية والمهارات والقدرات المتعلقة بأخلاقيات هذه التقنية بجانب صناع القرار وصناع السياسات والاستثمارات وضرورة فهم هذه المستويات حتى يعمل على تطوير القوى العاملة من المواطنين لجاهزيتهم لمواجهة المستقبل في هذا المجال التقني العالمي.

إن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية صدارة بامتياز توجت من خلال الإعلان عن عملها العربي المتميز المذهل المنافس لـ«الشات جي بي تي»، والذي عكس قدرة الجهود الجبارة التي عملت على هذا العمل المتميز الذي عبر عن الإصرار والتصدر لتكون هي المنافسة العربية القوية والقدرة والتحدي بالمعنى الحقيقي حيث برز مستوى التعاون الجبار ما بين أصحاب القرار والسياسات والحكومة والقطاع الخاص والشباب والجامعات لخدمة الجهات الحكومية ومتطلباتها من احتياجات معرفية بإطلاق تطبيق «علام» وهو أول نموذج وطني إلكتروني يجيب ويرد على الاستفسارات باللغة العربية حيث أعلنت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» عن إدراج نموذج علام التابع لها ضمن منصة Watson في شركة IBM بوصفه أحد أفضل النماذج التوليدية باللغة العربية في العالم، وذلك خلال مؤتمر «IBM Think 2024» في مدينة بوسطن الأمريكية، حيث يوفر هذا البرنامج خدمات متعددة تشمل صياغة الملخصات وتقديم الاقتراحات في مجالات مختلفة مثل التاريخ السعودي، الرياضة، الصحة والتعليم بالإضافة إلى قدرات مثل تحسين الصور وتلخيص الوثائق حيث تم تدريب البرنامج على مئات الملايين من المقالات المتخصصة؛ مما يجعله مصدراً غنياً للمعلومات المتوافقة مع القيم والثقافة العربية.

إن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض قمة بامتياز ترجمت معنى الإصرار والتحدي والمنافسة والتميز والتعاون والإخلاص والوفاء في العمل، وعكست معنى الشباب وإصراره على خوض غمار عالم المستقبل وجديته في التعلم والتميز، سواء كان في لغة الذكاء الاصطناعي أو برامجه وتقنياته وخدماته وفهم عالمه بكل تفاصيله والعيش معه والاستفادة منه، إضافة إلى ما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من تطور وقمة مستقبلية عالمية.

إن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي تعكس إلى أين وصل البشر في العلاقة مع الذكاء الاصطناعي ببرامجه وروبوتاته، فنحن دائماً ما نحتاج إلى هذا الجمع للتعرف على ما كان وما نحن عليه وماذا سيكون في المستقبل -حقيقة- إنها قمة في القمة.

* إعلامية وباحثة أكاديمية