الحقيقة التي ينبغي أن تكون ماثلة أمام ذلك البعض الداعي إلى ممارسة الأنشطة السالبة خلال الأيام القليلة المقبلة هي أنه لا الأنشطة التي تحدثوا عنها ولا التصريحات فاقدة القيمة التي «يلعلع» بها أولئك الذين اختاروا الخارج مكاناً ليستمتعوا بحياتهم يمكن أن تعود بالفائدة على «الحراك» والبسطاء الذين يتم تحريكهم ودفعهم إلى المواجهة مع الأجهزة الأمنية، ما ينفعهم وينفع الوطن هو النظر إلى الأمور بواقعية، فالبحرين ليست وحدها، وما يجري في المنطقة لا يسمح أبداً لا لهؤلاء ولا لغيرهم ولا لمن «يشدون بهم الظهر» تحقيق ما شغلوا أنفسهم به، ومن يشتغل سياسة يفترض أنه يدرك كل هذا.

خلال السنوات السبع الأخيرة قام أولئك بممارسة الكثير من الأنشطة السالبة، كلها لم تحقق لهم أية مكاسب، والأكيد أنهم لن يحققوا أية مكاسب لو مارسوا مثل تلك الأنشطة في هذا العام وفي المقبل من الأعوام. المكاسب تتحقق بالابتعاد عن الأحلام الزائفة وباختيار المسار الإيجابي المتمثل في المطالبة بالإصلاح الذي هو حق الجميع وتسعى الحكومة نفسها إليه. لا يوجد في العالم دولة تصمت أمام من يطالب بإسقاطها ويدعو إلى ذلك ويستعين بالخارج على تحقيقه، ولا يوجد في العالم عاقل يقول بأن هذا الأمر ممكن في مملكة البحرين التي تمتلك كل الأدوات المعينة على ردع كل من تسول له نفسه الإساءة إليها وإلى شعبها.

من يبحث عن مصلحة الشعب لا يأخذه بسلوكياته السالبة إلى المجهول، ومن يرفع مثل تلك الشعارات الرنانة عليه أن ينظر إلى مصلحة الشعب لا مصلحته هو، ولأن مصلحة الشعب لا تتحقق بالسبل التي سلكوها من قبل لذا فإن الإصرار على مواصلة سلكها يعني الابتعاد عن الواقع ويعني أن أهدافاً أخرى غير المعلنة يسعون إليها لا علاقة لها بالشعب.

بعد كل هذا الذي جرى في السنوات السبع الأخيرة، وبعد تبين واقع حال المنطقة وما يجري فيها من تطورات لا تصب في مصلحة إيران التي لايزال أولئك يأملون أن تفعل لهم شيئاً، فإن الاستمرار في الاعتقاد بأن المواصلة في هذا الدرب سيحقق لهم المكاسب يعني أنهم لايزالون غير قادرين على قراءة الساحة، والإخفاق في القراءة يعني باختصار الإخفاق في تحقيق الأهداف.

غير معلوم حتى الآن ما إذا كان سينبري من بين أولئك عاقل ينبههم إلى الخطأ الذي يمارسونه ويعينهم على سلك الطريق الصحيح الذي يفتح لهم الأبواب التي تفضي بهم إلى تقديم خدمات حقيقية للمواطنين الذين يرفعون شعارات الانتصار لهم، لكن بما أن هذا هو الطريق الصحيح الذي يراه المواطنون اليوم بوضوح لذا فإنه لا مفر من التوقف ومراجعة الحسابات، ففي هذا خير يعود على المواطنين الذين يدعون أنهم إنما يفعلون كل ما يفعلون من أجلهم، ويعود عليهم أنفسهم.

ما ينبغي أن يعلمه أولئك أيضاً هو أنه حتى الذين تمكنوا من السيطرة على قرارهم في السنوات السابقة ملوا وتعبوا وصاروا يفكرون بطريقة مختلفة ويضعون في اعتبارهم مستقبل أبنائهم ووطنهم، لهذا فلا مفر من النظر إلى الأمور بواقعية وإلى سلك الطريق الآخر المفضي إلى الخير.

التراجع عن الخطأ ليس عيباً، والتواصل مع الحكومة التي تستوعب كل الأخطاء هو الطريق الصائب الذي سيقدره المواطنون جميعاً لأنه سيسهم في إعادة الكثير من الأمور إلى نصابها وسيعين على الخروج من كثير من الصعوبات التي من شأنها أن تفتح طريق الخير للمواطنين، حيث بقاء الحال على ما هو عليه يضر بالمواطنين جميعاً ويضر بالوطن.

ما يصر على القيام به أولئك حراك خاطئ يضر بالمواطنين الذين يقولون إنهم يعملون من أجلهم.