بقدر ما نقسو على بعض مؤسسات الدولة وننتقدها فإننا في نهاية الأمر سيكون قلبنا على الوطن والمواطن. فنحن لسنا بصدد فتح معارك مع الجهات الحكومية الموقرة بقدر ما تكون كل محاولاتنا عبارة عن مد جسور شراكة بيننا وبين الجهات الرسمية المحترمة. بعض من مؤسسات الدولة تدرك هذا الأمر جيداً، ولهذا نجدها لا «تتضايق» أو حتى تتذمر من نقدنا لأدائها في حال صدر منها بعض القصور، بل تستقبل كل ما نكتبه «هنا» بصدر رحب وبإرادة وطنية مخلصة، أمَّا بعضها الآخر -وهي قليلة جداً- فإنها تتحسس من طرحنا وتسيء فهماً وربما تقوم بتأويله وبتفسيره على أنها معركة وليست حركة تصحيحية للمسارات الخاطئة في الأداء الحكومي. في مقالنا المعنون «الأشغال وحلولها» والذي كتبناه مؤخراً، حاولنا تسليط الضوء على بعض الثغرات التي نراها ونعتقدها في المشاريع الحيوية الخاصة بخلق الحلول المؤقتة للازدحامات المرورية الخانقة في منطقتي سلماباد ومدينة عيسى، ونحن نعترف بأننا قسونا كثيراً على وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني ومع كل هذه القسوة لم تنفعل الوزارة من قساوة النقد بل ما حدث هو العكس، إذ تفاعلتْ مع المقال بشكل إيجابي حين بادرت بإرسالها رداً في قمة الأدب والذوق والتحضر وبتوقيت قياسي جداً، وهذا يعني أنها تسعى بقوة للإصلاح والتطوير لأجل البحرين. وسواء أقنعنا رد وزارة الأشغال أم لم يقنعنا فإننا يكفينا منها شرف الرد بطريقة لبقة ومتقدمة، وهذا يدل على أن العاملين في قسم العلاقات العامة بالوزارة -وعلى رأسهم مدير إدارة الاتصال الأستاذ فهد جاسم بوعلاي- يعون جيداً أهمية الشراكة بينهم وبين بقية وسائل الإعلام وعلى رأسها الصحافة المحلية، حتى إنهم دعونا كصحافيين حين قالوا لنا بالحرف الواحد بأنه «يسر وزارة الأشغال ممثلة في إدارة الاتصال توجيه دعوة لجميع الإخوة والأخوات كتاب الأعمدة والصحافيين للتواصل معها، وذلك ضمن توجهنا وحرصنا على فتح المزيد من قنوات الاتصال لتعزيز الشفافية والمصداقية والرد على استفساراتكم عبر هواتف الوزارة وبريدها الإلكتروني». نحن بدورنا ومن هذا المنبر نشكر ونثمن هذا التعاون المثمر بيننا وبينهم في كل الحالات، لأننا نؤمن أن دورنا ودور مؤسسات الدولة هو التكامل والوصول لأفضل الخدمات المقدَّمة للمواطنين.

كما بدورنا نشكر أيضاً «هيئة تنظيم الاتصالات» الموقرة على ردها المتقن بخصوص مقالنا الذي يحمل عنوان» هيئة تنظيم الاتصالات.. نريد حلاً»، إذ أسهب الإخوة في إعداد رد يليق بمكانة هذه الهيئة دون أن تنفعل أو تشخصن النقد، بل كان ردها يحاكي المشكلة ويغطي جوانب كل تساؤلاتنا حيال المشكلة التي طرحناها في ذلكم المقال، وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على جودة العلاقات العامة بالهيئة والقائمين عليها. هذان نموذجان متحضران للعلاقات العامة في الدولة، نتمنى أن تصاب بعدواهما بعض مؤسساتنا الرسمية التي تترفع عن الرد أو تتهرب منه لاعتقادها الخاطئ بأننا ضدها وليس معها في حركة ومسيرة الإصلاح والترميم والبناء لمؤسسات رسمية تنتمي لوطن عزيز على قلوبنا. نرجو أن تكتمل الصورة بتعاوننا وتكاتفنا وليس بتنافرنا وتباعدنا.