في مقال الأمس تناولت قضية تسييس الحج وكيف أن المملكة العربية السعودية لطالما تعرضت للاستهداف في ضرب سمعتها وقدرتها على إدارة الحج، ذاك الذي أدارته منذ تاريخها بكفاءة واقتدار، وكنت قد وعدت في مقال الأمس بالوقوف «هاكاثون الحج» باعتباره واحدة من أحدث الخدمات أو المشروعات الهامة التي قدمتها المملكة هذا العام كبادرة ريادية هامة تدمج ما بين التقنية وما بين خدمة الحجيج؛ وهو الأمر الذي أعلن عنه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز. فالمملكة العربية السعودية لم تكتفِ ببذل الجهد والمال من أجل خدمة حجيج بيت الله الحرام الذين يتجاوز عددهم مليوني شخص كل عام، وإنما دأبت سنوياً على البحث عن حلول مبتكرة لمشكلات تواجهها أو معوقات إذا ما تم تذليلها تحققت ضمانة تسهيل الحركة ومناسك الحج على ضيوف الرحمن.

من هنا انطلقت المملكة العربية السعودية هذا العام بمشروعها التقني الرائد باحثة عن أفضل السبل والأفكار من أجل تحويلها إلى مشروعات حقيقية في مجالات الحج المختلفة، راصدة لها مبالغ مجدية نظير الأفكار، لما ستشكله من إسهام كبير في رفع جاهزية السعودية وتميزها في استقبال الحجاج سنوياً، ومن بين هذه المجالات التي عكفت على البحث عن حلول مبتكرة لها «ترتيبات السفر والإقامة والإسكان، والصحة العامة، وحلول التواصل، والحلول المالية والاستثمارية، والأغذية والمشروبات، وإدارة المخلفات والنفايات، والتحكم في إدارة الحشود والمواصلات والتحكم بإدارة المرور»، وقد سعت المملكة العربية السعودية للبحث عن هذه الحلول من خلال برنامج تنافسي مبتكر يتيح الفرصة للشباب والمهتمين من كافة أقطاب العالم للدلو بدلوهم.

إن مشروع هاكاثون الحج وإن كان بإدارة سعودية إلاَّ أنه فتح الآفاق واسعة أمام الإسهامات والمقترحات من كافة الأفراد في العالم كل في مجال اهتمامه أو تخصصه أو إمكانيات عطائه، بل أن الإعلان عن المشروع في موقعه والدعوة للمشاركة فيه إنما تدفع لمزيد من التحدي ليس من أجل الفوز بالجوائز وحسب، بل ليشعر المرء أنه قدّم إسهاماً جليلاً وعملاً غاية في الأهمية بمستوى أهمية الحج في الدين الإسلامي وإكرام ضيوف الرحمن، وقد لفتني نص الإعلان المشجع للانضمام الذي نصه «انضم إلى ألمع العقول في أكبر تحدٍ: هاكاثون الحج. كل عام يقوم أكثر من مليوني شخص من شتى أنحاء العالم بالذهاب إلى السعودية لأداء الحج. كيف يمكنك استغلال التكنولوجيا والإبداع لتيسير العملية وتحسين التجربة العامة للحجيج؟».

* اختلاج النبض:

مبدعو التكنولوجيا، العاكفون على مواكبة المستجدات في مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني، المهتمون من الشباب، لا شك في أن كثيراً من مخزونكم المعرفي سيسهم في تقديم حلول مبتكرة لواحدة من أهم الشعائر، بما ينقل المشاركين ومن معهم من مرحلة المتلقي أو المتعرض للأحداث إلى صناعتها. المبتكرون كثر والمأمول أكثر، بوركت الجهود السعودية، وبوركت فكرة إشراك العالم الخارجي.