يمثل دعم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء -حفظه الله- لمسيرة الصحافة البحرينية علامة فارقة في تاريخ هذه المهنة العريقة، فقد كان إيمان سموه الراسخ ومتابعته الحثيثة للدور الهام الذي تقوم به الصحافة والعاملون فيها في مضمار بناء نهضة المملكة ومسيرتها التنموية عاملاً حاسماً في نجاح الصحافة في البحرين كي تقوم بوظائفها الإخبارية والتنويرية والرقابية باعتبارها سلطة رابعة تؤازر مؤسسات الدولة الأخرى للوصول إلى مجتمع متماسك متحضر قادر على مواجهة المخاطر والتحديات التي ما انفكت تواجه المنطقة منذ سنوات! وما كان لنا أن نرى اليوم هذه الثمار الناضجة والنتائج المميزة التي يحق لكل مواطن بحريني وعربي أن يفتخر بها لولا هذه الرعاية السامية والفهم الحكيم من لدن سموه حفظه الله، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا غافل أو شارد!! وإذا كان آرثر ميللر يقول «إن الصحافة أمة تتحدث عن نفسها»، فإن صحافة البحرين استطاعت أن تعكس واقع المجتمع، وتعبر عن آماله وطموحاته، وتدافع عن قيمه وحقوقه، وأن تتجنب الوقوع في فخ تجارب لمجتمعات أخرى حيث انزلقت صحافتها إلى ضفة الفتن والأكاذيب!

ثمة عوامل توافرت لهذا النجاح، أولها: توافر مشروع ملهم تمثل في انطلاق المشروع الإصلاحي الديمقراطي الرائد لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، منذ عام 2001، وهو ما سبق ما سمي بـ»الربيع العربي»، بعشر سنوات، حيث أطلق هذا المشروع مساحات واسعة للحرية الصحفية مما انعكس في إصدار صحف جديدة على أسس ومعايير مهنية عالمية، وسمح للأقلام من كافة الآراء أن تعبر عن آمال الجمهور ومشكلاته بكل حرية وارتياحية من دون وصاية أو فرض رأي معين.

ثانياً: توافر مخزون وزخم ثقافي وحضاري ممتد وهو ما تتميز به الحركة الثقافية في البحرين منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وحتى الآن.

ثالثاً: توافر الكوادر البشرية المؤهلة القادرة على التماهي مع تلك الانطلاقة السياسية والاجتماعية والتشريعية، فكان لكتاب البحرين ومثقفيها وكذلك كوادر وزارات الإعلام المتعاقبة دور في هذا الزخم، كما دشنت جامعة البحرين برنامج الإعلام منذ عام 1989، مما ساهم في نقل الممارسة إلى آفاق أرحب من المهنية والاحترافية ليس في مجال الصحافة الورقية فحسب ولكن في المجالات المستحدثة التي ازدحم بها المشهد الإعلامي منذ ذلك الحين.

لقد قامت الصحافة البحرينية بدورها الوطني خير قيام عبر المشاركة في بناء الدولة الحديثة وبث الوعي في ربوع الوطن، ومواجهة الأزمات بمهنية وشجاعة، ولم ترضخ للظروف الصعبة وقت الشدائد، وكانت الدولة، تدعم- ولاتزال- هذه المسيرة فقامت الصحافة البحرينية بمراقبة الخلل وسعت إلى تصويبه عبر النشر واجتراح الحلول والمعالجات وتزويد الناس بالمعلومات الصحيحة وتحليل هذه المعلومات بموضوعية ونزاهة وحياد ومسؤولية وطنية. وكان صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء -ولايزال- حريصاً على توجيه الحكومة إلى إمداد الصحافة بالمعلومات اللازمة ومتابعة كل ما ينشر ويبث من ملاحظات أو شكاوى ويوجه إلى تحري أسبابها وإيجاد الحلول اللازمة لها بالسرعة الممكنة. ومن واقع «التجربة الشخصية «فقد كان مكتب سموه يتابع كل ما يبث عبر إذاعة البحرين من ملاحظات وشكاوى المواطنين عبر برنامج «صباح الخير يا بحرين»، لسنوات طويلة، ويبادر فوراً إلى توجيه المسؤولين في الدولة إلى متابعتها وحلها على الفور، كما أن نهج سموه الذي يعلمه الجميع هو تلمس أحوال المواطنين عامة والصحفيين والإعلاميين والكتاب خاصة في كل الأوقات ورعايتهم ودعم مؤسساتهم، من دون أن يكون ذلك مرتبطاً بمناسبة معينة، بل يتفقد أحوالهم ويحرص على الاستماع إليهم ويقدم لهم كل ما ييسر أعمال مهنتهم، دعماً من سموه لهم وتقديراً لدورهم المؤثر في مسيرة البناء والتقدم.