للجميع الحق باتخاذ موقف معارض من السلطة التنفيذية، الاعتراض على قراراتها التي ترى الحكومة ضرورتها لمواجهة الظروف الاقتصادية التي تمر بالمنطقة.

إنما يذكرني موقف الكتاب والحسابات المعروفة على وسائل التواصل الاجتماعي والمنتمية للجماعات الدينية تحديدا في البحرين، بموقف الفروع الأخرى لتلك الجماعات في دول أخرى كمصر على سبيل المثال، والمتابع لموقف كتاب الإخوان تجاه قرارات الحكومة المصرية التقشفية يرى العجب العجاب.

إذ حين قررت حكومة حسني مبارك أن ترفع الدعم عن البنزين قبل الثورة هاجت الدنيا وماجت وأكثر من هاجمها ولم يبق ولم يذر عنها كان نواب الإخوان المسلمين في مجلس الشعب حين ذاك، الذين اعترضوا بشدة على تلك القرارات، وبرز كتاب الإخوان المسلمون في الصحف المصرية في تلك الحقبة وظهروا بمظهر الأبطال الشعبيين المدافعين عن «الغلابه» الرافضين رفضا تاما لقرار رفع الدعم عن البنزين، وتدور الدوائر، ويسقط حسني مبارك وتشكل الجماعة الإخوانية حكومتها ويرأسها مرسي، وتقرر حكومة مرسي أن ترفع الدعم عن البنزين، ويا سبحان الله نفس الكتاب نفس النواب نفس الرافضين للقرار، ينبرون هذه المرة للدفاع عنه وتنبري الحكومة الإخوانية في الدفاع عن سياسة رفع الدعم، بل إن هشام قنديل رئيس وزرائهم الإخواني قال «إننا تأخرنا كثيرا في رفع الدعم».. يا سلااام؟ المسالة إذا كانت تسلق على ظهور الناس وبلوغ سدة الحكم ووصولاً لاحتكار القرار لا أكثر ولا أقل و من بعدها «يحلها ألف حلال؟» أين هو بديلكم إذا؟.

ليس الإخوان المسلمون فقط من يتلونون ويتبدلون بعد اعتلائهم كرسي السلطة، إذ تذكرت أيضا موقف الملالي من قرار تنظيم النسل أيام الشاه، وقتها لم يكونوا في السلطة، فهاجم الملالي ومريديهم وكتابهم موقف الحكومة الإيرانية حين ذاك ونعتوها بكل الصفات وكفروها، حتى قامت الثورة وحين تولى الملالي الحكم حصلت إيران تحت حكم الملالي وفق لتقارير منظمة الصحة الدولية على أفضل المواقع المتقدمة لنجاح برنامجها الوطني التنظيمي للنسل!!. يا سبحان الله كيف تتلون الوجوه وكيف تستغل احتياجات الناس البسطاء لصناعة الأبطال الشعبيين دون اعتبار لقيم الصدق ومبادئ الإخلاص ودون أدنى مسؤولية، وحين الحصول على الغاية يظهر الوجه الآخر.

الأردن والمغرب من الدول التي وصلت لها الجماعات الدينية وخاصة الإخوان للسلطة بالانتخابات، وجرى فيها نفس الموقف لكتاب ولصحافيين حزبيين تراهم يتبدلون 180 درجة ويتفهمون ويدافعون عن قرارات أي وزير يحالفهم، أو يكون من جماعتهم لقرارات رفضوها سابقاً، حتى انكشفت تلك الجماعات وانكشف استغلالها وجشعها للسلطة، وكيف تسقط القيم والمبادئ التي كانوا يدافعون عنها بمجرد وصولهم.

نحن على أبواب انتخابات بحرينية، وسيكون من الممتع مراقبة مواقف الكتاب والحسابات التابعة للجماعات الدينية حين تكون الجماعة خارج السلطة، وحين تكون داخلها السلطة -إن فازت- كسلطة منتخبة أو كتوزير لأحد كواردهم أو حلفائهم -إن شاءت الحكومة- لنرى كيف سيتعاملون مع ذات المواقف التي ستتكرر.

لسنا نتهم كل من يهاجم الحكومة وقراراتها بأنه متغير ووصولي، أبدا أبدا، ولا كل منتقد لقراراتها إنه متبدل، بل بالعكس كل دولة وكل مجتمع وكل حكومة تحتاج لمن يوازن سلطاتها بأخرى تعارضها، على أن.. ونضع خطين تحت اشتراط «على أن» أن تملك تلك التي تعارضها بدائل لحلولها, إذ لا يكفي أن ترفض الحل بل اعطني البديل، لا أن تعارضها لتسقطها حتى تجلس مكانها ثم تطرح ذات الحلول حين تصل، تلك لم تكن معارضة ذلك كان صراع على السلطة ورغبة من الأحزاب لإيصال كوادرها فحسب، وهي أحزاب مستعدة لاستخدام أي وسيلة للوصول لغايتهاـ و الأيام بيننا.

الإمام الشافعي له بيت شعر جميل يصف فيه هذا الحال:

ولا خير في ود امرئ متلون *** إذا الريح مالت مال حيث تميل