بدأت اللغة المتصاعدة لدى بعض النواب تبدو واضحة جداً خلال هذه المرحلة المتبقية من عمر المجلس. اليوم بدأنا نسمع أصواتاً نيابية كانت خرسى لم تنطق خلال أربعة أعوام مضت، حتى إن بعض النواب لم نكُ نعرف حتى أسماءهم بسبب صمتهم وتغيّبهم عن المجلس. الآن «وبقدرة قادر» بدأ هؤلاء بانتقاد الحكومة بشراسة والبعض منهم يحاول أن يكون نصير الشعب «فجأة واحدة»، لكن حين يعرف السبب سيبطل بالتأكيد كل العجب.

لماذا أغلق بعض النواب -ومعهم الكثير من البلديين طبعاً- هواتفهم في وجه ناخبيهم طيلة الأعوام الأربعة الماضية؟ ولماذا لم يقدِّم هؤلاء الكسالى أي مشروع أو مساهمة تشريعية وخدمية لجمهورهم في الفترة الماضية؟ كيف تحوّل هؤلاء «الخرسى» إلى صوت رفيع مسموع في كل المحافل الإعلامية وعبر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي في محاولة بائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ظهور خائب خلال دور الانعقاد الحالي للمجلس؟

هل هي انتفاضة نيابية أو بلدية حقيقية للتغيير في الوقت بدل الضائع؟ هل هي صحوة ضمير وطني كان نائماً طيلة أربعة أعوام لكنه استيقظ خلال هذه الأيام الأخيرة من عمر المجلس؟ أم أنه «الكمين» الذي ينصبه بعضهم للعودة للمجلسين النيابي والبلدي عبر استعطاف الناس بإظهار حسّهم الثوري داخل المجلس عبر الصراخ الفاضي ورفضهم لكل قرار حكومي مثلاً؟

هذا السلوك غير المنتج والفجّ بات مكشوفاً للجميع، فالناس أذكى من دعاياتهم الانتخابية للدورة القادمة، فلا يمكن أن يكرر الشعب الناضج أخطاء الماضي، ولن يقوم بانتخاب نائب أغلق هاتفه في وجوههم لمدة أربعة أعوام خلت من الفشل والغياب وعدم الإنتاج ليعود اليوم كالفاتحين على ظهر حصان أسود ليأخذ دور الفارس المنقذ الملهم الشهم. هذا السلوك الطائش لا يمكن أن ينطلي على الناخبين في المرحلة القادمة، ولا يمكن لهذه الدعايات الانتخابية السَّمجة أن تنجح مع جمهور تضرر من غيابهم خلال المرحلة الفائتة، فالثورية والصراخ ورفع منسوب الصوت وتكثيف التصريحات للصحف المحلية والمواقع الإلكترونية ونشر فضائلهم عبر مواقعهم الخاصة لن يمحو كسلهم وغيابهم وصمتهم وعدم إنتاجيتهم خلال الأعوام الفائتة، فكل هذه الممارسات الدعائية لن تُؤتي أكُلها لانتخابات 2018 بسبب زيادة وعي الناس وتراكم خبراتهم الخاصة بالعملية الانتخابية، ولهذا فإننا ننصح هؤلاء بالتنحي عن الترشح مرة أخرى لوجه الله وإفساح المجال للوجوه والكفاءات الوطنية المخلصة، فالوطن يحتاج لنواب يدركون خطورة المرحلة وليس لنواب «العازة».