بينما احتفلنا برأس السنة الهجرية، احتفل اليهود 11 سبتمبر 2018 برأس السنة العبرية، إذ تصل الصلوات ذروتها حين ينفخ في بوق مصنوع من قرن كبش، رمزًا لكبش الفداء الذي منّ به الله سبحانه وتعالى على سيدنا إبراهيم، عندما امتثل لأمر ربّه وهمّ بذبح نجله. لقد تزامن الاحتفالان ربما لأن أوجه الشبه بين التقويم العبري والهجري كبيرة، فكلاهما يعتمد على دوران القمر. من المفارقات أن تصادفت المناسبتان، وهي كما يقال ظاهرة غير عادية تتكرر كل 30 سنة، ولمدة 3 سنوات.

أما غير العادي حقاً، فكامن في التهاني التي تلقاها الشعب اليهودي من زعماء يفترض أنهم في خانة الغريم لهم. وسنمر مرور الكرام على تهنئة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي قال فيها «نحن أبناء حضارة عريقة، تعطي أهمية بالغة لحرية الديانة والمعتقد، وتعتبر كل تنوع اجتماعي وثقافي وديني وبشري خيراً. متمنياً لجميع أبناء الشعب اليهودي والمواطنين الأتراك منهم في المقام الأول، «روش هاشناه» سعيداً».

أما الأخرى الأهم، تهنئة اليهود من قبل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بقوله انه يتمنى لجميع اليهود «السلام والإنسجام» بمناسبة رأس السنة العبرية، إذ غرّد الرجل الظريف بظرافته المعهودة قائلاً «في الوقت الذي تفسح فيه الشمس المجال للقمر، أتمنى لجميع أبناء وطني اليهود، واليهود في جميع أنحاء العالم، سنة جديدة سعيدة مليئة بالسلام والانسجام. «روش شاناه» سعيداً».

ونتسائل هنا: على من تغني مزاميرك يا ظريف؟! فالمواجهات بين طهران وتل أبيب لم تشهد عنفاً كما شهدته هذا العام..!! وهنا نستدرك أن ظريف لم يسبق له أن هنأ اليهود من قبل..!! فهل هنأهم هذه المرة بعدما قصفوا رجاله في سوريا؟! ظريف هنا يغازل يهود أمريكا «8.15 مليون»، وفرنسا «453.000»، وكندا «391.000»، وبريطانيا «290.000» نسمة، لأن يهود إيران حالياً لا يتجاوزون 8 آلاف فقط بين طهران وأصفهان.

كيف يعايد ظريف تل أبيب رغم قيام عملاء إسرائيليين بسرقة أرشيف إيران النووي، وجعلهم مسخرة على يد نتنياهو على شاشات التلفزيون؟!! كيف يعايدهم.. بعدما أطلق «فيلق القدس» -التابع للحرس الثوري الإيراني في جنوب سوريا- 20 صاروخاً باتجاه إسرائيل، ليكون الرد دك الطائرات الإسرائيلية لمواقع إيرانية في سوريا؟!! كيف يعايدهم.. والكل في طهران -من خامنئي إلى أصغر تلميذ إيراني- يتبادلون «الموت لإسرائيل» قبل أن يتبادلوا السلام على بعضهم البعض؟!

* اختلاج النبض:

يردد الإيرانيون كلمة «المنافقين» أكثر مما تستخدمها بقية أرجاء العالم، فزمرة المنافقين لديهم تتمثل في مجاهدي خلق، والمنافقين هم العرب الذين لا يدعمون إيران، والمنافقين هم الأمم المتحدة التي تعمل ضد طهران..!! ما يجعلنا نورد آخر التساؤلات عن من هو المنافق الأكبر الذي يهنئ اليهود، وفي نفس اليوم تنهال صواريخه على المسلمين في سوريا، ويطلق الحوثيون صواريخه على دول الخليج؟!