أن تكون موظفاً لدى أي جهة فإن هذا يترتب عليه التزامك بقوانين وأنظمة تلك الجهة لأنك ببساطة إن لم تلتزم بها تكون قد تسببت في أذى الجهة التي تنتمي إليها بحكم الوظيفة والتي في مقابل عملك لديها تحصل على الأجر المتفق عليه بينك وبينها. هذا يعني أن العلاقة بين الطرفين ليست علاقة عمل فقط وإنما يؤطرها نظام ومبادئ وقوانين والتزامات من الطرفين. ومثلما أن من حقك كموظف أن تحصل على الراتب المتفق عليه والامتيازات المحددة في العقد بينكما فإن من حق تلك الجهة أيضاً أن تحصل منك على التزامك بقوانينها وأنظمتها ومن ذلك الحفاظ على سرية المعلومات وعدم توريطها في أمور خارجة عن طبيعة عملها بحجة الحرية الشخصية، فلا توجد حرية مطلقة.

ما قاله أخيراً رئيس ديوان الخدمة المدنية أحمد بن زايد الزايد عن أهمية التزام موظف الخدمة المدنية بقواعد ومبادئ وقوانين الديوان يدخل في باب التذكير والتوضيح، فهو لم يأتِ بقوانين جديدة ولكنه ذكّر وأوضح عواقب الخروج على النظام المعتمد، أي أنه نبه إلى نتيجة عدم التزام الموظف بما هو متفق عليه بين الطرفين، وهو أمر طبيعي، إذ من غير المقبول ولا المعقول أن يشارك موظف الخدمة المدنية في مثل الانفلات الذي حصل أخيراً في وسائل التواصل الاجتماعي وأن تصدر عنه إساءات بسبب عدم استخدامه لتلك الوسائل التي صارت متاحة للجميع بالطريقة الصحيحة وانتهاكه من خلالها الآداب والسلوك العام بشكل غير مهذب وغير لائق أخلاقياً.. خلافاً لمقتضيات الوظيفة العامة خصوصاً إن مس ذلك بالأمن القومي والوطني ونال من الأشخاص والطوائف والأديان في المملكة.

لهذا فإن من الطبيعي أن يخضع مرتكب مثل هذه المخالفات للمساءلة القانونية وأن يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وتطبيق الجزاءات التأديبية ضد كل من يثبت أنه تورط في مثل هذا الفعل الغريب على أخلاق أهل البحرين والمرفوض مجتمعياً.

كل الموظفين التابعين لديوان الخدمة المدنية يعرفون أن الديوان يطبق الجزاءات التأديبية ضد الموظف الذي تثبت مخالفته وأن الجزاء قد يصل إلى الفصل من الخدمة وهو ما يحدده جدول المخالفات والجزاءات المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والتي يفترض أن الموظف على اطلاع عليها ويعرفها جيداً . بمعنى أن الديوان يمارس حقه في مخالفة المخالفين، ففي هذا يكمن الصالح العام.

زيادة في التوضيح قال الزايد إن «مدونة قواعد السلوك وأخلاقيات الوظيفة العامة تؤكد أن على الموظفين في الجهات الحكومية الإخلاص لجلالة الملك ولوطنهم مملكة البحرين والتقيد بقواعد ومبادئ الدستور والعمل على احترام وتطبيق القانون والتشريعات والنصوص والأنظمة المعمول بها في الدولة.. وذلك من خلال التزامهم بتأدية واجباتهم الوظيفية والمحافظة على كرامة الوظيفة وهيبتها وفقاً لما هو ثابت بنصوص آمرة في قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية».

كل هذا لا ينفي طبعا أن من حق الموظف – كونه مواطناً وكون الدستور يكفل له حق التعبير عن رأيه – أن يعبر عن قناعاته ويدافع عنها، لكن هذا يكون بشكل موضوعي – كما قال رئيس ديوان الخدمة المدنية – وبالالتزام والمحافظة على النظام العام والآداب العامة وعادات وتقاليد المملكة والقوانين والأنظمة السارية فيها. بمعنى أن من حق الموظف أن يعبر عن رأيه وأن يتخذ موقفاً حسب قناعاته وفكره لكن من دون تجاوز قوانين وأنظمة الخدمة المدنية ومن دون تجاوز العادات والتقاليد والأعراف والأخلاق، والأكيد أنه من غير المقبول أن يكون الموظف وراء الرسائل والمقالات المجهولة والتي تسيء لجهة عمله والمسؤولين فيها والحكومة والمجتمع والوطن.

ما شرحه رئيس ديوان الخدمة المدنية ربما لم يكن مدوناً في السابق بهذا التفصيل والوضوح ولكنه كان مطبقاً ويعتبر من البديهيات.