طالعتنا وسائل الإعلام الأسبوع المنصرم بالحديث عن كفاءة وقدرة قوات الأمن البحرينية متمثلة في وزارة الداخلية حيث تمكنت من القبض على خلية إرهابية تتألف من 116 شخصاً، ونشرت وزارة الداخلية بياناً مصوراً يضم عدداً من الاعترافات للمقبوض عليهم والذين اعترفوا بأنهم تلقوا تدريبات عسكرية من قبل الجارة العدوة «إيران»، كما أنهم حصلوا على الأسلحة والدعم المادي لتنفيذ عدد من العمليات الإرهابية في بلدهم البحرين من قبل هذه الدولة التي تصر على زعزعة الأمن الداخلي في بلداننا العربية العزيزة الغالية.

أسئلة كثيرة دارت في بالي وأنا أتابع بيان وزارة الداخلية، أولها وأهمها ما هي العمليات الإرهابية التي كان ينوي هؤلاء الإرهابيون القيام بها؟ ومن هم المستهدفون من ورائها؟ وما هي حجم الأضرار المتوقعة؟ فمن يفهم جغرافية مملكة البحرين يعرف أن البحرين متماسكة جغرافيا كما هي متماسكة اجتماعياً، وإن أي عملية قد تحدث في سترة مثلاً سيتأثر بها أهل الرفاع، فما هي مخططات هؤلاء الإرهابيين؟

هل كانوا يستهدفون الشوارع التي نرتادها «جميعاً»؟ أم كانوا يستهدفون «مسجداً» لأحد الطوائف الكريمة؟ أم كانوا يستهدفون «مدرسة» يتعلم فيها أبناؤنا؟ أم كانوا يستهدفون المقيمين في البحرين؟

أياً كان نوع العمليات الإرهابية التي سيقومون بها فإنها بدون أدنى شك ستؤثر فينا جميعاً دونما استثناء، فالبحرين عبارة عن أرخبيل واحد وأسرة واحدة مترابطة ومتماسكة وتربط بين مواطنيها الصلات الاجتماعية والأسرية العميقة، فمن هم المستهدفون من وراء العمليات الإرهابية التي كان ينوي هؤلاء «الإرهابيون» القيام بها؟! وسؤال لطالما أثرته وسأظل أثيره وهو كيف تم إقناع هؤلاء الشباب بالمشاركة في أعمال إرهابية في وطنهم؟! كيف صنعوا منهم طابوراً خامساً؟! كيف مسحوا عقولهم وأقنعوهم بأن يشاركوا في تدمير وطنهم الذي يعتبر جزءاً منهم؟! وما هي آليات ووسائل الإقناع التي تم استخدامها لكي يجعلوهم أداة من أدواتهم في تدمير وتخريب وطننا البحرين؟!

لربما لا يستطيع عقلي أن يصدق بأنه من السهل أن تقنع أحدهم بقتل أو أذى أهل بيته؟! أو تدمير بيته ووطنه؟! لهذا أستغرب من هؤلاء المغرر بهم؟! كيف ارتضوا خيانة أوطانهم؟! كيف ارتضوا خيانة أهلهم وجيرانهم وأقاربهم؟! كيف ارتضوا أن يوجهوا سلاحهم لتدمير وطنهم الذي أحتضنهم ورعاهم؟!

كمواطنين، قد نزعل.. قد نغضب.. قد نثور من قرار لا يعجبنا أو من حق لا نرى فيه وجهاً للعدالة.. أو من آمال وتطلعات تتهاوى أمام أعيننا.. وقد نتهم «الوطن» بالتقصير.. نتهمه بعدم رعايته واحتضانه ومنحه حقوقنا التي نعتقد بأننا نستحقها.. ولكننا نؤمن إيماناً مطلقاً لا ريب فيه أنه مهما حصل سنظل نحب البحرين، وستظل البحرين هي أغلى الأوطان.. وسنظل نذود وندافع عن ترابها الغالي حتى آخر نفس في صدورنا.. وسنظل نطالب بحقوقنا بالطرق الشرعية التي كفلها لنا الدستور ومشروع ميثاق العمل الوطني..

لا يقل لي أحدهم إن ضيق اليد جعلت من هؤلاء المواطنين «إرهابيين»، ولا يحاول أحدهم أن يقنعني بأن شعورهم بالمظلومية جعلهم لا يميزون الغث من الطيب؟! لا يحاول أحدهم أن يوضح لي أن المرجعية الدينية قد تكون سبباً في أن أشهر النيران في وجه وطني وأحرق شوارعه وجدرانه، وأبدل السلام الذي هو جوهر ديننا الحنيف بالتخريب؟!

أعرف كم هي مؤلمة الحاجة.. وأعرف كم هو مؤلم الظلم.. ولكني أعرف أيضاً معنى أن يسيء المواطن لوطنه.. أعرف حجم مرارة ألا يكون لك وطن.. وألا يكون لديك استقرار.. أعرف أيضاً حجم الشعور بالخوف والقلق من المستقبل نتيجة وجود خونة حولك قد يعيثون في بلادك الغالية فساداً.. أعرف أيضاً معنى أن تنام بعين مفتوحة خشية تعرضك أو تعرض أبنائك وأهلك وأحبائك لأي ضرر.. أشعر أيضا بمرارة أن أرى ابن بلدي «خائناً» وأن يسلم نفسه لدولة أخرى تستخدمه للإضرار ببلده.

لا أعرف.. هل يتألم الخائنون الإرهابيون مثلنا إذا ما سمعوا أن فلاناً تضرر من عملية إرهابية.. هل ينام هؤلاء الخونة بضمير مرتاح وهم يخلفون وراءهم جثثاً ومصابين وتخريباً يفزع الجميع؟ هل يفكر هؤلاء الخائنون بأبنائهم ومستقبلهم.. أم أن الجارة العدو ضمنت لهم مستقبلاً واعداً هم وأبناؤهم؟!

116 خائناً جديداً.. ولا أدري كم خائناً إضافياً موجود بيننا؟ 116 إرهابياً كانوا ينوون العبث بأمن وطننا الغالي الذي مهما «اعتقدنا» بأنه يقسو علينا فإن صدره يظل «أحن» صدر..

نكرر الشكر لرجال الأمن البواسل على يقظتهم وحسهم الأمني المتقدم، والذي أنقذ البحرين من شرور بعض من «الخائنين الإرهابيين» الذين كانوا ينوون العبث بأمن بلادنا الغالية.

كما أنني أتطلع إلى دراسة دوافع هؤلاء الإرهابيين في الانخراط في مثل هذه العمليات، وعمل دراسات علمية لتحليل «سيكلوجياتهم» ونفسياتهم، لوضع خطط متقدمة تحمي الشباب البحريني من الوقوع في مصائد وشباك الإرهاب.