تابعنا جميعاً باهتمام أخبار إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لوزير خارجيته ريكس تيلرسون، في ظل تصاعد الاختلافات والخلاف حول جملة من القضايا أبرزها الاتفاق النووي الإيراني، الذي قبله «تيلرسون» فيما اعتبره ترامب فظيعاً، الأمر الذي جعل الطرفين في حالة مواجهة أسهمت في كبح الجموح الترامبي نحو النيل من إيران. لربما يفسر ذلك اختيار ترامب لـ«مايك بومبيو» - مدير وكالة المخابرات المركزية «سي آي أيه» ليكون بديلاً عن تيلرسون، في خطوة هي الأبرز في التبديل الوزاري الذي يجريه ترامب بين فترة وأخرى. غير أن هذا الحدث -والذي من المضحك وصفه بالشأن الداخلي من قبل المتحدث باسم الخارجية الإيرانية برهام قاسمي، وهم أكثر المتدخلين بشؤون الآخرين- يلقى بظلال وارفة حيناً وظلامية حيناً على الخليج العربي، ما يستلزم فهم تبعاته للتعامل مع هذا التغيير في ضوء ما سيتحقق من قراءته وفهمه.

ويبدو لي أن ثمة ظلال وارفة حري بنا الاستبشار بها في التعديل الوزاري الأمريكي الجديد فيما يتعلق بالجانب الإيراني الذي بات يشكل التهديد الأكبر لأمن المنطقة وزاده قوة واستكباراً توقيع الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1» في خذلان أمريكي فاضح ارتكبه الرئيس السابق أوباما دونما اعتبار لثوابت السياسة الأمريكية تجاه الحلفاء والأصدقاء الخليجيين، ليتجلى المشهد الأمريكي في الولاية اللاحقة «الترامبية» بعودة الأمور إلى نصابها والسعي لوقف ذلك الاتفاق أو إلغائه، وبينما كان تيلرسون من المناوئين لذلك المسعى، فإن بومبيو كان بمثابة النار التي تشعل رغبة ترامب وتزيدها ضراوة لتحرق الأخضر واليابس الإيراني.

أما الظلال الظلامية فيبدو أنها جاءت في ظل ضبابية الموقف البومبي من قطر، بينما كان تيلرسون قد اتخذ موقف المناوئ لقطر في بادئ الأمر ثم انقلب على عقبيه بالتعاطف المعلن تجاهها وتكذيب مزاعم تورطها في الإرهاب، وجاء الآخر بموقف مماثل يبرئ قطر ويؤكد تعاونها مع الاستخبارات الأمريكية في مواجهة الإرهاب، وهنا منشأ الضبابية حيث ما من تحول مرتقب بهذا الشأن إلاَّ أن أسهمت الكيمياء الشخصية -التي جمعت ترامب مع بومبيو وفرقته عن تيلرسون حسب ما ذكر في مؤتمر صحافي ارتجالي له- في تحويل موقف بومبيو والتأثر بالقناعة الترامبية بشأن مناوءة قطر والاصطفاف مع دول خليجية أخرى.

* اختلاج النبض:

بحكم خلفيته المهنية والمعرفية الاستخباراتية فإن الشغل الشاغل لـ«بومبيو» الإرهاب، ما يجعل العرب والمسلمين لديه في خانة الريبة والاستهداف، ترفع خبراته أيضاً حسه الأمني في التعامل مع القضايا الدولية، وقد لا يراعي بالتالي أي مصالح اقتصادية أو غيرها، ويدفعه للميل نحو إسرائيل أن يكون العامل الأمني على المحك.