في مثل هذه الأحوال التي يمر بها وطننا العزيز لا يمكن لمن اختار الوقوف على الحياد الاستمرار في موقفه السالب خصوصاً بعد مرور كل هذه الفترة الزمنية التي يصعب معها قبول مثل هذا الموقف، فاليوم تبدو كل الأمور واضحة ولا يمكن لأحد أن يحتار في اختيار الطريق الصائب. في مثل هذه الأحوال لا سبيل أمام أبناء هذا الوطن من الذين يحبونه ويؤمنون بمستقبله سوى الانحياز ضد من يريد به السوء أياً كانت الأفكار والمبررات التي يسوقها، وطالما أن الأمور واضحة فإن الحيرة في الاختيار لم تعد مبررة، وصار لزاماً اتخاذ موقف واضح، وإلا ضاع الوطن وضاع مستقبله ومستقبل أبنائه جميعاً.
لم يعد مناسباً الانتظار ريثما ينجلي الغبار، فالواجب يحتم الوقوف إلى جانب الوطن، ولو أن الذين اختاروا الوقوف على الحياد في الفترة السابقة حكموا ضمائرهم واستجابوا لنداء العقل وانحازوا للوطن لتبين لأولئك الذين يريدون به السوء حجمهم ولعرفوا كم هم صغار وقليلون ولا يستطيعون فعل شيء.
في مرحلة مفصلية كهذه التي يمر بها وطننا الغالي لا يمكن استيعاب فكرة الوقوف على الحياد، فأنت كمواطن إما أن تكون مع الوطن فتربح أو تكون ضده فتخسر، لا طريق ثالث غير هذين الطريقين، بل إن مسؤولية الذين ظلوا على الحياد أكبر من مسؤولية غيرهم لأنهم هم من يمكنهم أن يرجحوا كفة على الأخرى، فقرار الانتصار للوطن في أغلبه هو بيد هؤلاء الذين لا مفر لهم اليوم سوى أن يختاروا ويثبتوا باختيارهم أنهم محبون لوطنهم وحريصون عليه وعلى مستقبله.
الوقفة التي عبر بها عدد من عوائل البحرين عن وقوفهم إلى جانب الدولة وأكدوا ذلك بزياراتهم إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وإلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين هي الوقفة التي ينبغي من الجميع من دون استثناء أن يقفوها في مثل هذا الظرف الذي تمر به البلاد وتمر به المنطقة، خصوصاً وأن الجميع يرى حجم المؤمرات التي تحاك ضد البحرين قيادة وحكومة وشعباً، ويلمسون ما يفعله أولئك المسيئون الذين لا يريحهم سوى رؤية هذا الشعب الأصيل وهو يتمزق ويتحول إلى فئات صغيرة، كل فئة بما لديها فرحة.
طبعاً لو أن من اختاروا الوقوف على الحياد في 2011 تمكنوا من قراءة ما يجري في الساحة قراءة صحيحة وواعية وانحازوا للسلطة مبكراً لوفروا على الوطن الكثير من المآسي والصعوبات التي مر بها. هذا يعني أن تحررهم اليوم من موقفهم السالب من شأنه أن يوفر على الوطن الكثير ويعجل بوضع النقطة في نهاية السطر. أما ما يساعد هؤلاء على القراءة الصحيحة والواعية ويجعلهم يتخذون الموقف الذي كان ينبغي أن يتخذوه قبل خمس سنوات فهو ما تكشف لكل العالم من أمور ليس أولها كثرة التصريحات الإيرانية الداعية إلى التدخل في الشأن الداخلي للبحرين وتحريض العامة ضد الحكم، وليس آخرها اعتراف أمين عام «حزب الله» أن إيران هي التي تمول هذا الحزب منذ أكثر من ثلاثين عاماً وأن لها طريقاً سرياً تسلكه لتوصيل الأموال والأرزاق إلى المعنيين في الحزب، ولتهريب الأسلحة والمعدات العسكرية إلى لبنان. فإذا أضيف إلى كل هذا ما لم يعد صعباً تفسيره مما يحدث في المنطقة وخصوصاً في سوريا والعراق واليمن فإن قرار الانحياز للوطن سيكون أسهل.
لم يعد الوضع يحتمل البقاء على الحياد، فمثل هذا الموقف يعين المسيئين على الاعتقاد بأنهم يستطيعون تحقيق أمانيهم.